الأخبار

لما جمال العبسه : تراكم الأزمات.. والإفلات من بعضها

لما جمال العبسه : تراكم الأزمات.. والإفلات من بعضها
أخبارنا :  

لا شك ان الاقتصاد الوطني كغيره من الاقتصادات حول العالم عانى من ازمات تراكمت تداعياتها على مدار اربع سنوات مضت، ابتداء من الجائحة الصحية «كورونا» ومرورا بالعملية العسكرية الروسية الخاصة في اوكرانيا وليس انتهاء بالمقتلة التي تجريها آلة الحرب الصهيوامريكية في قطاع غزة والتي توسعت لتطال لبنان وسوريا.

هذه السنوات العجاف على العالم والتي جاء بعضها لتلبية اطماع دول بعينها على حساب اخرى بهدف تغيير جيوسياسي وديمغرافي خطير للغاية، والذي يعد جذوة نار لا تنطفئ بسهولة، جعلت من دول ذات اقتصاد صغير كالاردن يعاني الامرين للحفاظ على ما هو عليه على اقل تقدير، الا ان بعض هذه التداعيات اصابته واثرت على نموه الفعلي بشكل او بآخر، على سبيل المثال ارتفاع اسعار الفائدة العالمية والتي هي بالاساس عامل رئيسي في تقويض الاستثمار وزيادة الكلف المعيشية على المواطن واعاقة دوران الاقتصاد بشكل او بآخر.

واكثر ما يمكن ان يعاني منه الاقتصاد الوطني حالة عدم الاستقرار التي تمر بها المنطقة بسبب عربدة دولة الكيان الصهيوني الراغبة بالتوسع على حساب اراضي الناس، ورغبة هذا الكيان بالتحكم في مفاصل المنطقة سياسيا واقتصاديا، حيث جعلت حرب التطهير العرقي في قطاع غزة وحالة عدم الاستقرار في الضفة الغربية، وتزامن معها الوضع في لبنان، واخيرا سقوط نظام الاسد في سوريا وتغير قيادته مع استمرار العدوان الاسرائيلي عليه، كلها مجتمعة صنفت المنطقة بالخطرة استثماريا.

الا انه بالرغم مما سبق استطاع الاردن بحكمة وتوجيه قيادته من التعامل مع المتغيرات بمرونة كبيرة، ذلك اننا لا نمتلك غير هذا الامر، وعلينا القيام بما يجب حتى نحافظ على ما نحن عليه والافلات قدر المستطاع من تحت مقصلة هذه الازمات الخارجية، والتركيز في كيفية دعم الاقتصاد الوطني بشكل يجعله اكثر منعة امام المعاناة المفروضة عليه خارجيا.

طبعا لا نستطيع القول بأننا سنتمكن من تجاوز آثار هذه السنوات وانعكاساتها السلبية في جوانب متعددة على رأسها مناخ الاستثمار، الذي جاء ضمن منظومة التحديث الاقتصادي لتحقيق نمو حقيقي يعود بالمنفعة على المجتمع الاردني ككل.

لكن لابد لنا ان نتعامل بمرونة اكثر مع العوامل الداخلية وايجاد نقاط التقاء بين العمل لرد التداعيات الخارجية وإقالة عثرة الاقتصاد من منظور داخلي، اي ان هناك ضرورة لاتخاذ بعض القرارات الجريئة دون الاضرار بخزينة الدولة والمال العام مع اهمية السيطرة على الدين العام الذي يرتفع شهرا بعد الاخر، فمثل هذه القرارات من شأنها ان تكون محركا للنمو القادر على تحقيق التنمية والنمو المستدامين.

رئيس الوزراء د. جعفر حسان ومنذ توليه مهامه قام بترجمة هذا بشكل كبير من خلال جولاته الميدانية بين محافظات المملكة، واطلاقه لمشاريع رأسمالية ذات اثر ممتد على المجتمعات المحلية والاقتصاد الوطني عموما، كما اتخذ على مدار اكثر من ثلاثة اشهر 41 قرارا اقتصاديا بابعاد تنموية، بعضها قصير الامد من حيث الشعور بتأثيره والاخرى متوسطة وطويلة الامد.

فاذا ما نظرنا الى هذه القرارات نجد انها لم تصل او تمس السواد الاعظم من الاردنيين وهذا امر طبيعي فالنتائج تحتاج الى وقت كاف، الا ان هناك قرارات سريعة شعر بها جمهور المستهلكين فور تطبيقها، لكن لابد من القول ان المؤشرات الإيجابية لدينا كثيرة، والاردن لديه مخزونات كامنة يمكن في حال الاستثمار فيها الانتقال سريعا من التباطؤ والبطالة الى الرفاه فتعداد سكان المملكة نموذجي، اما الموارد الطبيعية فهي سخية وتحتاج الى استثمارات جريئة.

ان قوانين الاقتصاد وقوانين الطبيعة تؤكد ان التراكم الكمي يفضي حتما لتحول نوعي، وتبني الحكومة الحالية سياسات اقتصادية تحفيزية ستقود الى التحسين، وهذا ما نأمل ان يستمر وتتحقق نتائجه لتمس الجميع. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك