رشاد ابو داود : القبلة التي هزت «إسرائيل» !

للقبلة معانٍ مختلفة حسب المكان الذي تطبعها عليه الشفتان. فتلك التي على اليد غير التي على الخد، غير التي على الفم وهكذا.. أما تلك التي على الراس فانها تعني الاحترام والامتنان والشكر والتقدير. وهي تلك القبلة التي طبعها احد المفرج عنهم على رأس اثنين من حراسه في مراسم تسليم الأسرى الثلاثة في غزة.
كان الجندي الاسرائيلي الشاب مبتسماً وهو يخرج من سيارة المقاومة ولم يكف عن الابتسام والتلويح وارسال قبلات على الهواء للجماهير ولرجال المقاومة طيلة وجوده على منصة التسليم كما اثناء ذهابه الى سيارة الصليب الأحمر. وهو بتصرفه العفوي يكذب ادعاءات نتنياهو وحكومته بأن الأسرى كانوا في «جحيم غزة « !
« شجرة الزيتون هذه التي قصفناها يبدو أن عمرها مائة سنة، انها أكبر من عمر دولتنا « يقول الأسير الذي رأى بأم ضميره ماذا يعني الوطن للفلسطينيين ومن هم أصحاب الأرض الحقيقيين. وربما يتساءل لماذا زجوا بهم الى هذه الحرب الوحشية، بل ولماذا جيء بهم الى هذه البلاد التي ليست لهم.
مؤكد أن الأسرى المفرج عنهم سيرفضون العودة للخدمة بالجيش وربما يسعى بعضهم للهروب من «جحيم اسرائيل» كما فعل الكثيرون الذين رفضوا الخدمة وفرضت قيادتهم تعتيما أعلامياً على أخبارهم. هذا عدا مئات الآلاف الذين غادروا الكيان الى غير رجعة منذ السابع من اكتوبر.
أحد الضباط الذين هربوا من الجيش الخارج يدعى الياهو اسحق نداف، من مواليد حيفا. أبوه يهودي مغربي كان مدرساً جامعياً في جامعة حيفا، وأمه راشيل ليبرمان من أصول مجرية كانت رئيسة الممرضات في مستشفى بناي تيسون في نفس المدينة. التحق بالكلية العسكرية الاسرائيلية وتخرج منها برتبة ملازم العام 2006.
يقول الياهو «بعد هجوم السابع من اكتوبر كنت أعمل ضابط في في مخازن العتاد الحربي.
كان الهجوم غير مسيوق في تاريخ حروب اسرائيل وخارج الحسابات الامنية والاستخباراتية والجيش.ولم يفق القادة العسكريون والسياسيون من هول الصدمة الا بعد ثلاثة أيام. واخبرونا أن القرار اتخذ بمسح غزة بالكامل بلا رحمة ولا أي اعتبارات».
وباعتباره ضابط عتاد عسكري يذكر الياهو كم الاسلحة التي كانت تتدفق على اسرائيل أميركا وبريطانيا ووالمانيا وفرنسا وبلجيكا وهولندا وايطاليا والبرتغال وبلغاريا وفنلندا ويولندا، اضافة للقواعد الأميركية. « كانت هبة لا مثيل لها لأي دولة حتى في الحرب العالمية الثانية كل ثلاث ساعات كانت تصل طائرة محملة بالسلاح من اميركا وطائرتين من فرنسا وكل اسبوع تصل باخرة من كل من فرنسا والمانيا وبريطانيا والسويد وبلجيكا «.
كانت التعليمات « لا تبقوا على شيء في غزة لا بشر ولا حجر». وهنا انهارت قواي وقررت أن أهرب من اسرائيل لكن كيف وأنا ضابط في الجيش ؟
يقول في الرابع عشر من حزيران تم تكليفنا بالذهاب الى دولة في شمال أفريقيا لللاشراف على شحن العتاد الاميركي والفرنسي الموجود في مركز العتاد الاميركي وتم اعطاؤنا جوازات سفر تلك الدولة وبأسماء رعاياها. هنا قررت ان اهرب فادعيت انني مريض ونقلت الى المستشفى ومن هناك هربت بجواز سفري الجديد. وحجزت تذكرة باسمي الجديد الى بلد عربي لا يقيم علاقة مع اسرائيل.
عند وصولي أخبرت المحققين بتفاصيل قصتي. وبعد ساعات من التحقيق تفهموا طلبي ومنحوني اللجوء السياسي.
يختتم الضابط الهارب من اسرائيل بالقول « فعلنا في غزة ما لم يفعله النازيون في المحرقة. نحن مجرمون قتلة، وهذه هي الحقيقة». ــ الدستور