الأخبار

ماكرون في منطقة المحيط الهندي.. أيّ رهانات لهذه الجولة؟

ماكرون في منطقة المحيط الهندي.. أيّ رهانات لهذه الجولة؟
أخبارنا :  

يقوم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ابتداءً من هذا الإثنين، وحتى يوم الجمعة، بجولة في المحيط الهندي، تشمل مايوت ولا ريونيون ومدغشقر وجزيرة موريشيوس، حيث يعتزم الدفاع عن مكانة فرنسا المُتنازع عليها في المنطقة، وتأكيد رغبته في تعزيز التعاون.

تأتي الجولة في وقت تواجه فيه فرنسا تحديات تتعلق بسيادتها على عدة أراضٍ تابعة لها، ويرغب الرئيس الفرنسي في إعادة التأكيد على طموحات بلاده كقوة إقليمية، وكذلك على إرادة قوية في تعزيز التعاون مع دول جنوب غرب المحيط الهندي. وسيتم تناول عدة قضايا أساسية في هذا الإطار.
إعادة إعمار مايوت

المحطة الأولى لهذه الجولة ستكون جزيرة مايوت، التي وصلها إيمانويل ماكرون هذا الصباح، والتي كان قد وَعَدَ سكانها بالعودة، عندما زار الأرخبيل الفرنسي في ديسمبر/كانون الأول، بعد مرور الإعصار "تشيدو” المدمر، قبل أربعة أشهر.

أدى الإعصار إلى وفاة 40 شخصًا، وتسبّب في أضرار تقدّر بنحو 3.5 مليار يورو في أفقر إقليم فرنسي، والذي يعاني أصلًا من ضغوط هجرة قوية قادمة من جزر القمر.

وبعد أربعة أشهر من الإعصار المدمر، ما يزال سكان مايوت يعانون، في ظل عدم تسارع الأعمال الطارئة المتعلقة بإعادة المياه والكهرباء والاتصالات.

وكان الرئيس الفرنسي قد تعهد، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بإعادة بناء المساكن والبنية التحتية، على غرار إعادة بناء كاتدرائية نوتردام دوباري العريقة، مع اعتماد قواعد خاصة، وتقليص المهل الزمنية.

وفي فبراير/شباط الماضي، أقرّ البرلمان قانون طوارئ يتضمن تسهيلات في قواعد التخطيط الحضري وإعفاءات ضريبية لتسريع وتيرة إعادة الإعمار. وتأتي هذه الزيارة الجديدة إلى مايوت في وقت يُنتظر فيه عرض مشروع قانون ثانٍ يُعرف بـ "إعادة التأسيس” قريبًا في مجلس الوزراء، بهدف إقراره بحلول الصيف.

يتجاوز هذا القانون مسألة إعادة الإعمار المادي، إذ يسعى إلى "تمكين التنمية الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية للإقليم على أسس جديدة”، ويتضمن خصوصًا تدابير أكثر صرامة لمكافحة الهجرة غير النظامية القادمة بشكل أساسي من جزر القمر.

في لا ريونيون، المحطة الثانية لجولة الرئيس الفرنسي، سيتم التطرق إلى قضايا إعادة الإعمار في الجزيرة، التي ضربها الإعصار "غارانس” في فبراير/شباط الماضي، حيث تسبب في وفاة خمسة أشخاص وألحق أضرارًا تقدّر بـ 250 مليون يورو، منها 150 مليونًا في القطاع الزراعي فقط.
تعزيز وجود فرنسا في المنطقة

تسعى فرنسا إلى فرض نفسها كفاعل رئيسي في منطقة "الهندو-باسيفيك” بفضل أراضيها العديدة ومساحتها البحرية الشاسعة، التي تحتل المرتبة الثانية عالميًا بعد الولايات المتحدة.

