د. قشوع ؛ الملك عبدالله حمل رسالة الأمة وقضيتها المركزية لبيت القرار العالمي، ودافع عن القانون الدولي

قشوع ؛ الملك عبدالله حمل رسالة الأمة وقضيتها المركزية لبيت القرار العالمي، ودافع عن القانون الدولي وهيبته، ووقف سدا منيعا أمام قانون القوة وجبروته، كما حمل عناوين الموائمة بين ما يراد إسقاطه وما يمكن ردعه على المنطقة ومجتمعاتها، حتى لا يتم تفتيتها مع دخول البشرية فى مشهد تاريخي جديد، أخذت معالمه تظهر معطيات جديدة في المشهد العام ؛
جاء ذلك أثناء المحاضرة التي ألقاها البرلماني والوزير الاسبق د.حازم قشوع فى النادي الارثوذكسي بدعوة من اللجنة الثقافيه التي أدار رئيسها الدكتور ماهر زبانه اللقاء بحضور ميشيل الصايغ رئيس النادي الأرثوذكسي.
المحاضره التي ميزها حجم التفاعل بعناوين المشاركة مع وقوف الجميع تصفيقا واحتراما وتأييدا للموقف الكبير الذي وقفه الملك عبدالله في البيت الأبيض، كانت السمة الطاغية على المشهد العام للمحاضرة والتى حملت عنوان "فاصل تاريخي بعنوان سياسي"، حيث بينت محاورها حجم التحديات التي تواجهها المنطقة وإمكانية استدراك ما يمكن استدراكه ضمن عناوين يشهد عنوانها الأول على بداية سقوط الصهيونية، وهو مستجد يأتي نتيجة بروز اليهودية التوراتية في الداخل الإسرائيلي وبيان حالة انفصال بين دول المركز والدور الوظيفي لإسرائيل.
واضاف د. قشوع أما العنوان الثاني فلقد بينه التباين الأنجلو أمريكي ؛ وهو التباين الذي يعتبر رابط العلاقه الأنجلو امريكية رابط وثيق، كونه موثق بعدة عقد منها ما هو عرقي ببيان العرق الابيض، واخر ما هو مذهبي ببيان المذهبية البروتستانتية التي يحمل ملك التاج البريطاني مرجعيتها، وآخر يأتي من منطوق اللغة الانجليزية ببيان دلالتها، كما أن هنالك عقدة أمنية مركزية جامعة تأتي بحكم الشراكة الامنية والعسكرية فى البلدربيرغ، كما هنالك ميزان رابط يربط حالة الاتزان العالمي بين العالم القديم مع العالم الجديد عبر جسر الوصل الناتج عن عقدة الرابط الداخل في المنظومة الأممية، هذا اضافة الى ما تم بنائه بمنظومة اتزان يقوم عليها ميزان الستاتيكو الجامع، منذ ان استلم الامريكان عن الإنجليز قيادة العالم مع نهاية الحرب العالمية الكبرى، والتي انتقل فيها بيت القرار من لندن عاصمة التاج إلى واشنطن مهد الجمهوريه، وهذا ما جعل من وستمنستر تملك المرجعية كما يمتلك البيت الأبيض عنوان القرار ضمن ميزان ربط ظاهرى وباطني تقوم عليه مرجعية بيت القرار الأممي.
ولعل حالة الانفكاك التي أصبحت معلنة بين بريطانيا وأمريكا مع تصريحات دونالد ترامب، التي أخذ يعلن عن انفكاك للعقدة الأمنية البريطانية الأمريكية، ويبين قبل دخوله للبيت الأبيض وراثته للتاج البريطاني فى قيادة العالم، ويقوم بإعلان ضم كندا وغرينلاند ويتحدث عن برنامج توسعي يطال استراليا ونيوزلاندا، كما يقوم بفصل برنامجه عن الناتو عبر عناوين شراكه جديده لا تقوم على دعم الولايات المتحدة لحماية العالم، بل تأتى عبر الدفع مقابل الحماية، وهذا ما يجعل من برنامج الرئيس دونالد ترامب القادم برنامج يحمل علامة فاصلة وتاريخيه مع دخول روسيا في الدائره القطبيه بدلا من الصين، التى ابعدت مرمى النيران عن مرماها في معارك الشرق الأوسط وأوكرانيا طيلة فترة حكمها فى بيت القرار كشريك للولايات المتحدة عندما كانت فى الدائره الجيواستراتيجية فى عهد الرئيس جوزيف بايدن.
