الأخبار

بيان صبحة : «22 نيسان: للأرض السلام في يومها العالمي»

بيان صبحة : «22 نيسان: للأرض السلام في يومها العالمي»
أخبارنا :  

تعتبر الأرض، بكل مرئياتها الخلابة وأصواتها الهادئة، أحد أعظم الأعمال الفنية التي خلقها الكون ومع ذلك، يبدو أننا كبشر قد نسينا قيمتها الحقيقية؛ وتجاهلنا لهذه القيمة يهدد بتدمير ما تبقى منها ويجلب لنا مزيدا من النزاعات والصراعات؛ في لحظات الصمت يمكننا سماع الأرض وهي تنادينا، تطلب منا الاستماع بأنها ليست مجرد كوكب، بل هي معبر عن الحياة والجمال والتنوع و في الواقع، يمكن القول إن الأرض تعتبر أعظم تحفة فنية أبدعها الكون، والتي نحن جميعا مدعوون للمشاركة في صيانتها وحمايتها؛ لذلك في يوم الأرض العالمي، ننظر إلى هذه التحفة بتقدير أكبر ونفكر في كيف يمكن لحبنا للبيئة أن يكون جسرا لبناء السلام.

تعتبر العدالة المناخية مفهوم متعدد الأبعاد يتعلق بالتوزيع العادل للآثار والفوائد المترتبة عن تغير المناخ بين مختلف الفئات الاجتماعية والاقتصادية والجغرافية , يرتبط هذا المفهوم بتقديم العدالة في مواجهة التغيرات المناخية الناتجة عن الأنشطة البشرية، مثل انبعاثات الغازات الدفيئة وتغير الاستخدامات الأرضية؛ تشير الأبحاث العلمية إلى أن التغيرات المناخية تؤثر بشكل متفاوت على مختلف الشرائح الاجتماعية، حيث تكون المجتمعات الأقل تنمية والفقيرة أكثر عرضة للأضرار الناجمة عن التغير المناخي، على سبيل المثال، قد تكون المناطق ذات الدخل المنخفض أكثر عرضة للكوارث الطبيعية المرتبطة بتغير المناخ مثل الفيضانات والجفاف، وهذا يمكن أن يزيد من الفقر والهجرة القسرية؛ من جانب آخر، تستفيد بعض الدول الصناعية والغنية اقتصاديا من الأنشطة التي تسهم في تغير المناخ، مما يعزز التفاوت في الاستفادة من الموارد والفرص بين الدول الغنية والفقيرة وهذا يفتح الباب أمام التساؤلات حول المسؤولية والتضامن العالمي في التعامل مع التحديات المناخية؛ لذلك، تعتبر العدالة المناخية ضرورية لتحقيق التوازن بين المصالح المختلفة وتقديم الحماية لأولئك الذين يتأثرون بشكل أكبر بالتغير المناخي دون أن يكون لهم دور في تفاقم هذه التحديات؛ يمكن تحقيق العدالة المناخية من خلال اتخاذ إجراءات تشجع على تقليل انبعاثات الكربون، وتعزيز التكيف مع تأثيرات التغير المناخي، وتوفير التمويل والمساعدة للدول النامية لمساعدتها على التكيف والتخفيف من آثار التغيرات المناخية؛ مع استمرار تقدمنا التكنولوجي وزيادة عدد سكان العالم، أصبحت الموارد الطبيعية أكثر ضيقا و تنافسا،وهنا يجعلنا نقف ونتأمل في كيف يمكن لهذا الوعي بالبيئة أن يؤدي إلى بناء السلام!! ففي الثاني والعشرين من أبريل، نحتفل بيوم الأرض العالمي، وهو يوم مخصص لاظهار الاهتمام بالبيئة وتعزيز الوعي حول التحديات التي تواجه كوكبنا، حيث تأسس يوم الأرض العالمي في عام 1970 على يد السيناتور الأمريكي «جايلورد نيلسون» وكانت فكرته مستوحاة من الحركة البيئية الناشئة في ذلك الوقت؛ منذ ذلك الحين وكان هذا اليوم محطة هامة في تاريخ الحركة البيئية العالمية، حيث شهدت العديد من المظاهرات والاحتجاجات للمطالبة بحماية البيئة والتصدي للتلوث وتدهور الحياة الطبيعية ، أصبح يوم الأرض العالمي فرصة لتذكير العالم بأهمية حماية البيئة والعمل المشترك للحفاظ على كوكبنا.

ففي الكثير من الأوقات لم تكن الحروب تبدأ من أجل الديانة أو السياسة، بل من أجل قطرة ماء نعم، قطرة ماء؛ فالجفاف يشعل الصراعات مما يجعل البشر يتنافسون على أقل القليل من الموارد المتبقية مما يؤدي بدوره الى تصعيد وتوسيع دائرة النزاع؛ في دارفور- السودان، يعاني السكان من تأثير الجفاف بشكل مباشر، حيث يعتبر 70? منهم معرضين لخطر نقص المياه والطعام ومن المثير للدهشة أن نسبة النزاعات التي يمكن ربطها بالجفاف تصل إلى 80?، مما يوضح العلاقة الوثيقة بين نقص الموارد وزيادة الصراعات؛ أما على ضفاف نهر الأمازون، فإن التلوث يهدد الحياة البرية والمجتمعات المحلية، حيث تشير الإحصائيات إلى أن 17? من الغابات الأمازونية تم تدميرها في الفترة من 1970 إلى 2018 بسبب التحريق والتجارة غير المشروعة، مما يؤثر على ما يقرب من 390 قبيلة أمازونية و مليون شخص يعتمدون على الغابات للبقاء على قيد الحياة؛ لكن في بوتسوانا، تحققت نجاحات ملموسة في إدارة الموارد الطبيعية، حيث تمكنت الحكومة من زيادة مساحة الأراضي المحمية إلى أكثر من 40? من مساحة البلاد وبفضل الجهود المشتركة، شهدت بوتسوانا انخفاضا في معدلات الصراعات والنزاعات المتعلقة بالموارد الطبيعية.

لقد جاء يوم الأرض العالمي ليذكرنا بأننا جميعا نعيش على كوكب واحد، وأن مصلحتنا جميعا مشتركة؛ و إدراك أن البيئة هي مورد ثمين يجب علينا حمايته بكل جهدنا والتضامن والتعاون من أجل مستقبل أفضل للجميع على هذا الكوكب؛ كل يوم هو فرصة جديدة لنبني عالما أفضل للجميع؛ يدا بيد، لنحمي هذه الأرض ونبني السلام ؛ لدينا من القوة ما يكفي لتغيير العالم، لا فقط للأجيال الحالية، بل لأولئك الذين سيأتون بعدنا.

ويبقى الحوار مفتوحا: هل يمكن للأرض أن تكون لوحة فنية جديدة تجمع بين ألوان السلام وأصوات الاستدامة؟!!!

ــ الدستور

مواضيع قد تهمك