اقتصاديون: المؤشرات الاقتصادية التقديرية في موازنة ٢٠٢٥ واقعية ومنطقية
عمان - سيف الجنيني
قال خبراء اقتصاديون ان مشروع الموازنة العامة للعام ٢٠٢٥ الذي اقرتة الحكومة الأردنية يمكن وصف التوقعات الاقتصادية التي تناولتها بأنها واقعية في تقديراتها.
ولفت الخبراء في احاديث لـ(الرأي) إلى أن تقديرات مشروع قانون الموازنة العامة للعام ٢٠٢٥ ركزت على مجموعة من التوجهات من أبرزها استكمال تنفيذ برنامج الإصلاح المالي والنقدي وتحقيق أهدافه، ومتابعة تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي وخريطة طريق تحديث الاقتصادي وخريطة طريق تحديث القطاع العام
واقر مجلس الوزراء، برئاسة جعفر حسان، مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2025، تمهيدا لإحالته إلى مجلس الأمة ضمن الإطار الزمني المحدد دستوريا. ويركز المشروع على تحقيق رؤية التحديث الاقتصادي ومواجهة التحديات الإقليمية، مع تعزيز الحماية الاجتماعية وتقليل العجز المالي.
وتضمن مشروع الموازنة مخصصات مالية لتنفيذ مشاريع استراتيجية كبرى، أبرزها مشروع الناقل الوطني للمياه وسكة الحديد بين العقبة ومناطق التعدين. وبلغت النفقات العامة المقدرة «12.511» مليار دينار، بزيادة نسبتها 16.5% مقارنة بتقديرات 2024.
وقال الخبير الاقتصادي والمالي زياد الرفاتي ان مجلس الوزراء اقر الخميس مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2025 تمهيدا لارساله الى مجلس النواب خلال الأيام المقبلة وفي موعده الدستوري في أول مشروع قانون مالي يقدم الى المجلس الجديد بعد انتخابه ومباشرة أعماله، ومن ثم القاء وزير المالية لخطاب الموازنة أمام المجلس ليحال الى اللجنة المالية وتبدأ بالمناقشات والاجتماعات مع الوزراء والمسؤولين الحكوميين وأصحاب الاختصاص لتعد تقريرها وتقدمه الى المجلس بعد الانتهاء من عملها متضمنا النتائج والتوصيات حول الموازنة.
ولفت الرفاتي الى ان مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2025 بني على فرضية معدل نمو اقتصادي اسمي 4،9 % ليتحول الى 2،5% بعد تنزيل التضخم المقدر في المشروع بنسبة 2،4% برفعه 0،2% عن بلاغ الموازنة المعمم سابقا، ونسبة النمو المقدرة تقارب 2024 المتوقع أن تصل مستوى 2،4% في نهاية العام الحالي.
وقد وضعت تلك الفرضية عن عام 2025 في ظل الظروف والتوترات الأمنية في المنطقة والاقليم وعدم زوالها مؤثرة على الاقتصاد والتجارة الخارجية والاستثمار والسياحة وتغير أنماط الاستهلاك وتبدل الأولويات، وقدوم ادارة أمريكية جديدة لا زال العالم في حالة ترقب لسياساتها وقراراتها السياسية والاقتصادية والمالية والنقدية والتي قد تؤثر على اقتصاد المنطقة واقتصادات دول أوروبية وعالمية.
واشار الى انه يفضل تحليل النمو المستهدف لكل قطاع اقتصادي على حده عوضا عن النسبة الاجمالية وتحييد العوامل غير المستدامة أو الشاذة أو غير المستقرة في القطاع واحتساب متوسط النسبة لها بعد التحييد، حتى لا يكون هناك مبالغة في تقدير نسبة النمو ويصعب تحققها وبالتالي تكون النتائج معاكسة وخروج اجتهادات وتفسيرات غير مقبولة أو غير منطقية.
ولفت ايضا الى ان حتى يحدث النمو المرجو، فلا بد من مراجعة روافعه من ازالة التحديات أمام القطاعات الاقتصادية والانتاجية بايجاد حلول واقعية ومنطقية لها وتخفيض الكلف التشغيلية وجذب الاستثمارات وتهيئة المناخ الاستثماري وتنفيذ الرؤية والخطط والبرامج وضمن الجداول الزمنية المحددة لها.
لقد قدرت النفقات الرأسمالية لعام 2025 بنحو 1،5 مليار دينار تشكل 12% من الموازنة وذلك للانفاق على المشاريع الكبرى ضمن خطة التحديث الاقتصادي وبناء المستشفيات والمدارس وصيانة المستشفيات والمدارس الحالية، وقد أدرجت مخصصات الصيانة ضمن الانفاق الرأسمالي بالرغم من أنها نفقات جارية وتمثل تشوها في النفقات الرأسمالية ويتطلب معالجته والمناقلة بينهما.