واما العنوان الثالث الذى بينه الوزير الاسبق حازم قشوع، فإنه يبين استبدال البنكنوت للكريبتو ومن جملة الصياغات التي نتحدث عنها، هذا الفاصل التاريخي الذي نعيش تمثله مسألة وجود برنامج تغيير يطال البنكنوت، وهذا ينطبق على العملات ومرجعياتها التي كانت ورقية وتقوم على مرجعيات مادية مثل الذهب والبترول وغيرها من الأصول الثابتة، وكانت هذه المرجعيات معرفة بميزان يقوم على الأصول الثابتة بينما تتحدث ثقافة العصر الجديد وعن أدوات جديدة تقوم على وسائل ضمن جملة الصناعة المعرفية، كما تحوي أيضا على مرجعيات ثابتة غير تلك المتعارف عليها بوحدات التداول، كما تقوم أدواتها على منهجية عمل غير التي كان متعارف عليها طيلة القرن الماضى، وهذا ما يجعل مع حالة الاستبدال المتغيرة فى الميزان النقدي تحمل تبعات كبيرة على المستوى التجاري كما على واقع الروافع الاقتصادية وكل ملاذاتها الآمنة، مع دخول هذا المتغير الجديد الذى يحمل علامة الكربتو مكان الحواضن النقدية بكل مرجعياتها المالية.
لكن هذا المتغير يتوقع أن يحمل تغيير عميق في ميزان المرجعيات على بيت القرار النقدي حيث الدولار بمرجعيات شركاته النقدية والتى يرتبط فيها اليورو بشكل عضوى، وهو ما سيكون له تأثيره في حالة إجراء المتغيرات المزمع إجراؤها في مرجعية النقد كما فى بيان وسائله مع عملية الاستبدال السريعة التى تتم عليها الأمور في بناء روابط العملات الافتراضية، جراء عمليات التغيير التي تطال البنوك المحلية وحتى البنوك المركزية التى ستكون لا لزوم لها عند بيان تغيير البتكوين مكان البنكنوت، وهو ما تستهدفه الإدارة الجديدة وبرنامج إيلون ماسك الذي يقوم على تطوير الأسس ومنظومة الربط المركزي بين حركة الأفراد التجارية فى التعامل البنكي وفق روابط مركزية سيتم عبرها إلغاء البنوك الوسيطة والاستعاضة عنها بالروابط المركزية التي تربط حركة الجميع بالتداول في عقده مركزية ومرجعية واحدة تتحكم فيها الولايات المتحدة، وهو متغير سيقوم بتغيير ميزان حركة التداول كما سيحد من ميزان الحالة الوطنية، ويربط الوحدة المرجعية مع الخيوط الفرعية الصادرة عن بيت القرار، لكن ذلك سيعمل على إنهاء شبكة المرجعيات وميزان العملات التي كانت تتصدر ميزان الحال وعنوانه.
واما العنوان الرابع ؛ والذى يكون حاله جديده فانه يبين مساله التحكم المركزى بشبكات التواصل والاتصال، لا سيما مع دخول برنامج تسلا المركزي بالسيطرة والاستحكام على الشبكة العنكبوتية الواصله والموصله حيز التطبيق، تصبح دائرة الوصل والاتصال المركزية دائرة مغلقة لا يمتلك مفاتيح معلوماتها إلا بيت القرار الأمريكي، وهو القادر على بيان معلوماتها وتحليل بياناتها، كما هو قادر على ربط الخطوط الواصلة وفصلها وتحليل نتائجها من مصدر واحد يوحد مرجعياتها ويقوم بالتحكم بإرسال دوائر شبكات الربط الواصلة والتحكم بوصلها وقطعها، وهذا ما يجعل من هذه الدائرة بمركزية مرجعيتها قادرة على احتكار المعلومة وتحويلها للمنظومه الامنيه التى ستكون قادرة على تقريرها عبر القنوات الافتراضية الواصلة عبر هالة الذكاء الاصطناعي، التي يمكنها من تحديد الهوية من الإشعاعات الحرارية الصادرة عن المرء بحكم درجات طيفه التى تختلف من مرء لآخر عبر درجات الطيف وألوانها، التي تعبر عنها هاله الأشخاص عن طريق تحديد أماكنهم، وهذا ما يمكنه أن يجيز إصدار الأذونات والجوازات الافتراضية وارسال درجة التنبيه اللازمة لاعتبارات مرجعية التحكم وعناوين الاحتكام، الأمر الذي سيجعل من الجيل الخامس فى الاتصال والتواصل يحقق درجة الانضباط والتي تسبق عملية التحكم والاستحكام المركزي فى الجيل السادس، الذي سيعتبر في حينها جيل تحقيق معادلة " الزمكان "، حيث يمكن المغادرة ضمن نطاق زمن صفرى بين عناوين المساحة وبيان المسافه.
