أبو دياب: الأردن عمقنا التاريخي والمقدسيون لا يثقون إلا بالملك

حاورته - نيفين عبدالهادي
للأردن مكان السند والعون السياسي والقانوني والإنساني للقدس الشريف، والمقدسيين، فلم يترك ملفا مقدسيا تحديدا المتعلق بما يهدد الوجود الإسلامي والمسيحي في المدينة المحتلة، أو ما يمكن أن يمس المقدسات الإسلامية والمسيحية إلا وحضر بمواقف عملية وحقيقية لدعم الحق المقدسي، علاوة على ما حققه من انتصارات للقدس في المحافل الدولية، وعلى منصة اليونسكو.
ويعتمد المقدسيون على الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بكافة ملفاتهم، وقضاياهم، اعتمادا حد الثقة المطلقة، وحد الثقة بالأردن وجلالة الملك فقط، في حل كافة قضاياهم، لمواجهة الخطط الإسرائيلية الرامية للسيطرة على القدس الشريف، ويرون بهذه المواقف أساسا لمواجهة الاحتلال والتصدي لخططه ضد المدينة المقدسة، إضافة للجهود التي تبذل خلال شهر رمضان الفضيل دعما للمسجد الأقصى والمصلين وتوفير كل ما من شأنه حماية المصلين وتمكينهم من أداء صلواتهم وعباداتهم دون أي معيقات.
وفي حديثهم عن المواقف الأردنية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني من استهداف الاحتلال لمدينة القدس الشريف، يؤكد المقدسيون أن الأردن لم يبخل عليهم يوما بأي مواقف، وكذلك بأي أوراق ثبوتية أو أوراق ملكية للأملاك المقدسية، وطالما قدم الأردن كل ما يحتاجون من وثائق وأوراق وطابو، وغيرها من البراهين التي تمنحهم حق الاحتفاظ بأملاكهم ومواجهة سياسات الاحتلال الإسرائيلي بسلبها أو السيطرة عليها، أو مشاركة الأهالي في ملكيتها.
مؤخرا، وفي قرار خطير، أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، قرارا يقضي بتحويل أي أرض في مدينة القدس لا يتمكن أصحابها من إثبات ملكيتها، إلى ما يعرف بـ»أملاك الغائبين»، ويطبق عليها قانون «التسوية» الذي سن عام 2018، مع منع أصحابها من الحصول على تصاريح البناء، ليس هذا فحسب، وإنما عدم الاعتراف بأي تواقيع للمخاتير، أو وثائق قديمة، وفي ذلك خطورة كبيرة على أملاك المقدسيين التي يملك المقدسيون وثائق ملكيتها لكنها في مجملها قديمة.
الأردن بدوره أعلن استعداده لتزويد المقدسيين بما يحتاجون من هذه الوثائق، والطابو، لكن هذا قرار الاحتلال يضع أملاك المقدسيين موضعا خطيرا وتحت وطأة إجراءات احتلالية خطيرة.
هذا القرار كان قد بدأ الاحتلال بتطبيقه في منطقتي الشيخ جراح وجبل المكبر، تحديدا في حي القنبر والأراضي القريبة من الجدار قرب أبو ديس، وساهم الأردن بشكل كبير في تقديم وثائق الملكية للمقدسيين في ذلك الحين.
والجديد اليوم أن الاحتلال يعمل على توسيع نطاق هذه الإجراءات، لتشمل جميع أنحاء القدس، مع تركيز خاص على بلدة سلوان، لا سيما في أحياء البستان، وبطن الهوى، وعين اللوزة.
وفي سعي جريدة «الدستور» لمتابعة الشأن الفلسطيني بصورة عامة، والمقدسي خلال الفترة الحالية بصورة خاصة، وقفت على تفاصيل ما تشهده مدينة القدس من سياسات وخطط احتلالية ودور الأردن المحوري في مواجهتها بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، وذلك في مقابلة خاصة من القدس مع الباحث المختص بشؤون القدس الخبير الدكتور فخري أبو دياب، الذي أكد أن الأردن دون شك هو عمق القدس التاريخي، وأن المقدسيين لا يثقون إلا بجلالة الملك وبالأردن، مشددا على أن الأردن لم يبخل على المقدسيين بأي وثيقة ملكية لأملاكهم لا سيما أن المؤسسات الأردنية تحتوي على عدد كبير من هذه الوثائق.
وكشف أبو دياب في حديثه الهاتفي الخاص لـ«الدستور» من القدس عن وجود اتصالات بين وزارة شؤون القدس الفلسطينية ومحافظة القدس والمؤسسات المعنية في الأردن، التي أكد أنها لا تبخل بأي مستندات تطلب، كما حدث في الشيخ جراح وحي بطن الهوا، فهناك اتصالات دائمة وتنسيق مستمر.
عمق تاريخي
وفي تفاصيل اللقاء، قال الباحث المختص بشؤون القدس الخبير الدكتور فخري أبو دياب: الأردن دون شك هو عمقنا التاريخي، وأيضا الأردن يملك الأوراق التي كانت حتى عام 1967، والتسجيلات موجودة في الدوائر الأردنية المختصة.
