الأخبار

اسماعيل الشريف يكتب : في الهجوم الإيراني

اسماعيل الشريف يكتب : في الهجوم الإيراني
أخبارنا :  

طبق الانتقام الأفضل أن يقدم باردًا- مثل غربي
سيكون 14 نيسان تاريخًا مهمًا في منطقتنا، فلأول مرة تخرج إيران إلى العلن وتضرب الكيان المحتل مباشرة من أراضيها إلى عمق فلسطين المحتلة. بعد أن كانت كل عملياتها تتم من خلال وكلائها، فمنذ سنوات والصهاينة يغتالون القادة العسكريين والعلماء الإيرانيين، لأنهم يعلمون بازدياد قوة إيران العسكرية ويعملون على توريط الولايات المتحدة في حرب معها.
وستكون أول مرة في تاريخ الحروب أن يحدد مسبقًا موعد الضربة وتفاصيلها بوقت كافٍ لتمكين العدو من التصدي لها، فتم تدمير الغالبية العظمى من الصواريخ والطائرات المسيرة، ولكن وصلت صواريخ إلى قاعدة نيفاتيم الجوية متجاوزة ثلاثة أنظمة دفاع أمريكية وصهيونية، وهنا يبرز سؤال مهم: هل كان هذا أيضا ضمن الاتفاق أم لا؟ برأيي لم يكن، وقصدت إيران الوصول إلى القاعدة دون إلحاق ضرر كبير فيها، ولنتذكر في عام 2019 عندما ضربت إيران أرامكو في السعودية فشلت المضادات الأمريكية في التصدي لها.
لذلك كان ادعاء إيران صحيحًا من أن هجومها كان محسوبا، فقد أرادت ضربة لا تستفز الولايات المتحدة، وتحفظ لها ماء الوجه، والأهم من هذا كله هو تحقيق الردع وقد تحقق ذلك، لذلك برأيي فقد استخدمت صواريخها وطائراتها القديمة، وبنفس الوقت كانت فرصة لها لاختبار الدفاعات الجوية الأمريكية والصهيونية، وهذا بالطبع له فائدة مستقبلية، وأثبتت أن الاحتلال الصهيوني لا يستطيع التنفس دون الولايات المتحدة ولن يعيش بلا حلفاء، مما كرّس فكرة أن الكيان المارق دولة هشة ضعيفة ونمر من كرتون.
ولكن بنفس الوقت كانت الضربة بمثابة طوق نجاة للنتن ياهو وقد حققت بعضًا من أهدافه في استهداف القنصلية الإيرانية في سوريا، من زيادة شعبيته وبالتالي زيادة عمر حكومته وتشتيت الرأي العام العالمي عن مذبحة غزة، وإعادة الدولة المارقة إلى الساحة الدولية وإيجاد حالة من التعاطف الدولي معها بعد أن فقدته، وتوحيد الجبهة الداخلية بالاصطفاف خلف النتن ياهو لمواجهة عدو خارجي، والحصول على مساعدات إضافية.
وبنفس القدر استفاد بايدن من الضربة الإيرانية، ليمارس بايدن ضغطًا إضافيًا على النتن ياهو على إيقاف الحرب، بعد أن أثبتت الضربة أن الكيان لا يعيش من غير الولايات المتحدة، وبالتالي يريد بايدن ثمنًا لدفاعه عن الكيان، وحصل على بعض منه بدءًا بتصريح النتن ياهو بتأجيل العملية البرية في رفح وزيادة إدخال المساعدات إلى شمال غزة، ويصب ذلك في تصريح حسن نصر الله أن دخول إيران في الحرب سيؤدي إلى وقف حرب غزة.
وبنفس الوقت ستستفيد الولايات المتحدة من هذه الضربة في بيع أسلحة إضافية إلى الدول العربية لحماية نفسها من إيران، وأيضًا قوّت الضربة من حضور التيار السياسي المناهض لإيران، والمجمع العسكري الأمريكي، والسياسيين الفاسدين الممولين من الصهاينة، واليمين الفاشي المسيحي الذين يريدون نزول سيدنا المسيح على انقاض هذه المنطقة.
اعتبر بايدن ومن خلفه الصهاينة أن تصديهم للهجمة الإيرانية هو انتصار، واتصل بايدن بالنتن ياهو بعدها قائلًا: لقد اسقطت 99% من الصواريخ، خذ هذا الانتصار واجلس، في إشارة واضحة إلى أن الولايات المتحدة لن تدعم أي رد عسكري صهيوني.
ولكن الإعلام الصهيوني يروّج لرد غير مسبوق، ويضغط مجانين النتن ياهو على الانتقام وضرب العمق الإيراني والمنشآت النووية، مما يسبب قلقًا كبيرًا داخل البيت الأبيض، والسؤال المهم هل سيستجيب النتن ياهو لمكالمة بادين، أم سينفذ تهديداته؟ ثم ماذا ستكون ردة الفعل الإيرانية؟ قد يؤدي ذلك إلى حرب إقليمية حقيقية، فإيران تستطيع محو تل أبيب وسيرد عليها بحرب نووية، فنحن أمام سيناريو يوم القيامة.
يقول العرب إن البدوي يأخذ حقه ولو بعد أربعين عامًا، ويقال له: استعجلت، لذلك لا أعتقد بأن الصهاينة سيردّون ولكنهم سينتقمون عبر حلفائهم فسيزداد حصار إيران وستغلظ العقوبات عليها، مع محاولة زعزعتها من الداخل، الى أن تأتي الفرصة المناسبة للانتقام.
وإذا ما أقر الغرب بحقيقة وجود إيران كأمر واقع، وقوة إقليمية، قد يبرز السؤال ما هو الأهم: النفط أم الدولة المارقة؟ خاصة مع تغير التوازنات الدولية التي ستفيض في النهاية إلى تقاسم العالم! وهنا قد نرى تقاربا مع إيران على حساب الصهاينة!
ونحن على مشارف حقبة جديدة في المنطقة، يزداد فيها المشهد تعقيدا وخطورة، فعلينا في وطننا الحبيب توحيد الجبهة الداخلية والابتعاد عن خطاب التفرقة، والالتفاف حول قيادتنا التي استطاعت دائما خلال مائة عام من الوصول بالوطن إلى بر الأمان.

مواضيع قد تهمك