محمد داودية يكتب : سورية: الرضى أو الفوضى !!
زال وسقط، الأسوأ في تاريخ الأنظمة العربية المتوحشة الإستبدادية، النظام الذي أنهك الشعب السوري العظيم.
يعبُر شعبُنا العربي السوري الآن مخاض "مرحلة القلع والزرع". وأزمته، حسب كل المعطيات، "مطولة".
فرجال الحكم الجديد، مدعوون إلى تقديم رزمة من الاستحقاقات والمتطلبات القاسية، ليبرهنوا ويؤكدوا انهم يخرجون من الماضي، ويشرعون في الانتقال من صفوف المنظمات المصنفة إرهابية، إلى مرحلة تطبيق مشروع الدولة المدنية الديمقراطية، التي يشارك فيها جميع أبناء سورية، بلا ثأر وانتقام، وبلا إقصاء أو إدناء.
وبكل محبة ومودة وحرص أقول، ان شعب سورية الحبيب، المرزوء، المنكوب، يستحق ويحتاج على وجه السرعة، إلى تضحيات كبرى تكون بحجم مآسيه الكبرى، التي أنزلها به نظام أسرة الأسد المتوحشة الفاسدة، لأن الواقع، والمصلحة، والحاجة، والضرورة، تقتضي، وتتطلب، شجاعة استثنائية لتقديم التنازلات المريرة من جانب من ظلوا طيلة عقود، يرون ان الآخرين كفرة يستحقون قطع الرؤوس.
أنها مرحلة الموازنة ببن المبادئ والمصالح.
ويحتاج رجال الحكم الجديد إلى القاعدة السورية الاجتماعية الأعرض، والوحدة الوطنية، التي تحقق للشعب السوري الحبيب متطلب: الأمن الاستقرار.
الرضى مطلوب بشدة، فإن إنعدام الرضى، وصفة الفوضى.
إن التحديات التي تواجه الحكم الجديد في سورية كبيرة، وعلى رأسها استتباب الأمن الذي سيعبث فيه فلول النظام القديم، ومخلفات النظام الإيراني، والميليشيات المسلحة التي تتلمظ على حصتها من كعكة السلطة، وبقايا تنظيم داعش الكامن في شرق سوريا، وتأثير الدول الراعية كتركيا، التي تحتل آلاف الكيلومترات من شمال سورية، وأميركا التي تسيطر على حقول النفط، وتلبية تطلعات الأكراد القومية، وإشراك الطوائف السورية الثماني عشرة، إضافة إلى تحديات متطلبات التعافي وعودة المهجرين وإعادة توطينهم، وإعادة بناء الجيش والشرطة والمخابرات والأحوال المدنية و الإدارة العامة، ومتطلبات التنمية، ومشاريع التشغيل، وتحديث المعابر وحل المشكلات الاجتماعية والطائفية والحقوقية الكبيرة التي خلفها النظام البائد.
ان العلاقة التاريخية والسياسية والإقتصادية التي تربط الأردن وسورية، في عقل الملك عبد الله وقلبه، فهو الذي قدم طيلة السنوات الماضية النصح الأمين لإقناع القيادة السورية بتقديم الاستحقاقات اللازمة للمصالحة الوطنية، وإجراء انتخابات ديمقراطية نزيهة، والتخلص من قوى التدخل والسيطرة الإيرانية، علاوة على مبادرة جلالته إلى عقد ملتقى العقبة الدولي، الذي وضع الخطوط الأساسية للتعامل مع الواقع السوري الجديد.
والنتيجة التي باتت قانونًا هي ان الأنظمة العربية التي حكمت بالحديد والنار، قد التهمها النار ومزقها الحديد، وألحقت أفدح الأضرار بشعوبها. ــ الدستور