وأضاف أبو دياب: نحن في القدس لا نثق بأحد غير المؤسسات الأردنية نتيجة صدقها وتعاملها مع المقدسيين، فهي جزء لا يتجزأ من مواقف المملكة الأردنية الهاشمية الداعمة للقدس والمقدسيين.
ولفت أبو دياب إلى أن هناك اتصالات بين وزارة شؤون القدس الفلسطينية، ومحافظة القدس والمؤسسات المعنية في الأردن الذي لم ولن يبخل بأي مستندات خدمة للقضايا المقدسية، مبينا أن المقدسيين كانوا قد طلبوا وثائق وأوراقا ثبوتية لأملاك في حي الشيخ جراح وحي بطن الهوا، وتم تزويدنا بها من الأردن، مضيفا: نعم، هناك اتصالات بين وزارة شؤون القدس الفلسطينية والأردن الذي لم يبخل عنا بأي طلب نطلبه.
وقال أبو دياب إن الأردن يمتلك بعض الوثائق الموجودة بشأن أملاك القدس، ولكن حكومة الاحتلال وبلدية القدس الغربية تقوم بإجراءات تسوية تريد أن تلغي كل هذه الإجراءات سابقا، ففي حي البستان رفضت أوراقا سابقة، وفي بعض المناطق الأخرى رفضت الأوراق القديمة وتواقيع المخاتير فهي تريد أن تغلق وتقطع الطريق أمام هذه الوثائق الرسمية.
وبما أن هذا الأمر سياسي، وفق أبو دياب، «فنحن بحاجة لهذه الوثائق، خاصة أن الأردن يملك أوراقا سياسية هامة، فإن الأمر يحتاج ضغطا سياسيا على الاحتلال لأن الأمر لا يتعلق بالنواحي المهنية ولا حتى بالأوراق الرسمية، ذلك أن الاحتلال الإسرائيلي يريد أن يسلب ويسرق الأراضي لسن قوانين ظالمة للسيطرة أو على الأقل مشاركة الناس في أراضيهم».
وتابع: «نحن ندرك أن الأردن لا يبخل علينا بأي أوراق ووثائق رسمية، لكن حكومة الاحتلال والدوائر الرسمية والمحاكم الإسرائيلية ترفض هذه الوثائق الرسمية، كونها تعي تماما أننا نملكها فهي تريد أن تتجاوز هذه الإثباتات بفرض وقائع تهدف إلى السيطرة على الأراضي».
قانون التسوية
وردا على أسئلة «الدستور» حول واقع فرض قانون التسوية على حي البستان، وسلب أملاك المقدسيين، قال أبو دياب «لا يخفى على أحد أهداف الاحتلال بتطبيق ما يسمى بقانون التسوية حيث إنه يهدف إلى السيطرة على أراضي المقدسيين، وقد بدأ العمل في عدة مناطق لتطبيقه، ولكن في سلوان حتى الآن لم تقم بلدية الاحتلال أو السلطات المختصة في دولة الاحتلال بأي إجراء، وربما يحدث ذلك في الأيام أو الأسابيع القادمة».
وأشار إلى أن «لسلوان نصيب الأسد من محاولات السيطرة والمصادرة وسلب الأراضي والهدم، ولكن في حي البستان اشترطت بلدية الاحتلال للمضي في الحوارات واللقاءات أو قبول مخطط تقدم به أهالي حي البستان للتراخيص، بأنه يتم أولا إلغاء كل ما كان متعارفا عليه سابقا بختم المخاتير أو أي دلائل على ملكية مما كان سابقا».
وأضاف أنه «ثانيا اشترط الاحتلال أن يكون هناك إجراءات مشابهة للتسوية، بإثبات ملكية الأراضي وحصر الإرث، وهذا يعني أن الاحتلال يريد أن يكون له مدخل، وخاصة لما يسمى بأملاك الغائبين لمن يتواجد في هذه المنطقة، ومن لهم حقوق، لكنهم يعيشون خارج القدس أو في بلاد عربية أخرى، ليكون ذلك مدخلا للسيطرة عليها، خاصة في أملاك الغائبين بالسيطرة عليها إما لكامل الأراضي أو جزء منها أو مشاركة الناس في هذه الأراضي وتحويلها إلى أراضي دولة».
واستدرك بالقول «حتى الآن لم يبدأ الاحتلال بهذه الخطوة الخطيرة، ولكن فقط بحي البستان تم تجميد كل الإجراءات إلى حين إثبات الملكية حسب ما تتطلبه هذه القوانين وقانون التسوية الذي سن عام 2018».
ونبه أبو دياب إلى أن «القادم قاتم، حيث إن الهدف هو السلب والسيطرة وقنص أراضي وممتلكات المواطنين في القدس، وأظن أن الأيام أو الأسابيع القليلة القادمة سيكون لسلوان فيها دور، حيث إن عين الاحتلال على هذه المنطقة وهي مستهدفة بشكل كبير، وتمتد على 5640 دونما جنوب المسجد الأقصى المبارك. وربما يؤخرها الاحتلال لأنه يريد أن ينفرد بها». ــ الدستور