الأخبار

عوني الداوود : اقتصاديًا.. ماذا لو اتسع نطاق الحرب؟

عوني الداوود : اقتصاديًا.. ماذا لو اتسع نطاق الحرب؟
أخبارنا :  

هذا السؤال - بالمناسبة - كان مطروحا منذ اليوم الاول لبدء العدوان على غزة، ولذلك تداعت الولايات المتحدة بحاملات طائراتها الى البحر المتوسط لتوجيه تحذيرات لحزب الله (وايران) من تهديد أمن اسرائيل.. والتحالف الغربي اليوم موجود عند -وحول- باب المندب لحماية مصالحه من «ضربات الحوثيين»، وضمان انسياب الملاحة في البحر الأحمر الذي يمر خلاله نحو 12 % من التجارة العالمية.

..ولكن السؤال اليوم أكثر أهمية خصوصا بعد تطورات وتقارير استخباراتية امريكية تشير الى قرب مواجهة «مفتوحة» بين اسرائيل وحزب الله، وقد وجّهت دول غربية وعربية - ومنها الأردن - رعاياها مؤخرا لتجنب السفر الى لبنان.. لذلك فالتطورات متسارعة، والبعض يرى أن الطرفين (اسرائيل وحزب الله) باتا أكثر قربا من ساعة الصفر، وأن كلاهما كان يدرك منذ 8 اكتوبر بأن المواجهة قادمة لا محالة، وأن الشهور الثمانية الماضية كانت لكل طرف منهما بمثابة «عضّ أصابع» أو مرحلة «احماء وتجهيز للمعركة الكبرى».

أهوال الحرب انسانيا وعسكريا واقتصاديا لا يمكن تصورها.. وقد كانت التحذيرات منذ البداية تشير الى مخاطر «اطالة أمدها»، لكننا اليوم كما يبدو نقترب من مخاطر «توسع نطاقها».. فما هي التداعيات المتوقعة على اقتصادات الدول المجاورة ودول المنطقة والاقتصاد العالمي في حال اندلعت الحرب بين اسرائيل وحزب الله؟ وفي حال امتدت لدول المنطقة بتدخل ايراني ودول غربية.. لا قدّر الله؟

1 - الاقتصادات الأكثر تضررا هي للدول المباشرة في المواجهة وتحديدا الاقتصاد الاسرائيلي والفلسطيني الّذين دُمّرا الى حد كبير على مدى الشهور الثمانية الماضية، فكيف اذا اندلعت حرب «مفتوحة» بين اسرائيل وحزب الله؟ و(لأخذ فكرة) نشير هنا الى أن كلفة حرب 2006 بين الطرفين والتي استمرت 34 يوما، كبّدت الاقتصاد الاسرائيلي نحو 3.5 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي (كخسائر مباشرة وبحسب تقديرات اسرائيلية)، بينما قدّرت الأضرار الاقتصادية منذ 7 اكتوبر (لأول 5 أيام) فقط بضعف الخسائر المالية التي عانت منها تل أبيب خلال حربها ضد حزب الله التي استمرت لـ34 يوما.

2 - في لبنان مجمل الخسائر (في الجنوب نتيجة الحرب منذ 8 اكتوبر) - بحسب تقارير- بلغت نحو مليار و200 مليون دولار إضافة الى 300 مليون دولار نتيجة اغلاق مؤسسات وتوقف الاعمال.

3 - اقتصاديا أيضا.. فإن الاكثر تضررا هي الدول الاقرب للحرب، وتحديدا الاردن ومصر، وقد عانى الاقتصاد الاردني منذ بدء العدوان على غزة خصوصا في قطاعات السياحة والتجارة والنقل، وسيزداد الضرر في حال توسع رقعة الحرب مما يؤدي لزيادة العجز في الحساب الجاري- بحسب تقارير عالمية - وتكبد قطاع الطيران تكاليف تشغيلية عالية، اضافة لتأثيرات سلبية على الاستثمارات الاجنبية وكلف الشحن وسلاسل التوريد في حال زيادة التوتر في مضايق باب المندب وقناة السويس وهرمز.

-أمّا مصر فالتأثير مباشر على السياحة وايرادات قناة السويس، وتحديات التمويل الخارجي ونقص الاحتياطات الاجنبية والتضخم وسعر صرف الجنيه.

4 - من أهم انعكاسات توسع الحرب المتوقعة على اقتصادات المنطقة والعالم: ارتفاع أسعار النفط والغاز والطاقة -ارتفاع أسعارالغذاء - تراجع معدلات النمو- ارتفاع معدلات التضخم.

5 - تقارير عالمية توقعت- في حال توسع نطاق الحرب -تعطيل الاقتصاد العالمي، ودفعه نحو الركود خاصة إذا جُرت أطراف أخرى نحوه، وقد يدفع ذلك أسعار النفط إلى سقف 150 دولاراً للبرميل، مع انخفاض النمو العالمي إلى 1.7 %، وهو الركود الذي يقتطع نحو تريليون دولار من الناتج العالمي.

6 - تأثير الحرب على اقتصادات الدول العربية سوف يختلف من دولة الى أخرى (بحسب قربها وصلتها بالحرب وقوتها الاقتصادية) ويرتكز التأثير على ما يلي:

- تراجع السياحة - تراجع الاستثمارات الاجنبية - تراجع أسعارالعملة لبعض الدول- ارتفاع التضخم خصوصا بسبب ارتفاع النفط وكلف النقل-..الخ.

7 - تأثير توسع نطاق الحرب لن يستثني دولة في العالم خصوصا وأن منطقة الشرق الاوسط تحتوي على نحو 30 % من احتياجات العالم من الطاقة النفطية والغاز، وتتحكم بالتجارة العالمية من خلال 3 مضايق بحرية استراتيجية (هرمز- باب المندب -وقناة السويس).

* باختصار:

-لا أحد يتمنى توسع نطاق الحرب ولا طول أمدها، لكن من الواضح أن نتنياهو «المطلوب قضائيا» سيواصل جرّ العالم نحو الهاوية بعد ان فشل من احراز «صورة نصر» في غزة رغم الابادة والدمار، وهو يستغل الادارة الامريكية «المسكونة برعب الانتخابات الرئاسية» لارغامها على دعمه مهما كانت النتائج.

-.. ورغم ذلك.. على العالم ان يضع سيناريوهات لمواجهة تداعيات توسع حرب اقليمية محتملة - لذلك فالمطلوب اقتصاديا: مزيد من التحوط في الامن الغذائي والمائي والطاقي والدوائي، ودعم السياستين المالية والنقدية واستقرار الدينار، وكبح التضخم وزيادة مخصصات الطوارئ وشبكة الامان الاجتماعي ومرونة في اتخاذ قرارات تحمي الاقتصاد الوطني بالتعاون مع القطاع الخاص. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك