خلدون ذيب النعيي : العرب وسورية مرة أخرى
رغم مرور اكثر من 3 اسابيع على سقوط نظام الاسد في دمشق يبدو ان المرحلة المفصلية التي تمر بها سورية مازالت تفتقد لوضوح المعالم الى حد ما وذلك رغم الجهود التي تقوم بها الحكومة الجديدة من طمأنة الاقليات المحلية بحقوقهم في الفترة المقبلة، فضلا عن اجراءاتها في القبض على عدد من مرتكبي الجرائم الجماعية في النظام السابق وملاحقة فلوله، وكل ذلك حصل في ظل زيارات عربية وغربية لقصر الشعب الرئاسي الدمشقي ولقاء قائده الجديد وما تبعه من تصريحات اعلامية ثنائية تسر من يسمعها بما يخص المستقبل السوري القادم.
المطلع على حال الدولة السورية هذه الفترة يدرك جيداً مدى الحاجة الى تركيز دعائمها الاقتصادية والسياسية فضلاً عن مساعدتها في احتواء نسيجها المجتمعي وبسط سيادتها على كافة التراب السوري بالتوافق مع القوى المحلية الموجودة، وبعد ذهاب الفرحة ووضوح الفكرة الان فإن سورية الان بحاجة الى عمقها العربي والعرب ايضاً لا غنى لهم عنها بما تمثله من شعب عربي شقيق وموقع جيوسياسي استراتيجي مهم في الخاصرة الشمالية للعالم العربي له أثر واضح على محيطه، والعرب بحاجة ان يكون الى جانب أشقائهم السوريين في هذه المرحلة المهمة لبناء واستقرار دولتهم وذلك بعيداً عن أي رأي حول الحكام الجدد في الشام، وأن تردد العرب في أخذ موقعهم هنا فان مكانهم ينتظره كثير من القوى الاقليمية والدولية، وهو بالمناسبة ما نسمعه حالياً من تصريحات روسية وايرانية فضلاً عن اتصالات تركية مستمرة وما يقابلها من نظرائهم السوريين.
بعد احتلال بغداد في نيسان 2003م اثر الغزو الاميركي وحلول قوى محسوبة على ايران بعد سقوط النظام السابق، كان ابتعاد العرب عن هذه العراق بمثابة اكبر هدية لنظام الملالي في طهران وهذا الفراغ العربي هو الذي عزز الهيمنة الايرانية في العراق، وقد تنبه العرب لخطأ هذا الابتعاد بعد ذلك في ظل تطور الاحداث الاقليمية فكان التواصل العربي مع بغداد ولكن للأسف «بعد ان طارت الطيور بأرزاقها» كما يقال، فمعروف ان لكل وقت أذانه الخاص الذي لا يلائم أوقات أخرى.
الأردن بحكم جواره لسورية وحدوده الطويلة معها هو بمثابة الرئة العربية الوحيدة لها في هذا الوقت بالنظر لما يختزنه شعبها من ذكريات مؤلمة عن كل من لبنان والعراق المجاورين بحكم ان المليشيات الطائفية المساندة للنظام السابق في اجرامه جاءت منهما، فكان هنا التأكيد الرسمي الاردني على اعلى المستويات بالوقوف مع استقرار ووحدة سورية وخيارات شعبها في هذه المرحلة، وهو الامر الذي يجب ان ينتهجه العرب ايضاً حتى لا تتكرر مرارة السيناريو العراقي، ووقتها لن ينفع أي اجراءات لاحقة فيكون حالهم كما يقول المثل الشعبي الاردني «ما تخلص العروس تكحيل عيونها الا والفاردة بأم قيس». ــ الدستور