الأخبار

الطبيب الطراونة يوجه رسالة الى رئيس الوزراء .. تفاصيل :تحديات جمة ومقترحات عملية لتحسين اداء القطاع الطبي الخاص وتعزيز دوره في الاقتصاد الوطني

الطبيب الطراونة يوجه رسالة الى رئيس الوزراء .. تفاصيل  :تحديات جمة ومقترحات عملية لتحسين اداء القطاع الطبي الخاص وتعزيز دوره في الاقتصاد الوطني
أخبارنا :  

وجه الدكتور محمد حسن الطراونة رسالة الى رئيس الوزراء دولة جعفر حسان تتضمن ( تحديات جمة ومقترحات عملية لتحسين اداء القطاع الطبي الخاص وتعزيز دوره في الاقتصاد الوطني ) وتاليا نص الرسالة :

دولة رئيس الوزراء الأكرم،
تحية طيبة وبعد،
أتوجّه إلى مقامكم الرفيع اليوم بقلب مثقل بهموم قطاع حيوي لطالما كان علامة فارقة في مسيرة الأردن، ألا وهو القطاع الصحي الخاص. هذا القطاع الذي أسهم ولا يزال في رفعة اقتصادنا الوطني، ويضم كفاءات طبية نفتخر بها عالميًا، بات اليوم يئن تحت وطأة تحديات جمة تهدد استدامته ومكانته المرموقة.
وإننا إذ نرفع هذا الأمر إلى مقامكم، نستذكر بكل تقدير ما أولاه جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم من اهتمام بالغ بتطوير القطاع الطبي والاستمرار في تحديثه وحوسبة أنظمة المستشفيات والعيادات وتعزيز التشاركية ما بين القطاع العام والخاص، وهو ما تجلى بوضوح في كتاب التكليف السامي لحكومتكم الرشيدة.
إن تراجع السياحة العلاجية، التي كانت تشكل رافدًا هامًا للمستشفيات والعيادات الخاصة، قد ألقى بظلاله على الوضع المالي لهذه المؤسسات. وإلى جانب ذلك، يواجه أطباؤنا في القطاع الخاص ضغوطًا متزايدة تتمثل في عدم تطبيق تسعيرة عادلة لخدماتهم، وتحديات جمة تعرقل سير عملهم بكفاءة.
لقد تفاقمت هذه الضغوطات بسبب الحاجة الملحة إلى تعديل تشريعات نظام العيادات والفوترة وأنظمة شركات التأمين. فمن المؤسف أن نشهد إغلاق عدد من المستشفيات والعيادات، وهجرة بعض الكفاءات الطبية، الأمر الذي يستدعي وقفة جادة والتفاتة عاجلة من حكومتكم الرشيدة، تماشيًا مع الرؤية الملكية السامية.
سيدي رئيس الوزراء، إن القطاع الخاص ليس مجرد مقدم للخدمات الصحية، بل هو رافد أساسي للاقتصاد الوطني. وأطباؤنا ليسوا مجرد ممارسين لمهنة سامية، بل هم ثروة وطنية يجب المحافظة عليها وتوفير البيئة المناسبة لازدهارهم وعطائهم. لقد حظي الأردن بسمعة طبية مرموقة على مستوى العالم بفضل كفاءة أطبائنا وجودة مؤسساتنا الصحية الخاصة، وهذا الإنجاز يستحق منا كل الدعم والرعاية، وهو ما يصب في صميم التوجيهات الملكية السامية.
اسمح لي يا دولة الرئيس أن أسلط الضوء بشكل خاص على غياب آلية واضحة لتطبيق نظام الفوترة الوطني في عيادات أطباء القطاع الخاص للمرضى المؤمنين لدى شركات التأمين. هذه المسألة تحمل في طياتها تعقيدات جمة تؤثر بشكل مباشر على عمل الأطباء وحقوقهم، وتعيق في نهاية المطاف تقديم الرعاية الصحية المثلى للمواطنين.
إن الوضع الحالي يشوبه العديد من الإشكاليات، من أبرزها:
* تولي شركات التأمين توريد نسبة الاقتطاع لضريبة الدخل (5%)، وحيازتها لكافة بيانات المرضى المؤمنين وسجلات زياراتهم، مما يثير التساؤلات حول دور الطبيب في هذه العملية.
* عدم وضوح مصير المطالبات التي ترفضها شركات التأمين بعد أن يقوم الأطباء بفوترتها، مما يضع الأطباء في موقف ضبابي وغير آمن ماليًا.
* تذبذب الخصومات التعاقدية مع شركات التأمين، وتأخر سداد المستحقات المالية لفترة قد تصل إلى ثلاثة أشهر أو أكثر، مما يطرح تساؤلات حول كيفية مطالبة الأطباء بتحمل مبالغ غير مقبوضة وغير محددة الأجل.
* غياب توضيح للانعكاسات الضريبية على فروقات مبالغ التسديد بين فاتورة الطبيب والمبلغ المسدد من شركات التأمين بعد الاقتطاعات، وعدم وجود جهة قانونية ضامنة في حال الخلافات، بالإضافة إلى الشكوك حول قانونية إنشاء فواتير بمبالغ غير مسددة وغير معروف موعد تسديدها.
* عدم ربط أنظمة شركات التأمين مع نظام الفوترة الوطني بعد قرار البنك المركزي بالتحول إلى النظام الإلكتروني، مما يضاعف العبء على الأطباء في إدخال فواتير المرضى المؤمنين بشكل فردي.
