الأخبار

اسماعيل الشريف يكتب : مـذبـحـة العودة: ماذا نحن فاعلون؟

اسماعيل الشريف يكتب : مـذبـحـة العودة: ماذا نحن فاعلون؟
أخبارنا :  

إذا أردت أن تعرف شخصًا، فانظر إلى من يصاحب، فالطباع تسرق بعضها بعضًا- الإمام الشافعي.

لا أعتقد أن موقف بعض العرب والمسلمين من مجزرة مدرسة العودة، التي وقعت قبل يومين، يختلف كثيرًا عن موقف الولايات المتحدة. فالأول أدان هذه المجزرة بشدة، بينما أعرب الثاني عن قلقه إزاء استهداف المدنيين. ولكن في النهاية، تبقى الإدانة غير مجدية؛ فقد جُرِّبت مرارًا على مدى أكثر من عشرة أشهر، ولم تؤدِّ إلا إلى زيادة طغيان العدو وتعزيز الدعم الأمريكي للكيان.

جميع المجازر التي ارتكبها الصهاينة كانت بقنابل أمريكية الصنع، بما في ذلك هذه المجزرة المروعة. الولايات المتحدة متورطة في هذه الإبادة، ولا تقل مسؤوليتها عن الصهاينة أنفسهم.

تشير التقارير إلى أن عدد الشهداء يزيد على مئتي ألف، يشكل النساء والأطفال ثلثيهم. بلغت نسبة الدمار في غزة 70%، وعادت أمراض قديمة للظهور مثل الكوليرا وشلل الأطفال. تعاني غزة من حصار وجوع، بينما تشهد الضفة الغربية قتلًا وتنكيلًا. بالإضافة إلى ذلك، توجد معسكرات للتعذيب والاغتصاب في سجون دولة الإرهاب. كل هذا ما كان ليحدث لولا الدعم الأمريكي.

وطوال فترة هذه الإبادة، قامت الولايات المتحدة بحماية الكيان في المحافل الدولية، معطلةً قرارات مجلس الأمن التي كانت تدينه. كما هاجمت الولايات المتحدة محكمة العدل الدولية بسبب قراراتها التي تدين الصهاينة، ولم تكتفِ بذلك، بل مارست ضغوطًا كبيرة على أعضاء محكمة الجنايات الدولية.

إزاء ذلك، ماذا نحن فاعلون؟

أعتقد أنه قد حان الوقت لتنضم الدول العربية والإسلامية إلى قضية جنوب إفريقيا في محكمة العدل الدولية. من المؤسف أن تشارك دولتان عربيتان فقط، هما فلسطين وليبيا، في هذه القضية، رغم أنها قضية عربية وإسلامية عادلة. هذا في وقتٍ أصدرت فيه محكمة العدل الدولية قرارًا يدين الاحتلال الصهيوني للضفة الغربية والقدس، ويطالب بانسحابها منها.

وكذلك، يجب التحرك بشكل مشترك لرفع قضية ضد الولايات المتحدة والدول الأخرى التي تصدر السلاح للكيان أمام محكمة العدل الدولية، لتواطئهم مع هذه الدولة المارقة.

وإذا ما امتلكنا الجرأة الكافية، يمكن إحالة مسؤولين صهاينة وأمريكيين وآخرين متواطئين إلى محكمة الجنايات الدولية.

أخطأ العرب كثيرًا بعدم تصديهم للعدوان الصهيوني منذ اليوم الأول. وبسبب هذا الموقف السلبي، وصلت المنطقة إلى حافة الانفجار الذي قد ندفع جميعًا ثمنه. لو اتخذوا موقفًا حازمًا منذ بداية الحرب، لما شهدنا مجزرة مثل مجزرة مدرسة العودة. والأهم من ذلك، أن تيارًا كبيرًا من الشعوب العربية يرفض هذا الموقف الرسمي لدولهم.

لماذا يقلل المسلمون والعرب من قدراتهم وتأثيرهم؟ فهم يمثلون ملياري مسلم، قلوبهم متعلقة بالقدس. لديهم من النفوذ والأموال والخيرات والموقع الجغرافي ما يمكنهم من ممارسة ضغط كبير على الولايات المتحدة.

وإذا لم تتحرك الدول – وهذا ما سيحدث على الأرجح – فعلى المنظمات والهيئات القانونية الشعبية أن تتحرك. نظرًا لأن محكمة العدل الدولية تنظر فقط في نزاعات الدول، يجب على هذه الهيئات تحضير ملفاتها القانونية ودعاواها وإرسالها إلى حكوماتها لتقديمها. وفي الحد الأدنى، ستتمكن هذه الهيئات من ممارسة الضغط وزيادة الحرج على دولها، مما قد يدفعها في النهاية إلى المشاركة في قضية جنوب إفريقيا.

وإذا لم تنجح هذه الهيئات في إقناع دولها بالتوجه إلى محكمة العدل الدولية، فيمكنها التوجه مباشرة إلى هيئات دولية أخرى تنظر في طلبات الأفراد والهيئات، مثل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ومحكمة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان، واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى لجان حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.

كما يمكن للأفراد والهيئات رفع قضايا أمام محاكمهم المحلية لاستصدار قرارات تدين الأفراد والدول، وقد تؤثر هذه القرارات على شكل علاقة دولهم مع الكيان والأمريكيين.

لو أن الولايات المتحدة وجدت من يضغط عليها في حروبها السابقة ومجازرها في العراق وليبيا وسوريا، لما تجرأت على دعم الكيان بهذه الاستهانة بالدماء العربية.

أعلم كما تعلمون أن المحاكم الدولية تستغرق سنوات طويلة لاتخاذ القرارات، ولا تملك القدرة على تنفيذها. ولكن مثل هذه التحركات ستساهم في إحراج الولايات المتحدة والضغط عليها، مما قد يؤدي في النهاية إلى تغيير موقفها.

سيكون من غير الواقعي أن نطلب من العرب التحرك عسكريًا أو اقتصاديًا. لكن على الأقل، تحركوا كدول وأقيموا الدعاوى القانونية! ــ الدستور

مواضيع قد تهمك