النوايسة: الإرادة السياسية الأردنية العليا حددت الدراية الإعلامية كمنهج أساسي لها
قال أمين عام وزارة الاتصال الحكومي الدكتور زيد النوايسة "إن الإرادة السياسية العليا في المملكة أكدت ضرورة أن تكون التربية الإعلامية منهجا أساسيا لديها، وأن الوزارة ذراع تنفيذي لمشروع الدراية الإعلامية والمعلوماتية".
جاء ذلك خلال مواصلة جلسات مؤتمر أسبوع الدراية الإعلامية والمعلوماتية الثالث عشر لليوم الثاني على التوالي، اليوم الخميس، والذي نظم أعماله منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونيسكو"، بالشراكة مع وزارة الاتصال الحكومي.
وأضاف النوايسة بحضور وزير الاتصال الحكومي الدكتور محمد المومني، إن الأردن خطا خطوات مهمة في هذا المجال الذي انطلقت بدايته من معهد الإعلام الأردني، لينتقل إلى رئاسة الوزراء ووزارة الثقافة ووزارة الاتصال الحكومي، التي كان من ضمن سياستها في الإعلام والاتصال ما يتعلق بالتربية الإعلامية والمعلوماتية، وشكلت فريقا وطنيا برئاسة وزير الاتصال الحكومي يضم معظم الوزارات والمركز الوطني للمناهج ومعهد الإعلام الأردني.
وبين أن لديهم مشاريع طموحة في هذا المجال، كونهم في سباق مع المعلومات المغلوطة والمضللة التي تساهم في خداع الرأي العام، مشيرا إلى منصة "حقك تعرف" التي تتوجه بسرعة لدحض أي معلومة مغلوطة بالدليل القاطع، حيث قاموا بتأهيل مسؤولي حسابات منصات التواصل الاجتماعي في الوزارات وفي الجامعات ليكونوا قادرين على التعامل مع هذا التحدي على مدار اليوم كاملا من خلال تقديم المعلومات الحقيقية.
ولفت النوايسة إلى التوجيهات الملكية بأهمية وجود "قانون الحصول على المعلومات" الذي يتيح للأشخاص الحصول على المعلومات من داخل الأردن وخارجه، تفاديا للإشاعات التي تضلل الرأي العام، مشيرا إلى أن هذا القانون هو الأول عربيا الذي يسمح بالحصول على المعلومات من مصادرها الرسمية في مدة أقصاها 10 أيام، في سبيل تحقيق أقصى درجات تبني مفاهيم التربية الإعلامية والمعلوماتية.
وأوضح أن أهمية الدراية الإعلامية والمعلوماتية تتزايد في أوقات الحروب والأزمات، من خلال تقديم سرديات مغلوطة في سبيل تحقيق أهداف معينة، خاصة عبر منصات التواصل الاجتماعي التي تعد بيئة خصبة لنشر الأكاذيب.
وأشار إلى أن سرديات الحرب على غرة ولبنان طالت الأردن من خلال التشكيك بمواقفه الثابتة، إلا أن الأردن استطاع من خلال أدواته السياسية وبرامج التربية الإعلامية التي عكف على تطويرها منذ عام 2016 التصدي لهذه الهجمات، بالإضافة إلى تكثيف حضوره على منصات التواصل الاجتماعي لبيان السردية الرسمية والشعبية على حقيقتها.
من جهتها، أكدت المدير العام لمؤسسة بيالارا في فلسطين، هانيا البيطار، أن الظروف التي يعيشونها في فلسطين تعد ساحة واسعة لتناقل المعلومات المغلوطة، مبينة أهمية تناقل المعلومات الصحيحة في أوقات الأزمات والحروب، والتمييز بين مصطلحات تستخدم في وصف الظروف التي يعيشونها، ليتمكن العالم الخارجي من معرفة ما يدور بشكل حقيقي في الأراضي المحتلة ونقل صوت الحق بكل شفافية.
وأشارت البيطار إلى أن الظروف الصعبة التي يشهدها قطاع غزة تفرض صعوبة التحري عن المعلومات في ظل بحث المواطنين عن النجاة بحياتهم، لافتة إلى أن هذه الحرب غربلت وسائل الإعلام وأسقطت أقنعتها نتيجة وعي المشاهدين في كثير من الأحيان لحقيقة رسالة هذه الوسائل ومدى لجوئها لسردية محددة تخدم مصالحها.