* غياب آلية واضحة لفوترة المرضى في المستشفيات الخاصة الذين يحملون تأمينات خاصة، مما يستدعي التأكيد على ربط الأنظمة المحاسبية في المستشفيات مع النظام الوطني للفوترة لضمان حقوق الأطباء.
إن استمرار هذه التعقيدات والإجراءات المطولة سيؤدي حتمًا إلى إضاعة وقت الأطباء الثمين في إدخال البيانات وانتظار الموافقات وإدخال الفواتير لكل مريض على حدة، مما سيقلل من الوقت المتاح لهم لمعالجة المرضى وتقديم الرعاية اللازمة. وهذا بدوره سيؤدي إلى عزوف الأطباء عن التعامل مع مرضى شركات التأمين، نظرًا للوقت والجهد الكبيرين المطلوبين لكل حالة، واحتمالية عدم استرداد كامل المستحقات. ولا يخفى على مقامكم الكريم أن هذا سيؤثر سلبًا على المرضى وعلى الأمن الصحي في الأردن بشكل عام، ويعيق تحقيق التكامل المنشود بين القطاعين العام والخاص.
لذا، اسمحوا لي أن أتقدم بمقترحات لحل هذه الإشكاليات وتعزيز القطاع، بما يتماشى مع الرؤية الملكية لتطوير القطاع الصحي، والتي تتضمن:
* توحيد الأنظمة الإلكترونية لشركات التأمين في نظام إلكتروني وطني موحد تحت إشراف الحكومة ممثلة بالبنك المركزي، بما يخدم توجهات الحوسبة التي أكد عليها كتاب التكليف السامي.
* ربط النظام الإلكتروني الموحد لشركات التأمين مع نظام الفوترة الوطني.
* مطالبة الأطباء بإصدار فاتورة يومية لمرضى الدفع النقدي وتقرير عن مرضى شركات التأمين.
* تنظيم دورات تدريبية مفصلة للأطباء في القطاع الخاص حول كل ما ذكر لضمان التطبيق السليم.
* تشكيل لجنة مشتركة بين نقابة الأطباء واتحاد شركات التأمين وضريبة الدخل والبنك المركزي ووزارة الصحة ممثلة بإدارة التأمين الصحي للإشراف على تنفيذ هذه المقترحات ومتابعتها.
* تشكيل لجنة وطنية عليا لتنشيط السياحة العلاجية: تتكون هذه اللجنة من ممثلين عن القطاع الخاص (المستشفيات والعيادات)، والجهات الحكومية المعنية (وزارة الصحة، وزارة السياحة والآثار، هيئة الاستثمار)، وأعضاء من مجلس النواب، وخبراء في مجال التسويق والترويج. تهدف هذه اللجنة إلى وضع استراتيجية وطنية متكاملة لجذب المرضى من الخارج، وتذليل العقبات التي تواجههم، وتقديم حوافز للمؤسسات الصحية التي تستقبل السياح العلاجيين.
* تفعيل دور الدبلوماسية الأردنية في الترويج والتسويق للقطاع الطبي والعلاج في الأردن: يجب تكليف سفاراتنا وقنصلياتنا في الخارج بدور فعال في التعريف بالإمكانيات والقدرات الطبية المتميزة في الأردن، والمشاركة في المعارض والمؤتمرات الطبية الدولية، وبناء شراكات مع المؤسسات الصحية العالمية.
* تطبيق نظام الصندوق التعاوني للأطباء في القطاع الخاص: يهدف هذا الصندوق إلى توفير مظلة أمان اجتماعي واقتصادي للأطباء العاملين في القطاع الخاص، وتقديم الدعم لهم في حالات الطوارئ والتقاعد وغيرها، مما يعزز من استقرارهم الوظيفي ويحفزهم على البقاء وتقديم أفضل ما لديهم.
* تطبيق لائحة أجور عادلة للأطباء في القطاع الخاص: إن وضع لائحة أجور واضحة وعادلة، تأخذ في الاعتبار خبرة الطبيب وتخصصه والجهد الذي يبذله، سيساهم في حفظ حقوق الأطباء وتقدير جهودهم، ويمنع استغلالهم، ويجعل القطاع الخاص أكثر جاذبية للكفاءات الطبية، بما يعزز من جاذبية القطاع ويحقق التكامل المنشود.
سيدي رئيس الوزراء، إن تبني هذه المقترحات مجتمعة، وتنفيذها في إطار التوجيهات الملكية السامية، من شأنه أن يحدث نقلة نوعية في القطاع الصحي الخاص، ويعزز دوره كرافد للاقتصاد الوطني، ويحافظ على مكانة الأردن كمركز إقليمي رائد في مجال السياحة العلاجية، ويضمن لأطبائنا الكفاءة والتحفيز اللازمين لتقديم أفضل مستويات الرعاية الصحية، ويحقق التكامل والتشاركية المطلوبة بين القطاعين العام والخاص.
أكرر ثقتي بحكمتكم وحرصكم على مصلحة الوطن والمواطنين، وأتطلع إلى دعمكم وتوجيهاتكم السديدة لتحقيق هذه الأهداف النبيلة، تنفيذًا للرؤى الملكية السامية.
مع خالص التقدير والاحترام،
الدكتور محمد حسن الطراونة
اختصاصي امراض صدرية القطاع الخاص

مواضيع قد تهمك