الأخبار

د محمد العزة يكتب : الأحزاب بين خيارات التأهيل و التعديل

د محمد العزة يكتب : الأحزاب بين خيارات التأهيل و التعديل
أخبارنا :  

د محمد العزة :


بعض مضي ثلاث شهور من إجراء الانتخابات النيابية لمجلس النواب العشرين ، سبقتها ثلاث من ربيع حزبي سياسي لطيف الحراك ، غلبت عليه سمة انعقاد الندوات هنا و هناك و تبادل الزيارات ما بين الأحزاب لغاية إقامة التحالفات والتشاورات و التحضيرات لخوض الانتخابات النيابية و ترتيب الاسماء داخل القوائم الانتخابية الحزبية حسب معايير و مواصفات و ضعتها لجان تابعه لها كما تم الادعاء ، لتبزغ شمس صيف عام 24 بلا حر قائظ أو حرارة حركة حزبية تعكس مدى أهمية المرحلة السياسية الجديدة ومدى أهمية ما صدر من توصيات عن اللجنة الملكية واهدافها.
لجنة اعطت القوى الحزبية فرصة الدخول الى الساحة السياسية من أوسع أبوابها و ممارسة نشاطها بكامل حريتها السياسية والقانونية ، و على اسس الديمقراطية المتفق عليها على ان يكون عنوانها البرامجية نحو مستقبل يهيئ لها عبر الانتخابات تشكيل الحكومات الحزبية البرلمانية.
الهيئة المستقلة للانتخابات من جهتها قامت بواجبها و أشرفت على الانتهاء من إعداد البنية التحتية لهذا الحدث الديمقراطي و أقامت الانتخابات ، و صدرت النتائج التي لا نريد تقيمها و مراجعتها و ذكرها في هذا النص ، إلا أن مجمل الآراء و الانطباعات عند مراقبي و خبراء المشهد السياسي الحزبي الاردني جاءت تصب ان الأداء كان دون المطلوب الذي يرتقي و يعكس مستوى الحزبية الناضجة التي تستند إلى البرامجية و تعبر عن ما يجول في ذهن و صدر المواطن من قضايا و احتياجاته اليومية التي يواجهها و ينتظر من يقدم له شارة الحل أو يذكي شرارة الفكرة للتحايل عليها أو تأخيرها و تجاوزها وهذا هو المبتغى على الأقل .
صدرت الإرادة الملكية السامية بتشكيل حكومة جديدة و على إثرها توزعت الحقائب و نالت الأحزاب منها ما نالها و دخلت من بعدها في حالة السبات و الضمور الشتوية ، بعد ضمان بعضها بطاقة العبور الى مواقع اللجان النيابية و المناصب الحكومية ، و من ثم تغيب عن الساحة الشعبية ، و لولا الحراك لرئيس الوزراء الحالي و زياراته الميدانية و تصريحات رئيس وزراء سابق و نقده لما جرى لم استطعنا اليوم أن نقرع اجراس اليقظة و الحاجة الملحة بخطورة المرحلة الحرجة التي تمر بها المنطقة العربية و الاردن خاصة و الإشارة الى حاجة و ملحة لانتاج و/ أو صناعة نخب حزبية جديدة عن طريق إعادة صياغة و هيكلة و تنسيق أحزاب اللون الواحد ذات المساحة الواحدة وتحقيق الانسجام و الالتحام و الالتئام بينها و تذليل الفوارق و إذابة العوائق بينها سواء كانت على هيئة شخوص أو رموز أو بنود داخل الأنظمة الداخلية بما يخدم الفكرة و البرنامج لأجل المشروع و الانحياز إلى أساس البرنامج الذي يعبر عن لونه و فكره السياسي و اهتماماته و الملفات الوطنية المحلية التي سيعمل عليها و إنجازها و الفئات المستهدفة التي يخاطبها و يخدمها و يعمل لأجلها وليس لأجل الشخص و الرمز و تقاطعات المصالح و المنافع و المكتسبات و حسابات الفروع .
التعددية و منح الثقة للتيارات السياسية على المسطرة الحزبية و أن تباينت البرامج و حدث التبادل في الاراء فهذا أمر إيجابي و من سمات حالة الممارسة السياسية الصحية الديمقراطية ، و ظهر في نموذجها الاول الذي خضع لمبضع العمليات الشكلية التجميلية، لكن الاغلبية اكتشفت أن الحقيقة هي خلاف امنيات ما تم توقعه ، و السبب أن النشاط الحزبي لم يقدم النمطية المتجددة و النشاطات الحزبية المنهجية و اللامنهجية الدالة على لونها أو برامجها السياسية لتقدم اي برنامج و تحرز أي نتيجة تقدمه على أنه منتج يعود بالنفع والفائدة على المواطن في ظل الأوضاع الراهنة الصعبة منذ سنوات طويلة .
الأمر الذي دفع الأغلبية الصامتة من القاعدة الانتخابية إلى الأحجام و عدم المشاركة ، بل ربع المقترعين ممن انتخبوا صوتوا بأوراق بيضاء ، و هناك أغلبية تزيد عن 60 % لم تشارك ، هذا أوجد قناعة كما يعتقد لدى عقل الدولة بضرورة مراجعة الحالة الحزبية السياسية الأردنية وحاجتها إلى إعادة هيكليتها و أفراد نخبها من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين وان تطلب الأمر إلى الهدم و البناء من جديد ، بمفاهيم جديدة و أسس جديدة تأخذ بعين الاعتبار مفاهيم ومصطلحات مسار التحديث السياسي وأدواته البرامجية الحديثة .
الأمر إلإيجابي أن النموذج الاول للتجربة الحزبية أظهر تمايزا لثلاث مساحات سياسية على المسطرة الحزبية , " اليسار الديمقراطي التقدمي ، الوسط المحافظ ، اليمين الإسلامي السياسي بفرعيه ومحاولة ثالث لكنه فشل ، هذه التيارات التي خاضت تجربة التحديث والتصويب والعملية الانتخابية في التجربة الأولى أعطت انطباعا لاحقا عدم نضج الثلاث تيارات وأنهم مازالوا بحاجة إلى فهم أعمق و انخراط أكبر في مفهوم العمل الحزبي البرامجي الواقعي القابل للتطبيق حسب الأولوية و تصنيف المشاريع إلى معيارية او غيرها حسب الأولوية
النموذج الحزبي البرلماني الاردني لن ينضج إلا بنضوج هيكله السياسي متوافقا مع مقاس مساحة مسطرته السياسية ، (يمين ، وسط ، يسار ) كلها أطراف بحاجة إلى إعادة صياغة خطابها و ترميم هياكلها و اساساتها و يكون قوامها الفهم العميق للهوية الأردنية ، و مراعاة الثقافة المجتمعية و معرفة متطلبات وأدوات و البرامج التي تعمل على تحسين المستويات المعيشية للمواطن و استخدام الأدوات التشريعية و الرقابية الصحيحة على أسس برامجية مؤسسية وطنية ، تمكنها من مراقبة و محاكمة الحكومات (السلطة التنفيذية )على قراراتها من حيث معدلات الانجاز و النتائج و السلطة التشريعية في دورها على رقابتها لهذه الحكومات و برامجها ومدى التزامها محتكمة إلى تاريخ و مدة زمنية .
دون ذلك سنظل نراوح محلنا ننتظر تبادل ادوارنا على مشهد الساحة الأردنية السياسية أما مناظر تسر عيوننا أو خلف الكواليس نستر بها عيوبنا.

مواضيع قد تهمك