بقلم : ناديه إبراهيم نوري
في عصرنا الحالي، ازدادت حالات الطلاق بشكل ملحوظ، والمؤلم أن أغلب هذه الحالات تحدث بين شباب في بداية حياتهم الزوجية. ما يثير الدهشة أن كثيرًا من هذه الزيجات بنيت على الحب والاختيار الحر، وبعضها واجه رفض الوالدين واستخدم كل وسائل الإقناع، بل وصل الأمر ببعضهم إلى محاربة كل العقبات ليحظى بمن اختاره قلبه. لكن من المحزن أن تنتهي تلك القصص الجميلة بنهايات مؤلمة.

عند البحث في أسباب هذه الظاهرة، نجد أن غياب التفاهم بين الشريكين هو السبب الرئيسي. إذ إن شرارة الحب تخبو بعد سنوات قليلة من الزواج، ويبقى التفاهم هو الأساس الذي تقوم عليه العلاقات، سواء الزوجية أو الاجتماعية وحتى الصداقة والجيرة.

لتحقيق هذا التفاهم، علينا أولًا أن نفهم أنفسنا، ثم نحاول فهم الطرف الآخر. هنا تذكرت كتابًا قرأته للكاتب السويدي توماس أريكسون، الذي يحلل فيه الأنماط الأربعة للسلوك البشري. هذا الكتاب تُرجم إلى أربعين لغة، وهو ليس موجهًا فقط للمهتمين بالتنمية البشرية، بل يفيد المجتمع ككل. فشخصية كل منا تتأثر بعوامل متعددة مثل الوراثة، التربية، المحيط الاجتماعي، والظروف.

لذلك، من غير الممكن التعامل مع الجميع بنفس الأسلوب. على سبيل المثال، قد تشتكي الزوجة من سلبية زوجها، بينما يشتكي الزوج من تسلط زوجته. آخر قد يشعر أن زوجته تفضل أسرتها عليه وعلى أبنائها، بينما قد تشتكي زوجة أخرى من انعدام طموح زوجها ورفضه السفر لتحسين ظروفهم المعيشية. هذه المشكلات قد تهدد استقرار البيت الزوجي، مما ينعكس سلبًا على الأبناء.

فهم أنماط الشخصية
إذا حاولنا فهم أنماط الشخصية لأنفسنا وللآخرين، يمكننا التوصل إلى حلول بسيطة لكل مشكلاتنا. وقد لخص الكاتب توماس أريكسون الأنماط الأربعة كما يلي:

1. الشخصية المسيطرة (اللون الأحمر):
يتميز أصحاب هذا النمط بالقوة والظهور، وينجحون في القيادة سواء داخل الأسرة أو في العمل.


2. الشخصية المؤثرة (اللون الأصفر):
يتمتع أصحاب هذا النمط بالمرح وحب جذب الانتباه، ولديهم قدرة كبيرة على الإقناع.


3. الشخصية الثابتة (اللون الأخضر):
يشبهون الأشجار؛ يتمسكون بالمبادئ والأسرة والوطن، ويبحثون عن الاستقرار.


4. الشخصية ذات الضمير الحي (اللون الأزرق):
يتميز أصحابها بالهدوء، النظام، والتفكير العميق. يحبون دراسة الأمور بعناية قبل اتخاذ أي قرار.



كيف نتعامل مع هذه الأنماط؟

إذا كان شريكك من نمط الشخصية المسيطرة، فتجنبي الاصطدام به أثناء النقاش أو اتخاذ القرارات.

إذا رفض شريكك السفر لتحسين الظروف المعيشية، قد يكون من نمط الشخصية الثابتة؛ لذلك، تجنبي الإلحاح عليه.

فهم أنماط الشخصية لا يقتصر على العلاقات الزوجية فقط، بل يشمل الأبناء أيضًا.


الأبناء وأنماط الشخصية

إذا لاحظت أن ابنك يميل إلى الفن والمرح، قد يكون من نمط الشخصية المؤثرة. ادعم موهبته بدلًا من فرض مسار علمي عليه.

إذا كان ابنك مترددًا وهادئًا، فقد يكون من نمط الضمير الحي. لا تضغط عليه لاتخاذ قرارات سريعة، بل امنحه وقته لدراسة الأمور.

إذا كان ابنك متمردًا، قد يكون من نمط الشخصية المسيطرة. استخدم ذكاءك في التعامل معه، وامنحه حرية اتخاذ القرارات بطريقة غير مباشرة.

إذا كان ابنك متمسكًا بأصدقاء الطفولة، فهو من نمط الشخصية الثابتة. لا تطلب منه التخلي عنهم، بل دعه يكتشف بنفسه الصالح منهم والطالح.


فهم أنفسنا هو المفتاح لاختيار المجال الذي يناسبنا والنجاح فيه. كما أن فهم أنماط شخصية الشريك والأبناء يساعدنا على تحقيق التفاهم وبناء أسرة مستقرة وسعيدة.