وذكر الرفاتي ان النفقات الرأسمالية تفرض تحد لتوفير التمويل تجاهها وبكلف مناسبة كون الايرادات المحلية غير قادرة على تغطيتها، وقد وجه جلالة الملك في كتاب التكليف السامي للحكومة الجديدة البدء بمشروع الناقل الوطني للمياه في 2025 وهذا التوجيه يحتاج الى تدبير وتوفير مخصصات المشروع المتوقع انفاقها في ذلك العام، أما المشروع الاستثماري للسكك الحديدية من العقبة الى مناجم التعدين في الشيدية وغور الصافي فسيكون باستثمار اماراتي بقيمة 2،3 مليار دولار ويمتد تنفيذه لخمس سنوات حسب الاتفاقية الموقعة بين البلدين، وليكون 2025 عام انطلاق تلك المشاريع اضافة الى اطلاق مشاريع أخرى والبحث عن شركاء استراتيجيين أو صناديق استثمارية سواء محليين أو عرب أو أجانب للتحول من مرحلة الرؤية والخطط الى التنفيذ.
واضاف أن يتم مراعاة توزيع مكاسب التنمية على المحافظات حيث تحدث رئيس الوزراء باجتماع الحكومة في محافظة اربد في الثاني عشر من الشهر الجاري أن رؤية التحديث الاقتصادي لا يمكن أن تنجح دون تحقيق التنمية في المحافظات، ونشير الى أهمية عمل مجالس المحافظات واللامركزية بالمرحلة المقبلة لاحداث التنمية في المحافظات ضمن خطة التحديث وتفعيل دورها ومهامها وصلاحياتها في المجالات التنموية والاستثمارية وتقديم الدعم لقراراتها وتوفير المخصصات اللازمة لتنفيذ مشاريعها والتقليل من المركزية والاعتماد على الأطراف باعتبارها الأقرب الى تلمس احتياجات المواطنين وتواصلهم المباشر معهم.
وبين انه كذلك تقديم الدعم للمجالس البلدية الواقعة في المحافظات والتخفيف من المديونية وأعباء خدمتها ويعاني معظمها من عجز مالي مع التنويه الى أن الجزء الأكبر موازناتها يخصص لتغطية الرواتب والنفقات الجارية، ويشكل ذلك الوضع حاجزا أمام تنفيذ المشروعات الانمائية وتقديم الخدمات الأساسية، ويمكن ذلك من خلال تخصيص أموال في موازنة وزارة البلديات لتسديد جزء من تلك المديونية ولا سيما تجاه البنوك، لتتمكن من توفير المساحة المالية لها والقدرة على توفير الموارد المالية لتقديم الخدمات الى المواطنين بمستوى مقبول من الجودة والسوية ويحقق رضاهم وتوقعاتهم وتطلعاتهم تجاه الخدمات.
وذكر ان معدلات الفقر والبطالة يمكن أن تنخفض الى المستوى المقبول عبر رفع تنافسية الاقتصاد لجذب الاستثمارات ودعم وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومشاريع الشباب والمرأة لتوسيع معدلات المشاركة الاقتصادية في سوق العمل وكسر ثقافة العيب، واعادة النظر في نسبة مساهمة أرباب العمل في الضمان الاجتماعي لحفزهم على التوظيف الجديد وتغطيتهم في الضمان وتوفير الحماية الاجتماعية لهم، كما يتطلب تنظيم شؤون العمالة الوافدة والتنظيم القانوني لاقتصاد الظل ودفعهم على الانخراط في الاقتصاد الرسمي حيث جميع مؤشراته الاقتصادية لا تدخل في الاحصاءات الرسمية مما يجعلها مشوهة، واعادة النظر بين مخرجات التعليم وحاجات سوق العمل.
واشار الرفاتي الى انه في جانب النفقات الجارية في موازنة 2025 التي تمثل الرواتب والتقاعدات والنفقات التشغيلية والدعم بمختلف أشكاله والحماية الاجتماعية وفوائد الدين العام ونفقات أخرى، فقد قدرت بمبلغ 11 مليار دينار وبنسبة 88% من الموازنة وهي نسبة مرتفعة يمكن تحسينها من خلال ضبط وترشيد الانفاق الجاري ورفع كفاءته والحد من الزيادة المضطردة في النفقات وتحديد الأولويات والضرورات وعدم تجاوز التخصيصات المعتمدة لبنود النفقات والموائمة قبل عملية الصرف بين التكلفة والعائد المتوقع من الانفاق.
واضاف اعادة تدوير مخصص الطوارئ من عام 2024 البالغ 100 مليون دينار وامكانية زيادته و استخدامه في دعم القطاعات المتأثرة بالظروف الحالية في المنطقة الى حين انجلائها، كقطاع الصادرات السلعية في تخفيض كلفها وخصوصا الشحن والتأمين لتبقى على تنافسية السعر في الأسواق الخارجية وقطاع السياحة الأكثر تضررا في ظل انخفاض الدخل االسياحي للمملكة بنسبة 8% خلال العام الحالي، وهذان القطاعان من أبرز القطاعات التي ترفد الاحتياطي الأجنبي للمملكة، وكذلك دعم بعض الصناعات التي تأثرت في سبيل الحفاظ على الأيدي العاملة لديها وتجنب التسريح.
