الأخبار

عمر كلاب: عام مكلل بالعار

عمر كلاب: عام مكلل بالعار
أخبارنا :  

عمر كلاب عام مكلل بالعار، لا أظن أن البشرية شهدت انتهاكات وانحدارات لمنظومة قيمها الإنسانية كما شَهد العام الراحل. فمنذ مطلعه إلى آخر رشفة من كأسه، والانحدار متصل، ودون شك، تقف الأمة العربية على رأس المنحدرين والمتردين والمتراجعين. فنصف الدول العربية بين فاشلة وجائعة، تطحنها الحروب الداخلية والمجاعات وسوء التنمية وتراجع المنظومة الديمقراطية. وسجلت بورصة الإنسان أدنى مؤشراتها، فلا قيمة للدم العربي، ولا قيمة لأطفاله ونسائه وشيوخه، فكل الدم العربي رخيص، وعلى رأسه الدم الفلسطيني والسوداني واليمني والليبي وما تيسر من دماء عراقية وسورية ولبنانية. لا يمكن إلقاء اللوم على المنظومة الدولية المنحازة إلى الصهيوني، ولا يمكن إلقاء اللوم على القيادات العربية والأنظمة فقط. ثمة ما هو أبشع من ذلك، أظنه الإنسان العربي، فقد تراجعت قيمه وتراجعت إنسانيته، بل تراجعت منظومته العامة والوطنية إلى أدنى مناسيبها، مقابل ارتفاع الأنا الفردية إلى أعلى مستوياتها، على حساب الأنا القطرية حتى. فالأنا القومية باتت أسيرة أدراج على الواقع الافتراضي، وربما لجذب مناسيب مرتفعة من الإعجابات أو لاصطياد فريسة بشرية، فكل نوايانا العذبة فقدت عذريتها الإنسانية. رصدت قليلاً من تطورات حالات فردية، غادرت أقطارنا إلى المهاجر، رأيتهم غير. باتوا أكثر انضباطًا بالقوانين المرعية في دول المهجر أو اللجوء، من قوانين السير إلى المشاركات الاجتماعية والسياسية، لمن استطاع. حتى في الفيديوهات التي يشتمون فيها أنظمتهم السابقة ومجتمعاتهم، يربطون حزام الأمان. وبمراجعة صورهم وفيديوهاتهم في الوطن، كانوا يستمتعون بالفوضى وكسر الأنظمة، ولن أقبل تبريرًا بأن الرفض والمعارضة مبرر لكسر النظام العام. فحسب منطقهم، غادرونا لأنهم عجزوا عن التغيير، وأظن جازمًا لو أن كل فرد التزم في وطنه بما التزم فيه في دول الاغتراب، لكان واقعنا أفضل. نحن مجتمعات لفظية، نردد الفكرة ولا نعمل لأجلها. تعجبنا الشعارات، ولا نسعى لتطبيق أي شعار. نبرر كل السلبيات بحجة المعارضة، وحتى خطواتنا الإيجابية نحاول كسرها بسلوكيات غير قانونية، من الاصطفاف على باب المسجد وإغلاق الطرقات بحجة الصلاة، إلى الانفعال والعنف بحجة الصوم، وباقي التفاصيل الكبيرة والصغيرة. فالمخالفة وغرامتها التي يجب أن تكون عالية، نسميها جباية، وكأن المخالفة هي الأصل في السلوك وليس الانضباط. نحن مجتمعات بحاجة إلى إعادة ضبط مصنعيتنا على أسس إنسانية، عمادها سيادة القانون والمساواة، وتطبيق القانون على الجميع بمسطرة واحدة، وهذا واجب السلطات الرسمية، التي ستدفع ثمنًا باهظًا إذا بقينا نبرر التجاوز ونهرب من استحقاقات المساءلة والشفافية، والعمل وفق قانون الزبائنية والمصالح الذاتية. فما تجيزه السلطة لنفسها، يجب أن تقبله من المجتمع بزيادة. عام غير مأسوف على رحيله، وآخر سيكون نموذجًا لسابقه إذا لم نستيقظ. ــ الانباط

 omarkallab@yahoo.com

مواضيع قد تهمك