وهذا ما سيجعل من حركة الكون متسارعة وحركة النقل سريعه، وتجعل الأشخاص ضمن منطوق لغوي يستوعبه الجميع مع عملية ترجمة الأصوات التي ستكون سريعة، بحيث يمكن للمرء التحدث باللغة التي يشاء ثم تصل للآخر باللغة التى يشاء، وهذا ما سيجعل من البيئة الثقافية تكون في إطارها العام واحده، وهو المتغير الذي سيمكنه من التغلب على مفهوم الجغرافيا السياسية للأوطان.
وأما العنوان الخامس ؛ فانها تبينه مسألة مركزية التحكم بديلا عن سيادة الدول، وهذا لن يقف الحال عند عملية دمج الجغرافيا السياسية للأوطان ضمن مرجعية واحدة نقدية وأمنية وثقافية، بل إن من ناتج ما يحدث اجده أعمق من ذلك سيما وأن الموضوع يتعلق بالتغيير الذي ينتظر أن يطرأ على مفهوم الدولة ومكانتها بالمفهوم السيادى مع دخول الجميع طواعية بمسألة المركزية المعرفية، التي يمكنها أن تحدث نقلة واستحداث عنوان جديد يحمل فاصل تاريخي كما حملته الثوره العلميه فى القرن الثامن عشر والثورة الصناعية في القرن العشرين.
وهو المتغير الخطير الذي ستواجهه المجتمعات والدول وسيكون لصالح ربط الأفراد ضمن محتوى ثقافي افتراضي جامع عناوينه مازالت غامضة وغير واضحة، وأصبح بحاجة للكثير من التوضيحات ببيان موقف الدول تجاهها وموقف المجتمعات حيالها، موقف الأديان حيال موضوع التنظيم بجميع المجتمعات ضمن منظومة منهجية واحدة، وهذا ما سيجعل حالة السيادة المرجعية المركزية الواحدة تستهدف درجات عنوان الرابط العضوي موضوع الدولة ومكانتها.
وختم الدكتور قشوع بخلاصة القول ان العالم مقبل على تغيرات عميقة متعددة الأوجه، وبحاجة الى دروع معرفية واقية تقى المجتمعات وتحصنها، وتجعل من حجم المتغيرات قادرة على هضمها وهضم ما تحويه من اسقاطات، بما يجعلها تتفاعل معها ولا تجد نفسها تدور بفلك الأمية المعرفية نتيجة السرعة العلمية التي وصلت إليها المجتمعات المعرفية ودرجة التحكم الحاصلة في ميزان أمور الربط الواصلة بين دوائر التأثير وحواضن الأثر، وهو ما يستدعي بيان جملة وصل قادرة على إصلاح ما يمكن إصلاحه فى المجتمعات النامية، التي أصبحت متلقيه وهي غير قادرة على إصلاح المنظومة المعرفية الاصطناعية الجديدة بسبب عدم توفر أدوات الإصلاح ووسائله المعرفية والعملية، وهذا ما سيجعل من العصر الذي ندخل اليه عصر يحمل فئتين، إحداهما تعلم ما يحدث في محيطها، والأخرى تستجيب دون معرفة تقنية لكن عبر أدوات تقوم على الاستخدام المعرفي دون معرفة علوم تصميمه أو مركبات نشأته، الأمر الذى سيحدث الفارق المعرفي بين من يعلم ويعلم أنه يعلم، وآخر يعلم انه اقصر من ان يعلم ويرزح تحت وطأة المتلقي أو المستخدم للعلوم وفق فردية تواصل رابطه.
فهل تستطيع الدول المحافظة على الشكل العام للسياده ؟ او تستطيع المجتمعات المحافظة على عناوينها الثقافية ؟ أو أن يمتلك الأفراد خيارات اخرى غير الخيارات التي تجعلهم يعيشون في عالم بلا هوية غير الهوية الإنسانية الجامعة من منظار درجة تَحكم تُحكم على الأفراد نتيجة انجازاتهم ولا تحكم عليهم نتيجة خياراتهم، فلا ضوابط مع هذا المتغير القادم وعلى روابط قادرة على تجميع الأصول واتباع حضارات قد لا تكون في مصادر البحث القادمة، وهو ما يجعل من حداثة المضمون تبتعد عن ثقافة الأصول، وهي الأسئلة التي ستجعل من المجتمعات تعيش ضمن مفاضلة معرفية غيرت الأطوار وبحاجة لاستدراك جمعى سريع لتصميم دروع واقعيه نتيجة عملية الإنزال المعرفي التي يمكنها أن تحدث الكثير من الفوارق في موضوعية فصل الهويات المعرفية بعضها عن بعض عند إفراز المجتمعات بعضها عن بعض، وهذا ما يجعلنا نعيش لحظات تحدي عميقة مع دخول البشرية فى بداية فاصل تاريخي جديد بفصول سياسية ومعرفية متوالية في هندستها العلمية كما فى اسقاطاتها في الحواضن المجتمعية.