وبفضل جزرها النائية (تروملين، غلورييز، خوان دي نوفا، يوروبا، وباساس دا إنديا) ومايوت في الشمال، تسيطر فرنسا على أكثر من نصف مساحة قناة موزمبيق، التي عادت لتكون مفترقًا إستراتيجيًا للنقل البحري الدولي. لكن موزمبيق تطالب بالسيادة على هذه الجزر، كما تطالب جزر القمر بسيادتها على مايوت، التي انفصلت عنها في عام 1975 لتبقى فرنسية. وتطالب جزيرة موريشيوس بجزيرة تروملين الواقعة شمال ريونيون.

ولتعزيز موقعها، ترغب فرنسا في تأكيد دور لا ريونيون الإقليمي، حيث تضم قاعدة بحرية في منطقة إستراتيجية لحركة التجارة الدولية، كما تحتوي على موارد غنية من المحروقات والثروات السمكية.

تستقطب هذه الثروات طموحات متزايدة من الصين، التي تستثمر بشكل مكثف في المنطقة، وكذلك من الولايات المتحدة وروسيا والهند. وقد دعمت موسكو مطالب مدغشقر المتعلقة بجزر غلورييز، كما دعمت جزر القمر بشأن مايوت.

وفي هذا السياق المعقد، يسعى ماكرون إلى تعزيز التعاون والتحالفات، مع اعتماد نهج معتدل بشأن نقاط الخلاف المتعددة. وينوي إعادة إطلاق اللجنة المشتركة حول مستقبل الجزر النائية التي تم إطلاقها عام 2019، كما سيتطرق إلى مسألة "استعادة” رفات بشرية تعود إلى فترة الاستعمار.

ويشمل ذلك على وجه الخصوص جمجمة الملك "تويرا”، الذي أُعدم بقطع الرأس عام 1897 على يد القوات الفرنسية، وتُحتفظ بها حاليًا في متحف الإنسان بباريس. وتطالب مدغشقر باستعادتها منذ عقود، لما تمثله من أهمية رمزية في العلاقات بين البلدين.
قمة لجنة المحيط الهندي

من بين المواضيع الحساسة الأخرى، سيكون موضوع دمج مايوت في لجنة المحيط الهندي (COI)، وهي هيئة حكومية دولية للتعاون تضم مدغشقر وجزيرة موريشيوس واتحاد جزر القمر وسيشيل، وريونيون كممثل عن فرنسا.

من المرتقب عقد قمة للجنة يوم الخميس المقبل في مدغشقر، وستكون لحظة بارزة في جولة إيمانويل ماكرون، حيث إن جزر القمر ومدغشقر وموريشيوس وسيشيل لا تعترف بالسيادة الفرنسية على مايوت، وتعارض انضمامها إلى اللجنة، رغم أن سكان مايوت يطالبون بذلك.

وبحسب الإليزيه، الهدف هو الوصول إلى "إدماج تدريجي” لمايوت، من خلال إشراكها في بعض برامج التعاون التابعة للمنظمة، خصوصًا في مجالات الصحة.
حمى الشيكونغونيا، القمح، والمحيطات

تُعاني لا ريونيون من تفشي حمى الشيكونغونيا، وهو مرض ينقله بعوض النمر. وسيتطرق الرئيس ماكرون خلال زيارته للجزيرة، الثلاثاء وصباح الأربعاء، إلى التحديات الصحية المرتبطة بهذا الفيروس، الذي تسبب في وفاة ستة أشخاص في ريونيون منذ بداية العام.

أما في جزيرة موريشيوس، المحطة الأخيرة من جولته، فسيقوم ماكرون بتوقيع اتفاقية لتوريد القمح، يُفترض أن تُغطي "جزءًا كبيرًا من احتياجات” الجزيرة.

كما سيتناول الرئيس الفرنسي أيضًا مسألة حماية المحيطات في مواجهة التغير المناخي والتلوث البلاستيكي، وسيزور سفينة "بلاستيك أوديسي”، وهي مبادرة لمكافحة هذه الآفة.

مواضيع قد تهمك