الأخبار

عوني الداوود : اقتصاد 2025: (تَوَقُّع غير المتوقَّع / expecting the unexpected)

عوني الداوود : اقتصاد 2025: (تَوَقُّع غير المتوقَّع  expecting the unexpected)
أخبارنا :  

رغم أنَّ السياسة والاقتصاد غالبًا ما يكونان وجهين لعملة واحدة، إلَّا أنَّه - وخصوصًا في السنوات القليلة الماضية - لطالما كانت السياسة عائقًا أمام الاقتصاد، وتأثيرات ذلك سلبًا على معدلات النمو والتضخم والمديونية والتجارة وسلاسل التوريد وغير ذلك. الشواهد على ذلك كثيرة ومتعددة، لعلَّ أبرزها الحرب الروسية الأوكرانية منذ عام 2022، وحرب الإبادة على غزّة منذ 7 أكتوبر 2023، وتوسع رقعة الحرب وامتدادها بسبب الاعتداءات الإسرائيلية التي طالت لبنان وسوريا واليمن. ولا تزال حالة «عدم الاستقرار» و»عدم اليقين» تتواصل مع قلق وتوتر في شرق آسيا، سواء بسبب التوتر بين الكوريتين أو بين الصين وتايوان.

كلّ هذه التوترات السياسية أثَّرت مباشرة على الاقتصاد العالمي في عام 2024 الذي نودّعه اليوم، وقد تراجعت خلاله معظم معدلات النمو في كثير من الاقتصادات العالمية، وأكثرها تأثيرًا الاقتصاد الصيني، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، حيث تؤثر معدلات نموه مباشرة على أسواق النفط والذهب واقتصادات دول العالم عمومًا. كما تأثَّر العالم بمعدلات التضخم وتحديد «الفيدرالي الأمريكي» لأسعار الصرف من رفع إلى تثبيت ثم إلى تخفيض مع نهاية عام 2024.

من أبرز مؤشرات عام 2024 ارتفاع المديونية العالمية لأكثر من 323 تريليون دولار، وارتفاعات تاريخية لأسعار الذهب قاربت 2800 دولار للأونصة. وأدَّى ارتفاع معدلات التضخم إلى تراجع أسعار صرف كثير من العملات.

أمَّا عن عام 2025 الذي يفتح أولى صفحاته غدًا، ورغم كلّ التوقعات والتحليلات الصادرة عن مراكز دراسات عالمية وخبراء وبنوك وغيرها، فجميعها تكاد تُجمع على أنَّ توقعات 2025 مرتبطة بما سيفعله ويقرّره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد 20 يناير/كانون الثاني. خصوصًا وأنَّ ما أعلنه حتى الآن لا يطمئن اقتصادات كثير من دول العالم، وإن كان يطمئن الأمريكيين من خلال شعاره «أمريكا أولًا» ووعوده بتخفيض الضرائب وقرارات ستنعكس إيجابًا على معيشة المواطن الأمريكي والشركات الأمريكية، لكنَّها لن تكون كذلك بالنسبة لاقتصادات كثير من دول العالم، وفي مقدمتها الصين والاتحاد الأوروبي.

أبرز التحديات التي ستواجه الاقتصاد العالمي والتخوفات من سياسات ترامب الاقتصادية القادمة تتلخص بالنقاط التالية:

1. سياسات التعريفات الجمركية:

خلال حملته الانتخابية لعام 2024، هدَّد ترامب بفرض تعريفات تصل إلى 60% على السلع الصينية و25 % على السلع المكسيكية والكندية. وإذا نفَّذ ترامب وعده، فستكون هناك تأثيرات على الأسعار العالمية، وإلحاق الضرر بسلاسل التوريد العالمية. وفي أسوأ الأحوال، قد يؤدي ذلك إلى «حرب تجارية عالمية».

2. ترحيل المهاجرين:

أيضًا خلال حملته الانتخابية، وعد ترامب بترحيل المهاجرين غير القانونيين وتشديد الإجراءات على الحدود مع المكسيك، مما يزيد الضغط على المهاجرين من دول أمريكا اللاتينية مثل كوبا وهايتي وفنزويلا. كما يسعى الاتحاد الأوروبي أيضًا إلى تكثيف إجراءاته ضد الهجرة غير القانونية. ويبدو أنَّ دولًا أوروبية باتت تنتظر وعد ترامب بوقف الحروب وانعكاسات ذلك على عودة اللاجئين الأوكرانيين والسوريين. مع الإشارة إلى أنَّ قضية اللاجئين لها تأثيرات سلبية وإيجابية على اقتصادات الدول، خصوصًا ما يتعلق منها بالعمالة.

3. الحروب:

وعد ترامب بوقف الحروب، فهل سيفعلها؟ استمرار الحروب والنزاعات المسلحة في أوكرانيا والشرق الأوسط وآسيا له تكلفة باهظة على الاقتصاد العالمي، يتحمّلها دافع الضرائب الأمريكي والاقتصاد العالمي.

بقية مقال عوني الداوود

اقتصاد 2025: (تَوَقُّع غير المتوقَّع / expecting the unexpected)

وهناك تحديات أخرى متعددة تحدَّثت عنها تقارير دولية، لكنَّ أكثرها تأثيرًا ما سبق الإشارة إليه. جميعها قرارات ستنعكس مباشرة على معدلات النمو العالمية، والتضخم، والمديونية، وقوة الدولار، وأسعار النفط والذهب والعملات المشفرة، وأسواق المال العالمية، وخلق الوظائف، وغيرها من المؤشرات التي يرى خبراء الاقتصاد في العالم أنَّهم يجدون في عام 2025 صعوبة في توقع واضح ودقيق للاقتصاد العالمي مع وجود رئيس أمريكي جميع قراراته غير متوقعة وتتم «بكبسة زر» على منصة (X / تويتر سابقًا).

أمَّا فيما يتعلق بالاقتصاد الأردني في 2025، فنلخصه في ثلاث نقاط:

1. محليًا:

ليس أمامنا سوى المضيّ قدمًا برؤية التحديث الاقتصادي، والإسراع بتنفيذ مشاريع كبرى قادرة على جذب الاستثمارات المؤثرة برفع معدلات نمو قادرة على خلق مزيد من الوظائف، والتركيز على القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية.

2. إقليميًا:

وقف العدوان على غزّة واستقرار لبنان وسوريا سينعكس إيجابًا على الاقتصاد الأردني، خصوصًا ما يتعلق بالتبادل التجاري ومشاريع إعادة الإعمار، والعودة الطوعية للاجئين السوريين، وعودة تنشيط قطاعات السياحة والتجارة والنقل وغيرها.

3. عالميًا:

«الحروب التجارية العالمية» ستؤثر على سلاسل التوريد وارتفاع كلف الشحن والتأمين. واستمرار الحروب العسكرية و/أو تطورها قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط والذهب والفائدة. ولكلّ ذلك تأثيرات على الاقتصاد الأردني كما جميع اقتصادات العالم.

*باختصار:

قدوم الرئيس ترامب سيكون الأكثر تأثيرًا على العالم سياسيًا واقتصاديًا، واستمرار حالة «عدم اليقين»، خصوصًا وأنَّ لا أحد يتوقع قراراته. لذلك في 2025 علينا أن «نتوقَّع غير المتوقَّع» أو كما يُقال: (expecting the unexpected). ــ الدستور

مواضيع قد تهمك