كما أكد الوزير الاسبق د. قشوع ان المشروع العربي النهضوي الذي يحمل منهجية فكر وعنوان رسالته، هو المشروع الذي كان من المفترض أن تتمسك به مجتمعات المشرق العربي كونه قادر لبناء تنمية مستدامة، كما هو قادر على بناء روافع حمايه ذاتيه قادرة على الدفاع عن مفهوم الاستقلال الذاتي ومضمون السيادة، والذي كان من المفترض ان يكون بديلا عن الإمبراطورية التركية فى منتصف الحرب العالمية الأولى 1916، كان يمكن أن يكون مشروع الثورة العربية الكبرى الذي كان يمكنه أن يكون بديلا عن النموذج التركي كونه قادر على حماية المجتمعات العربية، وهو عامل لتوحيدها ضمن إطار المشرق العربي "الهلال الخصيب".
لكن حالة التبادل التي فرضتها نهايات الحرب العالمية الثانية عندما جُعل من الميزان الجيواستراتيجي فى تغير، وهو ما انزل فرنسا وبريطانيا فى الدائره القطبيه ليحل محلها المشاريع الجمهوريه فى أمريكا التى أصبحت فى حينها ممثلة عن مشروع الرأسمالية والاتحاد السوفيتي ليكون ممثلا عن الشيوعية مع توافق دول المركز على التقسيمات العالمية التي بنتها جغرافية الوطن فى سايكس بيكو والتي جعلت من المشروع العربي يتقلص دوره ومكانته وأن يصبح الإطار الجامع فى الجامعه العربيه إطار لقاء وليس منظومة حماية، وهذا ما جعل من نماذج الوطن لا تمتلك اهلية الحماية الذاتية كما لا تقوى الجامعة العربية على فرض دورها الجيوسياسي على الصعيد الإقليمي في حماية المجتمعات العربيه او حتى فى الدفاع عن قضاياها المركزية، واقتصر دور الجامعة على مسألة إصدار البيان من دون بيان نتائح الأمر الذي فتح المجال لتشكل في الحاضنة العربية تجاذبات سياسية اقليمية اسرائيليه امنية تركيه عثمانيه وفارسيه شيعية تقوم بالتنافس على خيراتها.
وهي المحصلة التي أدت لتقاسم المشاريع الإسرائيلية والتركية والإيرانية على الحاضره العربيه ويتم التعامل معها على هذا الأساس، وهو أيضا ما جعل من الجسم العربي متباين بحكم إسقاط التجاذبات الإقليمية من حوله نتيجة تمسكه بإطاره الوطني ونظامه السياسي تحت وطأة الخطوط التي رسمت من قبل سايكس بيكو تحت المسمى الوطنى، وهى المحددات التي رسمت ب (هيئة أنظمة)، وهذا ما جعلها تكون غير قادرة على الحماية الذاتية وتنشد الحماية من الدول الغربية التى مازالت تستبدل وتتلاعب فى المنطقه العربيه تاره من الباب التركي وتارة اخرى من المدخل الايراني كما حدث مؤخرا في سوريا، وكأنها تستبدل لاعبين فى مباراة كرة قدم بينما تسمح لاسرائيل بالقيام بأعمال التدمير والاغتيالات كيفما تشاء ووقتما تشاء، لغايات تهديد المجتمعات وتخويفها حتى تبقى أسيرة لميزان الحماية الدولية أو التجاذبات الإقليمية.
واضاف د. قشوع فلقد تبين ما بعد الحرب غزة أن دول المشرق العربي قادرة على فرض سيادتها كما هي قادرة على الدفاع عن مصالحها لكنها بحاجة لقوام عربي جامع يجعل من منظومة العمل التي يستهدفها المشروع المراد ترسيمه عربيا، أهمية قيامه على كونفدرالية الدفاع الذاتي، الأمر الذي يتطلب توحيد نقديا في المقام الأول عن طريق إطلاق مشروع الدينار العربي، وبناء وحدة عسكرية واحدة ضمن مرجعية مشتركة موحدة، اضافة الى مرجعية أمنية مشتركة لتسهيل إجراءات الدخول والخروج بين الدول، وعملية التبادل التجارى بين المجتمعات، وتشكيل حالة مشتركة تكون قادرة على مواجهة التحديات بما يمكنها للدخول فى الفاصل التاريخي القادم.
وفى نهاية اللقاء، الذي استمر لمدة ثلاث ساعات بحضور أكثر من 200 شخصية سياسيه واعلاميه وثقافيه امت قاعة وهبه تمارى، قامت لجنة الارثوذكسي بتقديم درع النادي للمحاضر تكريما لدوره البناء فى إثراء المحتوى الثقافي وسط احتفالية تقديرية من أعضاء النادي والحضور.