الأخبار

عوني الداوود يكتب : الاقتصاد الاردني.. «شهادات» و «تحديات»

عوني الداوود يكتب : الاقتصاد الاردني.. «شهادات» و «تحديات»
أخبارنا :  

مهمّة جدّا شهادة «البنك الدولي» التي أصدرها أمس الأول في أحدث تقاريره، والتي أكد من خلالها بأنّ الأردن أظهر مرونة وسط صدمات خارجية متتالية.. مع ضرورة الاشارة بداية ونحن نستعرض أهمية التقرير الى ثلاثة أمور:
الاول: أنّ هذا التقرير يأتي ضمن التوقعات الاقتصادية العالمية التي أصدرها البنك الدولي منذ يومين والمتعلقة بالعديد من دول العالم والمناطق، ومنها منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا.
الثاني: أن التقرير يصدر متزامنا مع انطلاق اجتماعات الربيع 2024 للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في واشنطن والتي تستمر حتى السبت المقبل وتحت عنوان «اجتماعات الربيع 2024: رؤية لإحداث التأثير»، ويشارك بها الاردن بوفد رسمي ممثلا بوزير المالية د. محمد العسعس، ووزيرة التخطيط والتعاون الدولي زينة طوقان ومحافظ البنك المركزي د.عادل الشركس وأمين عام المالية د.عبد الحكيم الشبلي.
الثالث: أن هذه الاشادة تأتي بعد أيام من اطلاق مجموعة البنك الدولي ووزارة التخطيط والتعاون الدولي إطار الشراكة القُطرية الجديد للاردن للسنوات (2024 - 2029)، وهو بمثابة مرحلة جديدة من الشراكة الوثيقة وطويلة الأمد بين الاردن ومجموعة البنك الدولي، كما يدعم -الإطار- الحكومة الأردنية في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وتحديث القطاع العام ويساعد على تعزيز منعة المملكة للتصدي للأزمات.
أهمية تقريرالبنك الدولي تكمن في هذا التوقيت بالذات المتزامن مع «اجتماعات الربيع»، والمتزامن أيضا مع تصاعد التوترات الجيوسياسية في المنطقة والتي تزيد ضغوطها الاقتصادية على الأردن - كما كثيرمن دول الاقليم - مما بات يؤثر حتى على توقعات البنك الدولي للاقتصاد الاردني وكمثال على ذلك: توقعات البنك الدولي لمعدلات النمو للعام الحالي، والتي أشار فيها الى أن معدل النمو بالمملكة قد ينخفض الى 2.5 % خلال العام 2024 بفعل تبعات العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، لكنه سيعاود الارتفاع الى 2.6 % خلال عامي 2025 و2026.
ورغم أن التوقعات الجديدة للبنك الدولي لمعدلات النمو في الاردن تعدّ تراجعا عن توقعات أفضل كانت تتوقع بلوغ النمو معدل 3 % عام 2025 الا أن تداعيات وظروف المنطقة جعلت البنك الدولي يعيد النظرفي توقعاته (كما يعيد توقعاته لاقتصادات العالم وفقا للمتغيرات العالمية) ورغم كل ذلك الاّ أنّ البنك الدولي وهو يضع احتمالية انخفاض معدلات النمو في الأردن اذا ما استمرت الظروف الجيوسياسية وتأثيراتها على الاقتصاد الاردني، فهو يشير بأن هذه المعدلات تؤكد قدرة الاقتصاد الوطني على امتصاص الصدمات والظروف الاستثنائية والتقلبات الاقتصادية الخارجية، ويدلّل أكثر على ذلك حين يشير -البنك الدولي- الى أنه «وبالرغم من التحديات والتتابع الاقليمي والعالمي من صدمات الخارجية فقد بلغ متوسط النمو خلال العقد الماضي حوالي 2.2 % سنويا».
الاقتصاد الاردني وبشهادات البنك الدولي وكذلك صندوق النقد الدولي كلّها تؤكد قوة ومتانة وقدرة الاقتصاد الاردني على مواجهة التحديات والمتغيرات بدءا من مواجهة تحديات «جائحة كورونا»، مرورا بالحرب الروسية الاوكرانية، وانتهاء بالحرب على غزّة التي تدخل يومها الـ(194)، وقد أثبت الأردن في مواجهة تلك الأزمات مرونة وقدرة على استقرار الاقتصاد الكلي بفضل سياستين، مالية ونقدية حصيفتين، حافظ من خلالهما الاردن على قوة الدينار ونسبة تضخم هي الاقل اقليميا وربما عالميا بين الدول المستوردة للنفط، في وقت يشهد فيه الاقليم والعالم ارتفاعا جنونيا بمعدلات التضخم وانخفاظا مهولا بأسعار صرف كثير من عملات دول ذات اقتصادات أكبر بكثير من حيث الحجم من الاقتصاد الأردني.
شهادات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ونحن ندخل الربع الثاني من العام 2024 وبعد أكثر من ستة أشهر على بدء العدوان الاسرائيلي على غزة، شهادات مهمة جدا لانها تمنحنا شهادة «حسن سلوك اقتصادي» تساعدنا على استقرار- بل تحسين التصنيف الائتماني لدى وكالات التصنيف العالمية -، ويسهّل لنا الحصول على قروض ومساعدات، وحتى منح، ويمكّننا من طرح «سندات يوربوند» متى ما وجدت الحاجة لذلك.
الأردن بحاجة لمثل هذا الدعم في هذه الظروف التي لا زالت «حالة عدم اليقين» تطغى عليها، وكلمّا زاد أمد الحرب على غزة واتسعت رقعتها، زادت التبعات الاقتصادية، سواء المتعلقة بسلاسل التوريد أو معوقات الشحن البحري والجوي (مؤخرا)، وربّما أسعار النفط والطاقة وانعكاسات كل ذلك أيضا على معدلات النمو- كما بدأنا المقال- وعلى خلق فرص العمل وجذب الاستثمارات. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك