كمال زكارنة يكتب : هل يصدق نتنياهو هذه المرة؟
كمال زكارنة :
وفقا لوسائل اعلام اسرائيلية، فان نتنياهو منح الوفد الاسرائيلي المفاوض هذه المرة ،صلاحية وتفويض كاف في المفاوضات من اجل التوصل لاتفاق.
لكن لا يمكن التعويل على الاعلام الاسرائيلي ،ولا على نتنياهو الذي يعتبر مستودعا ضخما من الاكاذيب والالاعيب، وسرعة التراجع عن كل ما يصدر عنه والتنصل منه.
قد يكون هذه المرة مرغما على التوصل لاتفاق لعدة اسباب ،اهمها وابرزها صمود المقاومة والشعب الفلسطيني غير المسبوق في التاريخ في قطاع غزة،والخسائر الكبيرة التي يتكبدها جيش الاحتلال هناك بالارواح والمعدات،وعدم القدرة على تحقيق اهداف العدوان الاسرائيلي على القطاع،وتماسك وقوة المقاومة حتى الان وصمودها،وقدراتها المذهلة على الاستمرار في المقاومة والسيطرة المدنية والعسكرية على القطاع،وعدم تفكك الحاضنة الشعبية للمقاومة،وقدرتها على انتاج واستخدام جميع انواع الاسلحة التي بدأت فيها القتال والدفاع عن قططاع غزة بكفاءة عالية،ومن الاسباب ايضا التي ربما تدفع نتنياهو للقبول باتفاق ،حجم وكثرة الجرائم الاسرائيلية الهائلة بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة ،وضجر العالم من هذا الاجرام والارهاب الاسرائيلي الذي يتعاظم يوما بعد يوم ،وعدم فدرة المجتمع الدولي على تحمل تلك الجرائم ،وان صبر بعض الدول نفذ بسببها،اضافة الى الضغط الامريكي وقرب عودة ترامب للبيت الابيض ،وضغط الشارع الاسرائيلي .
مسؤولون اميركيون اعلنوا قبل ايام ان المفاوضات وصلت الى طريق مسدود،وهذا تصريح خطير وفيه انحياز مطلق للجانب الاسرائيلي ،وكان على البيت الابيض ان يسمي الامور بمسمياتها ،ويعلن ان نتنياهو اوصل المفاوضات الى الطريق المسدود ،وعدم تحميل الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي مسؤولية وصول المفاوضات الى طريق مسدود،لان مسؤولية ذلك يتحملها نتنياهو فقط وزمرة المتطرفين في حكومته.
كما هي العادة في كل مرة ،يقترب فيها المفاضون من الاتفاق ،يخرج نتنياهو بمطالب وشروط جديدة ،وقد طلب قبل ايام بزيادة عدد الاسرائيليين الاسرى المفرج عنهم في المرحلة الاولى باحد عشر اسيرا ،على ان يكونوا من الجنود النظاميين والاحتياط، لا من المرضى ولا كبار السن ،ووافق الجانب الفلسطيني لكن مقابل ثمن وليس مجانا،وعاد نتنياهو للمراغة ،وصعد جرائمه ضد المدنيين الفلسطينيين والمؤسسات الصحية في قطاع غزة وخاصة شمالي القطاع .
جيش الاحتلال يعمل في القطاع بكل ما اوتي من قوة تدميرية لقتل الحياة هناك بشكل كامل،ويعتقد نتنياهو انه بذلك يستطيع هزيمة المقاومة والشعب الفلسطيني ،رغم مرور سبعة عشر شهرا على العدوان الاسرائيلي دون تحقيق اهداف العدوان.
هذا الاسبوع يعتبر حاسما بالنسبة لملف المفاوضات ،وقد يراهن نتنياهو على تمديد المفاوضات ومواصلة الاجرام الى ما بعد العشرين من الشهر الحالي، املا بالحصول على موافقة ترامب لمواصلة الابادة الجماعية في قطاع غزة وتهجير سكان القطاع جماعيا .
نتنياهو يفهم دعوات ترامب بضرورة التوصل لاتفاق ووقف الحرب في غزة ،بانها تفويض له بارتكاب مزيدا من الجرائم ضد الشعب الفلسطيني ،لذا لا بد من توضيح رسائل ومواقف ترامب .
الجانب الفلسطيني قدم ما يكفي واكثر من المرونة والايجابية في المفاوضات،لكن نتنياهو هو العقبة الوحيدة وعقدة المنشار فيها ،والجميع يعلم ذلك اسرائيليا وعربيا واقليميا ودوليا .