الأخبار

اسماعيل الشريف يكتب : في عيد الاستقلال

اسماعيل الشريف يكتب : في عيد الاستقلال
أخبارنا :  

«أقف بكل هذه الثقة والقوة والاعتزاز، لأن حولي شعبًا عظيمًا شامخًا» الملك عبد الله الثاني ابن الحسين.

يتجاوز الأردن حدود الجغرافيا؛ فهو أرض العزم، وأرض الحشد والرباط، لوقوعه على خطوط التماس مع فلسطين، ولجهاد أهله في الدفاع عنها. وقبور جنوده، كالورود، تزيّن ثرى فلسطين في طولها وعرضها.

وهو بيت الهاشميين، ومملكة السلام، لدوره التاريخي المعتدل في النزاعات الإقليمية.

وهو قلب الشرق الأوسط، إذ يتوسط الشام والجزيرة والعراق.

وهو بوابة المقدسات، طريق الحجاج وزوّار القدس وبيت لحم.

وهو شرق النهر، كما ورد في أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام، التي تُبشّر بتحرير فلسطين عبره. وكما نؤمن نحن بهذه الأحاديث، يدرك الصهاينة معناها جيدًا؛ لذلك قرّر «الكابينيت» الصهيوني هذا الشهر إنشاء سور بطول 425 كيلومترًا على حدود الأردن، وإقامة بؤر استيطانية في منطقة الأغوار، رغم وجود معاهدة سلام مبرمة بين الطرفين.

وهو أرض النشامى، الشجعان، أحفاد الصحابة وأبناء الشهداء، الذين ارتضوا أن يحكمهم بنو هاشم، رحم النبوة، وقادة الثورات ضد الظلم، منذ سيدنا الحسين بن علي، أحد سيّدي شباب أهل الجنة.

هذا هو الأردن، هذا هو وطني.

جاءت بداية وطني مضطربة؛ فقد خرج من رحم الأمل والطموح، وكان نواةً لمشروع عربي أكبر، لكنه ما لبث أن اصطدم بقوى الاستعمار التي مزّقت العالم العربي، فوقع الأردن تحت الوصاية البريطانية.

حتى جاء استقلاله في الخامس والعشرين من أيار عام 1946؛ استقلالٌ لم يكن وليد اللحظة، ولا منحة من بريطانيا، بل ثمرة مفاوضات طويلة وشاقة، قادها الملك عبد الله الأول، مدعومًا بالجيش والعشائر الأردنية.

تلك العلاقة الثلاثية المتينة بين القيادة والجيش والعشائر لطالما حمت الأردن من العواصف، وقادته إلى برّ الأمان.

وكان من أسباب انتزاع الأردن لاستقلاله ذلك الاستقرار الداخلي الذي تمتع به مقارنة بدول الجوار، إضافة إلى وجود مؤسسات دولة فاعلة، وجيش قوي، وهيكل إداري متماسك، مكّنه من الانتقال بثبات نحو الاستقلال.

وقد ظل هذا العامل الاستقرار المؤسسي سببًا رئيسًا في نجاح الأردن وسط إقليم ملتهب، يعصف به التغيير وتتناوب عليه الأزمات.

لذلك، نرى جلالة الملك يبذل جهودًا حثيثة لترسيخ هذا المفهوم، من خلال إرساء دعائم الدولة الأردنية الحديثة، وتعزيز سيادة القانون والعدالة والمساءلة.

كما يطلق العشرات من المبادرات، مثل تحديث المنظومة السياسية، وترسيخ التعددية الحزبية والمشاركة السياسية، وتعزيز استقلال السلطة القضائية، ومكافحة الفساد، وترسيخ الشفافية، ودفع عجلة التحول الرقمي، إلى جانب تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.

ولم يغفل الملك أهمية مؤسساتنا الأمنية، التي تمثل عنوان عزتنا وكرامتنا وأمننا وفخرنا، حيث يشدّد دائمًا على ضرورة التزامها بالقانون، والعمل ضمن إطاره، بما يضمن حفظ أمن الوطن وكرامة مواطنيه، بعيدًا عن أي تجاذبات سياسية.

لذلك، بقي وطننا متماسكًا وقويًا، يخرج من كل تحدٍ أكثر صلابة، بفضل حنكة ملوكه، وتماسك مؤسساته، وقوة أجهزته الأمنية، والتفاف شعبه حول قيادته.

هو وطن تحكمه المؤسسات، ويعلو فيه صوت القانون فوق كل الأصوات الأخرى.

يحق لنا أن نحتفل بذكرى استقلالنا بكل فخر، فقد بقي الأردن، كما أراده البناة الأوائل، واحةً للاستقرار، وموطنًا لكل الأحرار العرب، وقصة نجاح ترويها الأجيال، جيلًا بعد جيل. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك