سوريا الجديدة.. هل تفي بالتزاماتها المائية تجاه الأردن؟
عمان - ريم الرواشدة
الزعبي: تنفيذ اتفاقية الانتفاع من حوض اليرموك
منذ نحو 30 يوما–تاريخ سقوط النظام السوري- يتصاعد الحديث عن شكل العلاقات الأردنية السورية المستقبلية، خاصة في ظل حدود تمتد بين البلدين مسافة 375 كيلومترا، وحوض مائي يتوسط الحدود الجنوبية السورية والشمالية الاردنية.
ميدانيا، الواقع يفرض إستثمار سقوط النظام السوري للوصول إلى تفاهمات في عدة ملفات أبرزها المياه في حوض اليرموك.
في ذات الإطار تحدثت مواقع إعلامية سورية قبل أسبوعين، عن أن منطقة «حوض اليرموك» شهدت تطورات جديدة بعد إتفاق جرى بين لجنة محلية، تضم ممثلين عن عشائر قرية معرية في ريف درعا الغربي، والقوات الإسرائيلية في ثكنة الجزيرة، وافقت فيه القوات الإسرائيلية على طلبات محلية لضمان استمرار الأنشطة الزراعية في المنطقة بحرية.
وذلك يعطي مؤشرا في ظل الأوضاع السياسية الجديدة في سوريا الى إستمرار الزراعات السورية في حوض اليرموك، والضخ من الأبار وهذه الزراعات من مقوضات حصول المملكة على حصتها المائية في حوض اليرموك التي لا تحددها السعة التخزينية لسد اليرموك فقط.
الموقف الرسمي الأردني ما زال يلتزم بالصمت فيما يتعلق بملف المياه مع سوريا بعد الإطاحة بنظام الأسد.
ويكرر مسؤولون في قطاع المياه «أن ما يريده الأردن هو الحصول على حصتنا المائية المقرة في إتفاقية عام 1987- ووفقهم–تتحقق المصالح الأردنية المائية مع سوريا من خلال 3 دعامات رئيسية: تفعيل لجنة مياه اليرموك، وقرار سياسي ونية صادقة».
ويستند المسؤولون في أحاديثهم غير الصحفية إلى ضرورة «إنتهاج أسلوب المصالح المشتركة في العلاقات الدولية، ومنها العلاقات مع سوريا».
وتقول خبيرة دبلوماسية المياه م. ميسون الزعبي: «عوضا عن إستخدام حاجة السوريين للكهرباء كقوة ضاغطة لدفعهم على الإلتزام بتنفيذ بنود إتفاقية الإنتفاع من نهر اليرموك وإحياء سد الوحدةً نوفر لهم مصادر بديلة للكهرباء».
وتعلق على خبر أعلنه وزير الطاقة والثروة المعدنية الدكتور صالح الخرابشة، الأسبوع الماضي، تحدث عن «طلب الجانب السوري من الأردن تجهيز البنية التحتية اللازمة لتزويد معبر نصيب الحدودي باحتياجاته من الطاقة الكهربائية».
وتضيف الزعبي: «الحل سهل ويمكن تلبية احتياجات سوريا من الكهرباء إذا ما رجعنا إلى اتفاقية الانتفاع من مياه نهر اليرموك الموقعة بين الأردن وسورية بتاريخ 3/9/1987 والتي تم توقيعها بين البلدين وجاء فيها:....لأسباب مادية وقانونية يمكن توفير المياه والطاقة الكهرومائية الإضافية التي يحتاجها البلدان بشكل اقتصادي وفعال من خلال بناء سد الوحدة لتجميع مياه النهر الواقعة على نهر اليرموك في أراضي سورية والأردن بالقرب من محطة كهرباء المقارن وذلك لري الأراضي في سورية وسقي وري الأراضي في الأردن بالإضافة إلى إستخدامات أخرى وأهمها الشرب بالإضافة إلى إنشاء منشأة لتوليد الكهرباء باستخدام المياه الخارجة من السد وتقسم الكهرباء المولدة من منشأة سد الوحدة الكهرومائية بين سورية والأردن بنسبة 75% لسورية و25% للأردن».
وتشير:» فقط المطلوب من السوريين الإلتزام بما وافقت عليه حكومتهم بإغلاق الآبار الجوفية وهدم السدود المخالفة للإتفاقية الموقعة مع الأردن للسماح بإسالة المياه في نهر اليرموك لملء السد إلى طاقته الإستيعابية البالغة 110 مليون متر مكعب، وهي السعة اللازمة التي تمكن من إنتاج الكهرباء، بدلاً من البحث عن مصادر أخرى لتزويد سوريا بالطاقة التي تحتاجها».
في أحدث دراسة نشرت عن حوض اليرموك عام 2019 بعنوان «مُنطلق لسياسة مائية لرافد نهر الأردن من اليرموك» أعدها مركز أبحاث الأمن المائي في جامعة إيست أنجليا والوكالة السويسرية للتنمية والتعاون الدولي،وتم تنفیذها من قبل باحثین من الأردن وسوریا ولبنان وسویسرا وألمانیا والمملكة المتحدة.
تقدم الدراسة تحليلا من منطلق فيزيائي/ حيوي وسياسي شامل لرافد نهر الأردن من اليرموك لأغراض دبلوماسية تستهدف التوصل الى ترتيبات أكثر إنصافة وإستدامة، بما من شأنه ان يخفض التوترات الاجتماعية والسياسية في الحوض.
وتقول الدراسة فيما يخص نهر اليرموك «الإتفاقیة الأردنیة السوریة–مثلاً- تُقرالزراعات المرویة غير المضبوطة وغير الكفؤة في سوریا على حساب التدفقات الداخلة الى سد الوحدة».
وجاء في الدراسة» قد يكون المستقبل قاتما وقد يبدو أفضل، فتخیُّلُ الحوض بعد 50 سنة من الأن مع إستمرار الأمور على حالها يرسم صورة لِبُنية تحتية تدفع بإتجاه تجاوز حدود إستدامة المورد أكثر من أي وقت مضى وتعيق التنمية العامة خاصة في الأردن وتساهم في التوترات السياسية».
وذهبت الدراسة الى ما أكثر من ذلك، بأن تحدثت عن إتفاقية اليرموك عام 1987 ومعاهدة السلام مع دولة الاحتلال الاسرائيلي على أنهما وبعد أكثر من ربع قرن، ما إنفكت الإتفاقيتان تثبتان أنهما جزء من المشكلة،إذ أن إتفاقية اليرموك يشوبها قصور متعدد وغير مستدامة لعدة أسباب منها أنها لا تراعي المستخدمين في أدنى المجرى المائي، عوضا عن أنها لم تعد ملائمة للغاية، كما أنها تخفق في التعبير عن التوفر الفعلي للمياه وإستخدامها، ناهيك عن أنها غير منصفة في تخصيصاتها لإستخدام الجريانات والسيطرة عليها عند مقارنتها بمبادىء القانون الدولي للمياه».
وبینتِ الدراسة عدداً من الفرص المتاحة للدبلوماسیة لتحسين الترتيبات لإدارة حوض اليرموك، مشيرة الى أن إتفاقية إستثمار مياه نهر اليرموك عام 1987 لم تعد صالحة، موصية بعدة تفاهمات أهمها مراجعة الإتفاقية والإسترشاد بالقانون الدولي للمياه.
ــ الراي