ابراهيم عبد المجيد القيسي : قائمة سوداء للفاسدين..!
ما زالت «بترن» في إذني، عبارة جلالة الملك عن الذين يرفعون أصواتهم مطالبين بمكافحة الفاسدين، وحين يكون «المتهم به» من أقاربهم، يدافعون عنه!... فهل تخلصنا حقا من هذه الثقافة الغارقة بالمفارقات والمتضادات واللاتوازن؟!..انتو أعرف.
أمس «فقع» خبر استطابته بعض وسائل الإعلام، حين صرح النائب سليمان الزبن تحت القبة، متسائلا: لما تجري إعادة وزراء إلى الحكومات، رغم ظهور قضايا فساد في وزاراتهم السابقة؟.. بل إن النائب قدم اقتراحا «نوويا إشعاعيا خارقا حارقا»، حين طالب بقائمة سوداء تضم أسماء الوزراء والمسؤولين الذين سجلت في إداراتهم قضايا أو «حكايا» فساد!... فالنائب بهذه التصريحات إنما يقدم فكرة عن نظرته للفساد، وكيف يعتبر أن قصة أو حكاية أو ربما إشاعة ما، تناولت شخص مسؤول معين، أصبحت حقيقة لازمة الأخذ بها، واستقبال بل وتنفيذ أي اقتراح بشأنها، وانتفت المؤسسية والقانون تماما، وأصبحت مصادر السياسيين للمعلومة، هي ما يستعرض به أو يعرضه الإعلام، بينما لا ذكر لا للمؤسسات القضائية ولا للقانون، حين نريد أن نتحدث بحديث على هذا المستوى من الأهمية والحساسية والقانون.
لو قال النائب المحترم بأن الحكومات تختار وزراء في فريقها، من أصحاب أسبقيات جرمية وصدرت بحقهم أحكام قضائية بالسجن، لكان الاقتراح وجيها، وسياسيا صحيحا، ولمجلس النواب حق التصويت عليه (وهذه قصة أخرى خاضعة لمتطلبات نجاح في اللعبة السياسية والديمقراطية).. لكن النائب يتحدث بناء على ملاحظات واردة في تقارير مثل تقرير ديوان المحاسبة، وغيره، وعن أخبار تتناقلها وسائل الإعلام، وكثيرا ما تكون لا تستحق المتابعة، حيث تأتينا من وسائل إعلام ووسائل تواصل اجتماعي.
بقية مقال إبراهيم عبد المجيد القيسي
قائمة سوداء للفاسدين..!
لا أعرف منذ متى أصبحت مصدرا موثوقا للحقيقة والمعلومة الكاملة الدقيقة، أو حتى مصدرا للتثقيف والتنوير.. وهذه واحدة من تداعيات إقصاء الإعلام المهني، وكلكم تعرفون من المسؤول عن تحييده وإقصائه.
القوائم السوداء والبيضاء، والأخرى الذهبية والماسية.. كلها تنبع من ثقافات قبل أن تكون «خطوات إدارية فاسدة»، اصلها يعود للقطاع الخاص والشركات العائلية، التي تريد حرمان موظف ما من العمل فيها، لتتطور وتصبح اليوم مطلبا سياسيا إداريا، فالأصل أن الكفاءة والشروط القانونية هي التي تحدد من هو الشخص الذي يشغل موقعا وظيفيا معينا، لكن في السياسة تتغير القوانين والأولويات، ومن المعروف في الديمقراطيات بأن الأحزاب تتنافس، وتكيد لبعضها، ويصبح معارضو الأمس هم حكومات اليوم، وتعود الأحزاب التي كانت تحكم أمس إلى صف المعارضة، وقد يكون كل الفريق الحكومي الجديد من أصحاب أسبقيات، تمكن خصومهم السياسيون من تلفيق القضايا ضدهم وسجنهم، ثم انقلبت الموازين في صناديق الاقتراع.
الأردن بلد مختلف؛ وكان وما زال بإمكان بعض القوى السياسية والاجتماعية أن تفرض رأيها وقناعاتها وقل قوانينها، لو شاءت، وللدقة نقول لو «تخلت» عن أخلاقها، وبحثت عن مصالحها الفئوية بعيدا عن مصالح الدولة والناس، لكنها لا تفعلها، رغم وجودها على الساحة السياسية والاجتماعية والوطنية على امتداد عمر الدولة الأردنية، فهي إذا صمام الأمان الفعلي لحماية «أخلاق وتقاليد وأعراف أردنية»، لا تستقوي على الآخرين ولا تقصيهم أو تهمّشهم، حتى الأحزاب «الواعية»، تدرك هذه الحقيقة، وتسير على نفس الطريق الأردني القويم، وهو «دستور من أخلاق غير مكتوبة»، فالفرز الحاد بين مكونات هذه الدولة في مثل هذه المواقف، يحتاج منا أن نستند لتراث كبير من احترام القانون وسيادته، وهذا عمل ثقافي متراكم يحتاج قرونا ليرسخ في ثقافة مجتمع، ولذلك فإن البديل الموضوعي «للتوازن والموضوعية أيضا» يكمن في الالتزام بالأخلاق والأعراف، وإيجاد نقاط توافق بين القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية..
كل القوائم وبكافة ألوانها وأطيافها، لا تخدم إدارة عامة، ويكون باب الاجتهاد الخاطئ فيها مشرعا، وهي طريق واسع لحوادث الفساد والإفساد..
إن القااااانووون هو الحل، والقضاء النزييييه، والأخلاق والأعراف هي صمام الأمان. ــ الدستور