الأخبار

أ . د. ليث كمال نصراوين : الدلالات الدستورية لإجراء الانتخابات النيابية

أ . د. ليث كمال نصراوين : الدلالات الدستورية لإجراء الانتخابات النيابية
أخبارنا :  

صدرت الإرادة الملكية السامية بالدعوة لإجراء الانتخابات النيابية لاختيار مجلس النواب العشرين وذلك عملا بأحكام المادة (34/1) من الدستور، والتي حدد مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب يوم العاشر من شهر أيلول القادم موعدا لها بما يتوافق مع قانون الانتخاب الحالي لعام 2022.

وتتمثل أبرز الدلالات الدستورية للأمر الملكي بإجراء الانتخابات النيابية في تكريس نظام الحكم الذي حددته المادة الأولى من الدستور بأنه نيابي ملكي وراثي. فمن أهم ركائز النظام النيابي الكامل كما اتفق عليها فقه القانون الدستوري وجود مجلس نواب منتخب من الشعب لفترة زمنية محدودة يمارس أعضاؤه سلطات فعلية حقيقية، وأن تُجرى الانتخابات بشكل دوري وضمن أطر زمنية واضحة ومحددة.

إن النصوص الدستورية ذات الصلة بتشكيل مجلس النواب قد حددت العمر الزمني لمجلس النواب بأربع سنوات شمسية تبدأ من تاريخ نشر نتائج الانتخاب العام في الجريدة الرسمية. وعليه، فإن إجراء انتخابات نيابية لاختيار مجلس نواب جديد ليحل محل المجلس الحالي الذي ستنتهي مدته الدستورية مع نهاية هذا العام، يعد تكريسا حقيقيا لنظام الحكم الديمقراطي النيابي الذي تبناه الدستور الأردني.

إن الانتخابات النيابية في الأردن عادة ما يترافق معها أحداث داخلية وخارجية استثنائية تدفع البعض إلى تقديم مقترحات بتأجيل إجرائها أو تأخير موعدها لحين انتهاء هذه الأوضاع غير المألوفة. إلا أن وجوب إجراء الانتخابات النيابية بشكل دوري وفي مواعيد ثابتة كركن من أركان نظام الحكم النيابي، قد أوجب الدعوة إلى إجراء انتخابات نيابية في عام 2020 على الرغم من انتشار جائحة كورونا في ذلك الوقت. وهو السبب ذاته الذي دفع نحو إصدار الأمر بإجراء الانتخابات النيابية في هذا العام، على الرغم من الأوضاع الخارجية المحيطة والعدوان الصهيوني الغاشم على الشعب الفلسطيني الأعزل.

إن المشرع الدستوري قد أنكر على السلطة التنفيذية حقها في تأجيل الانتخابات النيابية، وذلك من خلال تعديل المادة (73) من الدستور في عام 2011 وإلغاء النصوص الدستورية التي تعطي كل من الملك ومجلس الوزراء الحق في تأجيل الانتخاب العام. ومع ذلك، فقد كان بالإمكان تأخير عقد الانتخابات القادمة بشكل غير مباشر، وذلك من خلال تطبيق المادة (68/1) من الدستور التي تعطي الملك الحق بتمديد مدة مجلس النواب مدة ﻻ تقل عن سنة واحدة وﻻ تزيد على سنتين.

إلا أن الحرص الملكي على تطبيق النظام الديمقراطي النيابي القائم على أساس دورية الانتخاب العام، قد ظهر جليا من خلال إصداره الأمر الدستوري بإجراء الانتخابات القادمة، وعدم اللجوء إلى خيار التمديد للمجلس الحالي.

إن الممارسة العامة في الحياة الدستورية الأردنية كانت تتمثل دائما بإجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها الزمنية وعدم اللجوء إلى خيار تمديد مجالس النواب إلا في أضيق الظروف والأحوال. فمن خلال استعراض التواريخ المرتبطة بالمجالس النيابية السابقة التي تعاقبت على الدولة الأردنية، نجد بأنه قد جرى التمديد لثلاثة مجالس نيابية فقط؛ هي مجلس النواب الخامس الذي جرى انتخابه في عام 1956 وتم التمديد له سنة واحدة فقط، بحيث أكمل مدته الدستورية في عام 1961.

كما صدر القرار الملكي بالتمديد لمجلس النواب التاسع الذي تم انتخابه في عام 1967 وأكمل مدته الدستورية في عام 1971، إلا أنه قد جرى التمديد له عامين اثنين. وصدر الأمر الملكي بالتمديد لمجلس النواب العاشر–الذي اعتبر امتدادا لمجلس النواب التاسع–حيث بدأ مدته الدستورية في عام 1984 وصدرت الإرادة الملكية السامية بتمديده لمدة سنتين في عام 1988، إلا أنه قد تم حله بعد ستة أشهر من قرار التمديد.

ومن الدلالات الدستورية الأخرى للأمر الملكي بإجراء الانتخابات، تكريس حكم المادة (68/2) من الدستور التي تنص صراحة على وجوب إجراء اﻻنتخاب خلال الشهور الأربعة التي تسبق انتهاء مدة المجلس، وذلك كقاعدة عامة. فموعد الانتخابات النيابية القادمة الذي جرى تحديده في شهر أيلول القادم يعد ضمن الشهور الأربعة الأخيرة لعمر مجلس النواب القائم، الذي ينتهي عمره الدستوري في منتصف شهر تشرين الثاني من العام الحالي. ـ الراي

أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة

laith@lawyer.com

مواضيع قد تهمك