الأخبار

د. احمد يعقوب مجدوبة : سؤال ونقطة مهمة!

د. احمد يعقوب مجدوبة : سؤال ونقطة مهمة!
أخبارنا :  

لا تكاد تخلو الرؤية والرسالة في الخطط الاستراتيجية لمؤسساتنا كافة من التأكيد على التّميّز أو الجودة. لكن الواقع في معظم هذه المؤسسات، وبالذات في القطاع العام، يحكي قصة معاكسة تماماً.

يبدو أن بعضهم يظن أنه بمجرد رفع شعار التميز تصبح مؤسسته متميزة. والحال هذا أصبح ظاهرة في مجتمعنا.

تماماً كظاهرة مُاصقات ممنوع التدخين «تحت طائلة المسؤولية» والتي يقف أو يجلس تحتها أناس يدخنون بأريحية، دون طائلة ودون مساءلة.

أو كشاخصة «ممنوع طرح الأنقاض» في شوارعنا المليئة بالأنقاض. أو إشارة «قف» أو «أعط الأولوية» والتي لا يأبه بأي منهما أحد.

بخصوص أداء مؤسساتنا، وبالذات في القطاع العام، هنالك عدد منها متميز بحق؛ وهذه المؤسسات قصص نجاح.

وقد أشدتُ أكثر من مرّة بعدد منها، وعلى رأسها دائرة الأحوال المدنية وإدارة ترخيص السواقين والمركبات التابعة لمديرية الأمن العام. يفخر المرء بحق بسهولة الإجراءات وسرعتها ومعاملة القائمين على خدمة المواطن فيهما.

وهذه الظاهرة، ظاهرة وجود عدد ولو قليل من مؤسساتنا يتجسد التميز في رؤاها ورسائلها والواقع على الأرض، هي ظاهرة مُفرحة، وتدلل على أننا عندما نُوفّر الإرادة والإدارة معاً، وليس رفع الشعار فقط، قادرون على تحقيق المنشود.

وراء كل تميز فريقٌ قيادي كفؤ؛ ولا تميّز خلاف ذلك.

هذا على الجانب المُفرح. أما على الجانب المُحزن والمُحبط، فهنالك عدد كبير من مؤسساتنا ما زال يرزح تحت نير البيروقراطية العقيمة والترهل والإجراءات المُبهمة والمعقدة والروتين القاتل والمعاملة الجافة.

والمؤسسات الأخيرة هذه تندرج تحت فئتين.

واحدة لم تسمع بالرقمنة والحوكمة الإلكترونية، وبالتالي ما زالت غارقة في أطنان من الورق، و"روح وتعال»، وكأننا ما زلنا في حقبتي الستينات والسبعينات من القرن الماضي.

نماذج وتواقيع، وطابق أول وطابق ثالث، ثم شروحات من مؤسسة أخرى بعيدة، ثم «راجع بعد أسبوع».

والثانية تدّعي أنها أتمتمت ورقمنت وحوسبت. تمنعك من مراجعتها وتُحيلك إلى موقعها الإلكتروني.

تذهب إلى الموقع فلا تعرف «الخمسة من الطمسة"؛ إجراءات غير صديقة لطالب الخدمة، وشروحات غير مفهومة، وأيقونات لا تحيلك إلى ما تريد. تستعين بصديق خبير تقنياً، فَلْتَة زمانه، فيقول لك بعد عدة محاولات يائسة: «راجعهم أحسن لك؛ آينشتاين لا يستطيع فك طلاسمهم».

الإشكال أنهم يمنعون مراجعتهم شخصياً، ويحيلونك للموقع كلما اتصلت بهم...

الحديث ذو شجون، سيّما وأن عدد المؤسسات من النوعين الأخيرين كبير جداً.

سؤال: ما دمنا قد أفلحنا كقطاع عام في تطوير عدد من المؤسسات المتميزة، لماذا لا نكمل المعروف ونجعل جميعها متميزة، أو أقلّ عُقماً، أسوة بالأولى؟

نقطة مهمة: لا بد من أن تقوم الحكومة، وهي المسؤولة عن القطاع العام، بتقييم جاد ودقيق ومحترف، من خلال جهة مؤهلة وآلية ناجعة، لأداء جميع مؤسسات القطاع العام، للوقوف على من خرج منها إلى دائرة الضوء ومن لا يزال يقبع في العتمة؛ وإجراء اللازم لتصويب الوضع، تخفيفاً على المواطن وانصياعاً لكتب التكليف السامية التي نصت وتنص على ضرورة تطوير أداء المؤسسات.

تميزٌ قليل وترهلٌ كثير؛ والأمر لا يحتمل الترحيل أوالتأجيل! ــ الراي

مواضيع قد تهمك