ولفت الى ان الايرادات العامة فقد قدرت بمبلغ 10،2 مليار دينار منها 9،5 مليار دينار ايرادات محلية تشكل الايرادات الضريبية بأنواعها المتعددة جزءا كبيرا منها و700 مليون منح خارجية وبشكل رئيسي من المنحة السنوية الأميركية، وتغطي الايرادات قبل المنح 86 % من النفقات الجارية المقدرة وبعد المنح 93%.
وبعد تنزيل النفقات العامة من الايرادات العامة، يبلغ عجز الموازنة المقدر 2،3 مليار دينار في 2025 وبنسبة 18% من حجم الموازنة بارتفاع عن عام 2024 المقدر بنحو 2،1 مليار دينار، ويغطى بالاستدانة وهو المسبب للاقتراض ليضاف الى رصيد الدين العام القائم والمتصاعد وقد وصلت نسبته الى 115% من الناتج المحلي الاجمالي
وقال الخبير الاقتصادي وجدي مخامرة انه بالإشارة إلى موضوع الموازنة العامة للعام ٢٠٢٥ الذي اقرتة الحكومة الأردنية موخراً فإننا يمكن وصف التوقعات الاقتصادية التي تناولتها بأنها واقعية في تقديراتها. كما أنها راعت الشفافية والوضوح وعكست توقعات منظومة التحديث الاقتصادي. كما ان الموازنة عكست امكانية تحسن طفيف في مؤشرات الأداء الاقتصادي خلال العام ٢٠٢٥.
واشار مخامرة إلى ان توقعات موازنة ٢٠٢٥ جاءت منطقية وحذرة وتعكس الواقع في ظل الأوضاع المتوترة التي تشهدها المنطقة في ظل حالة التوتر الجيوسياسي والحرب على غزة ولبنان، إضافة إلى انها جاءت منسجمة ومتقاربة مع توقعات وتقديرات المؤسسات الدولية، لا سيما صندوق النقد والبنك الدولي.
ولفت الى ان قيام الحكومة برفع نسبة النفقات الرأسمالية في موازنة ٢٠٢٥ بنسبة ١٦.٥٪ عن مستواها المعاد تقديرة لعام ٢٠٢٤ والذي يشير إلى تركيز هذه الموازنة على روية التحديث الاقتصادي والقيام بالمشاريع المتعلقة بالبنية التحتية كمشاريع سكة الحديد ومشروع الناقل الوطني ومشاريع اخرى. كما يعكس رفع هذه النسبة إلى ان الحكومة جادة في تنفيذ المشاريع المرتبطة بروية التحديث الاقتصادي والمتعلقة بالأمن المائي كالناقل الوطني وقطاع النقل وذلك لتعزيز التنمية المستدامة في الأردن.
واضاف إلا ان هذه النفقات الرأسمالية حسب توقعاتنا ستغطي جزءا من نفقات رؤية التحديث الاقتصادي، وبالتالي فان الحكومة بحاجة لمبالغ إضافية لاستكمال مشاريع روية التحديث الاقتصادي وبالتالي لا بد من تركيز الحكومة على استقطاب استثمارات إقليمية واجنبية ومنحها كافة الحوافز والتعاون مع بعض الدول على المستوى الاقتصادي مثل الصين والهند والإمارات.
وذكر ان مشروع الموازنة اكد على نجاح نهج الاعتماد على الذات تراكميا بانخفاض الاعتماد على المنح الخارجية، وارتفاع نسبة تغطية الإيرادات المحلية للنفقات الجارية لتصل إلى 86%..
وأوضح مخامرة أن هذه المؤشرات تعني أن نمو الناتج المحلي المتوقع في الموازنة والبالغ ٢.٥٪ لن يكون له القدرة على خفض نسبة الدين العام، الذي يتجاوز ١١٤% من الناتج المحلي الإجمالي، والذي يُتوقع أن يزيد عن تلك النسبة في العام ٢٠٢٥.
وتوقع أنه في حال استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان والذي له تأثير واضح على واقع الاقتصاد الأردني، فمن المحتمل أن تطرأ بعض المراجعات لهذه التوقعات وإصدار موازنة طوارئ.
وذكر ان تقديرات مشروع قانون الموازنة العامة للعام ٢٠٢٥ قد تكون ركزت على مجموعة من التوجهات من أبرزها استكمال تنفيذ برنامج الإصلاح المالي والنقدي وتحقيق أهدافه، ومتابعة تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي وخريطة طريق تحديث القطاع العام علاوة على الاستمرار في تنفيذ إجراءات مكافحة التهرب والتجنب الضريبي والجمركي ورفع الموازنة الأمنية والإبقاء على دعم بعض السلع الأساسية،إضافة إلى التأكيد على عدم فرض أي ضرائب جديدة. ــ الراي