الأخبار

د . هبة ابو عيادة : ابن الأصول: عملة نادرة في زمن النُسخ والتقليد

د . هبة ابو عيادة : ابن الأصول: عملة نادرة في زمن النُسخ والتقليد
أخبارنا :  

في خضمّ زحام الحياة وصخبها، يبرز نجمٌ ساطعٌ يُنير دروبنا ويُعطرها بِعِطرِ المروءة والكرم، إنه ابنُ الأصول. ذلك الشخصُ النبيلُ الذي يحملُ في طيّاتِهِ صفاتٍ ساميةً تُميّزهُ عن سواه حتى أصبح عملة نادرة في زمان اختفت فيه المروءة وفي مقالي هذا أطرح تساؤلاً: هل انقرض أبناء الأصول؟ هل وئد هذا المصطلح؟ وهنا استهل بمقالي الْخَيْرُ فِيَّ وَفي أُمَّتِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة؛ فالخير موجود والكرم كثير والعديد من الشخصيات المميزة التي ما إن ذُكِر اسمها ودعونا لها ولمن رباها لحُسن خُلقها وطيل مواقفها. إن لقبُ ابنِ الأ?ولِ لا يقتصرُ من ينحدرُ من أصلٍ عريقٍ أو عائلةٍ ثرية أو عشيرة أو ديانة، بل هو لقبٌ يُمنحُ لمن يتحلّى بِصفاتٍ أخلاقيةٍ عاليةٍ تُميّزهُ عن سواه. فابنُ الأصولِ هو: صاحبُ مبادئ وقيمٍ أخلاقيةٍ راسخةٍ. ويُعاملُ الآخرين باحترامٍ وتقديرٍ، بغضّ النظر عن مكانتهم الاجتماعية أو مُعتقداتهم. ويتحلّى بِالصبرِ والتسامحِ. ويُسارعُ لِمساعدةِ المحتاجين دون توقعِ مقابلٍ. ويُحافظُ على وعودهِ ويلتزمُ بِما يقولهُ. ويتجنّبُ الغيبةَ والنميمةَ. ويُنشرُ الإيجابيةَ والسعادةَ أينما وُجد.

قد يتبادر للأذهان تساؤلٌ: كيف نُصبحُ أبناءَ أصول؟ لا نولدُ أبناءَ أصولٍ، بل نُصبحُ ذلك من خلالِ التربيةِ الصحيحةِ والتعليمِ الجيدِ والممارسةِ المستمرةِ للأخلاقِ الحميدة فيُجبل المرء على الفضيلة منذ نعومة أظافره. وأقدم لكل ولي أمر ورب أسرة بعضُ الخطواتِ التي تُساعدُكَ وعلى تربية أجيال أصيلة ميزتها احترامِ الذاتِ والآخرين وتقدير النفس وتعلمْ قيمَ المروءةِ والكرمِ والصدقِ والأمانةِ. وسيمتها التواضع واللطيف مع الجميع. وتتخلّقْ بِالصبرِ والتسامحِ. وتهب لمساعدة المحتاجين دون توقعِ مقابلٍ. وتلتزم بِالوعود والصدق ?ي القول والفعل. وتبتعد كل البعد عن الغيبةِ والنميمةِ والكذبِ. فهؤلاء هم الأنموذج والقدوة الحسنة للآخرين.

كما نعلم أن الأمثال الشعبية تُعبّر عن الحكمة والتجارب المُتراكمة عبر الأجيال، ومنها ما يُجسّدُ صفاتِ ابنِ الأصولِ وشيمهِ النبيلة. إليكَ بعضُ الأمثالِ الشعبيةِ التي تُشيرُ إلى ابنِ الأصولِ:

• "الأخلاقُ الحميدةُ أساسُ أن تكونَ ابنَ أصولٍ.": تُؤكّدُ هذه المقولةُ على أنّ أساسَ كونِ الشخصِ ابنَ أصولٍ هو تحلّيهِ بِالأخلاقِ الحميدةِ، مثل: الصدقِ والأمانةِ والكرمِ والتواضعِ.

• "ابنُ الأصولِ معروفٌ لو كانَ وسطَ ألوفٍ.": يُشيرُ هذا المثلُ إلى أنّ صفاتِ ابنِ الأصولِ تُميّزهُ عن سواه، حتى لو كانَ وسطَ جمعٍ كبيرٍ من الناس.

• "الراجلُ يبانُ من قعداتهِ، والنذلُ يبانُ من مشياتهِ.": تُعبّرُ هذه المقولةُ عن أنّ سلوكَ الشخصِ وحركاتهِ تُشيرُ إلى أصلهِ وتربيتهِ، فابنُ الأصولِ يتحلّى بِالوقارِ والاحترامِ، بينما يُظهرُ النذلُ سلوكًا سيئًا وتصرفاتٍ غير لائقة.

• "الكريمُ عُمْرُهُ ما ينضام.": يُؤكّدُ هذا المثلُ على أنّ الكرمَ من صفاتِ ابنِ الأصولِ، فهو كريمٌ مع الجميعِ دون توقعِ مقابلٍ.

ختامًا إنّ ابنَ الأصولِ هو بمثابةِ شمسٍ تُنيرُ دروبَ الحياةِ بِعِطرِ المروءةِ والكرمِ. فهو يُساهمُ في نشرِ السعادةِ والإيجابيةِ في المجتمعِ ويجعلُ العالمَ مكانًا أفضلَ للعيشِ. فلنحرصْ جميعًا على أن نكونَ أبناءَ أصولٍ ونُنشرْ قيمَ الخيرِ والجمالِ في كلّ مكانٍ. فابن الأصول هو أنس لكل من عرفه. ـ الراي

مواضيع قد تهمك