الأخبار

شحاده أبوبقر يكتب: أبو سمير.. رفيق درب الحسين في الزمن الصعب

شحاده أبوبقر يكتب: أبو سمير.. رفيق درب الحسين في الزمن الصعب
أخبارنا :  

لا ينزل الناس منازلهم إلا من كان عند الله ذا منزلة، وهكذا فعلت جامعة اليرموك بارك الله فيها.

الجامعة وبمبادرة جليلة منها، منحت رئيس الوزراء الأسبق "أبا سمير" عافاه الله الدكتوراه الفخرية عرفاناً منها بالدور الوطني الكبير الذي نهض به زيد الرفاعي في خدمة الوطن وعلى مدى عشرات السنين برفقة الحسين الباني رحمه الله، ومع الملك عبدالله الثاني سلمه الله.

هذا تكريم بسيط في قيمته المادية كبير جداً في مضمونه ومعناه، لرجل تحمل وأعطى وضحى ولم ينبس يوماً بكلمة شكوى أو تفاخر أو إساءة لأي كان، وكان دوماً وفي كل موقع، القامة الوطنية الشامخة التي عز نظيرها.

لم يتردد للحظة في اعتزال العمل العام عندما كلف جلالة الملك نجله المحترم "سمير"، بتشكيل الحكومة، وآثر الجلوس في منزله معززاً مكرماً لم تقل الأيام والأحداث سوى أنه الرجل الدافئ في خلقه. الكبير في شخصه الراجي من الله حسن الختام.

لم يدافع زيد شافاه الله عن نفسه يوماً في مواجهة من ظلموه قط، بل كان صمته أبلغ وأعمق جداً من ثرثرة الكثيرين ممن لا تطاول أعناقهم عطاءه وتفانيه في خدمة وطن عزيز أحبه وأعطاه من عمره جله.

عرفت "أبا سمير" عن قرب أيام كان رئيساً لمجلس الأعيان ومرجعاً لا يجاريه أحد في سبر أغوار التشريع، ورجل دولة لا يشق له غبار أبداً.

زرته ذات مرة في مكتبه وكنت مستشاراً لرئيس مجلس النواب المنحل حينها وقلت لدولته أنتم الآن مرجعيتي في فترة غياب مجلس النواب، فإن أردتني أن أستقيل سأفعل، وإن أردتني أن أستمر فالأمر لكم.

نهض دولته عن مكتبه بتواضع لا يقاربه إلا الكبار وجلسنا على مقاعد استقبال الضيوف وقال: "لا، استمر، وعند انتخاب المجلس سأتحدث مع عبدالهادي"، ويعني المرحوم عبدالهادي المجالي، فأنا أريدك معنا هنا في "الأعيان" مستشاراً إعلامياً لرئيس المجلس، ولم يقل تأدباً لي أنا زيد الرفاعي.

شكرته وقلت تعلم دولتك أنني أعمل مع "أبي سهل" لسنوات طوال، وأرجو أن يأتي الطلب من دولتك كما أشرت، أجابني ما عليك أنا ساطلبك منه.

انتخب مجلس النواب وفاز "أبو سهل" رحمه الله برئاسته، وبعدها بشهر أبلغني "أبو سمير" عافاه الله، أنه تحدث معه في الأمر ليقول، أرجوك "أبو سمير" أنا ما استغني عنه.

سقت هذا لأقول أن العمل مع الكبار من الرجال لا ندامة فيه إطلاقاً، بل هو شرف، وهكذا كان حظي الذي أحمد الله عليه كثيراً.

وأعود إلى "أبي سمير" الغالي الذي رأيته منهاراً تماماً يوم عاد الحسين رفيق دربه رحمه الله إلى عمان عودته الأخيرة، والدموع تملأ عينيه حزناً على فراق الحسين.

زيد الرفاعي لا يتخلى عمن يعملون معه بإخلاص في خدمة الوطن لا خدمته هو شخصياً، وكل من عملوا معه لا ينكرون ذلك، حبه للأردن لا يطاوله حب، وسكوته عن الظلم الذي لحق به ذات زمن لا يجاريه سكوت، وصبره على الصعاب ليس كمثله صبر.

زيد الرفاعي الذي تكرمه جامعة اليرموك اليوم، من أهم (القرامي) المتجذرة بصدق وتفان وإخلاص في تاريخ الدولة الأردنية بلا منازع، خدم الوطن والعرش والناس، ولم يرد يوماً صاحب حاجة مستحقة خائباً وأنا أشهد له بذلك في هذا الشهر الفضيل، وعطاؤه لأصحاب الحاجات دائماً بستر لا منة ولا رياء فيه، وأجره عند واحد أحد يجزيه أحسن الجزاء.

حقاً لقد سرني جداً أن يتم تكريمه من قبل جامعة أعطاها من جهده ووقته الكثير كما أعطى الأردن كله وبلا تردد أو تحيز لفئة دون أخرى.

شكرا لجامعة اليرموك، والعمر المديد بالصحة والعافية لـ"أبي سمير" رجل الدولة الأميز الذي ما حقد ولا ناكف ولا حسد، وظل صفحة بيضاء ما انخط فيها سوى حب الأردن بكل من فيه وما فيه، وفي المقدمة، العرش الهاشمي الكريم.

خاض زيد الرفاعي السياسة وكان فارسها دائماً وسند الحسين الذي عن جادة الإخلاص أبداً لا يحيد. عافاه الله وشافاه. هذا قليل جداً عن رجل يستحق وعن جدارة التكريم والاحترام دائماً.. الله من أمام قصدي. ــ الراي

مواضيع قد تهمك