من جهته، بين مؤسس منظمة صحفيون من أجل حقوق الإنسان في السودان، الصحفي فيصل الباقر، أن الحرب التي اندلعت في العاصمة الخرطوم العام الماضي كان لها أثر مدمر طال الصحافة والإعلام وساهم في تضليل الإعلام، حيث تعاني الصحافة في السودان من حالة الإحباط، مشيرا إلى أنه على الرغم من ذلك فإن هناك جيلا من الصحفيين يتمسكون بالأمل ويبذلون جهدا كبيرا في محاولة التحقق من الأخبار للوصل للمعلومات الحقيقية.
وأشار الباقر إلى أن وزارة الإعلام ومنتدى الإعلام السوداني بذلوا جهدا في تجنيد طاقتهم وطاقة الصحفيين من خلال تدريبهم وتأهيلهم في مجال التحقق من الأخبار للوصول إلى المعلومات الصحيحة في ظل الظروف الاستثنائية القاهرة، لتعزيز صحافة السلام وحقوق الإنسان التي تهتم بسرد قصص الناس ومعاناتهم، لافتا إلى حرصهم للتعلم من تجارب وخبرات الدول الأخرى في هذا المجال.
من ناحيتها، قالت رئيسة مشروع "فلتر" في وزارة الثقافة والإعلام في أوكرانيا، أولها كرافشينكو، "إننا نعيش في طيف واسع من المعلومات التي تفرض قصصا مشوهة للتاريخ، لذلك تم إنشاء مشروع "فلتر" الذي جاء استجابة لردع هذه الفوضى الإعلامية من خلال تطوير مفاهيم الدراية الإعلامية والمعلوماتية منذ عام 2021، حيث اعترفت الدولة الأوكرانية بالدراية الإعلامية باعتبارها أولوية لها".
وأوضحت أن من وجهة نظر السياسة العامة فإن من المهم وجود استراتيجية محددة، وقياس للآراء السياسية، حيث نعمل على تطوير الدراية الإعلامية كأحد أهم أهدافنا، مع تطوير استراتيجيتها حتى عام 2026، والتي تعمل على تنسيق الجهود وإطلاق المبادرات والمشاريع في المجالات التي يحتاجون إلى تعزيز جهودهم فيها.
وأشارت كرافشينكو إلى جهود وسياسات ومبادرات كان آخرها عقد امتحان في الدراية الإعلامية، نجح فيه ما يقارب 60 ألف شخص، لمساعدتهم في الخروج من الفقاعات الإعلامية الكاذبة.
وقالت مديرة برامج (data leads) في الهند، ميثي سابلوك، "إننا نعمل مع الأفراد والمجتمعات في أكثر الأماكن النائية في البلاد لمساعدتهم في التفريق بين المعلومات المغلوطة والصحيحة، ونسعى إلى أن يكون لدينا ثقافة استخدام المعلومات وتناقل والأخبار".
وبينت أن التنوع الكبير في الهند خاصة فيما يتعلق باللغات التي تجاوزت 130 لغة و19 ألف لهجة، وتعدد الديانات، فرض ثقافات مختلفة وجغرافية متنوعة خلقت صراعات في مجال الوصول للمعلومات الحقيقية وفهمها بطريقة صحيحة.
وانطلاقا من تعدد الثقافات في الهند بينت سابلوك أنهم ينظمون برامجهم التوعوية بشكل يتناسب مع كل بيئة على حدة، كلها تصب في مصلحة نشر مفاهيم الدراية الإعلامية والمعلوماتية وفنونها، لافتة إلى أن لديهم أكثر من 800 مليون مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي، 50 بالمئة منهم أي ما يقارب 400 مليون شخص من المناطق الريفية الزراعية التي تعد ثقافتها بالدراية الإعلامية بسيطة للغاية، ولا يكون استخدام الانترنت لديهم ذو معيار أخلاقي، ما يفرض تحديا كبيرا لتوعيتهم في مجال التحقق من المعلومات قبل نشرها.
--(بترا)