لما جمال العبسه : فلسطين... الجرح الغائر في وجدان العالم
لم يتوقف الحراك السياسي منذ السابع من أكتوبر الماضي وما تلاه من حرب طاحنة جائرة على قطاع غزة، بآلة الحرب الصهيوأمريكية والدعم غير المنقطع عدة وعددا من عدد من الدول الغربية التي أغدقت على جيش العدو الصهيوني ما يفوق قدرتها احيانا بالسلاح والذخيرة في سبيل نصر موهوم لم يتحقق مع دخول الحرب شهرها السادس، ورافق هذا كله تصريحات مستفزة من قبل الساسة الغربيين الذين تجاهلوا وحشية هذا الجيش النازي متذرعين بحق الكيان الصهيوني بالدفاع عن نفسه وقضائه على حركات المقاومة في القطاع خاصة حركة «حماس»، ولا ضير من بعض الاهداف الاخرى كالتهجير قسرا أو طوعا، وإقامة دولة دينية بامتياز على ارض فلسطين التاريخية.
لما أدخلت حكومة اليمين الاكثر تطرفا في عمر هذا الكيان الغاصب أدوات جديدة للقضاء على الفلسطينيين سواء في القطاع أو في الضفة الغربية، كتدمير البنية التحتية في القطاع على رأسها الصحي أو منع وصول الجرحى الى المستشفيات ثم القتل جوعا أو بالأوبئة التي انتشرت في القطاع، تفاقمت خسارتها مع اصرار الفلسطيني على عدم العودة للوراء أكثر من سبعة عقود والبقاء في ارضه اما شهيدا أو حرا، تحولت القضية الفلسطينية من قضية ذات بعد عربي واسلامي، الى جرح غائر في وجدان معظم شعوب العالم خاصة شعوب الدول الغربية التي كانت قبل السابع من أكتوبر الماضي متعاطفة مع الكيان الصهيوني على اعتبار ما عانوه من محرقة النازية اوائل القرن الماضي.
الأشهر الست حولت الحرب الشعواء في قطاع غزة الفكر والمفهوم المتجذر في الضمير العالمي دون استثناء ان لم نبالغ في الأمر دفة السفينة باتجاه قضية تاريخية بتهجر شعبها ومل وسئم اغاثات الامم المتحدة بهيئاتها العالمية عندما رفعت المقاومة الصوت وكشفت الغطاء عن الوجه الدميم للدولة المزعومة التي ادعت انها الاكثر ديمقراطية في المنطقة العربية وانها تعيش مظلومية العزلة وسط دول منطقة الشرق الاوسط وتمد اليد للتصالح والسلم اللانهائي لتعيش المنطقة في امن وأمان في ظلها، لتفقد بذلك مؤيديها ومناصريها من الشعوب الحرة حول العالم.
هذه الشعوب التي خرجت منذ اسابيع الى الشوراع في مئات الالاف للضغط على ساستها وزعمائها للتوقف عن توريد الاسلحة القاتلة لاصحاب الحق، وتنادوا بان فلسطين حرة من النهر الى البحر، وذلك بعد ان اتخذ الغزيون من سلاحهم الاعلامي «مواقع التواصل الاجتماعي» سلاحا ضدهم لنشر الواقع الفلسطيني وما يعانيه يوميا من وحشية في القتل، فباتت الفيديوهات القصيرة التي يبثها ابطال القطاع والضفة نقطة تحول لتغيير المفاهيم، واصبح الغربيون يتساءلون ويبحثون عن بداية مأساة هذا الشعب حتى بلغ ببعضهم حفظ النشيد الوطني الفلسطيني وترتيله في الشوارع، بل والاكثر من ذلك باتت المادة الاعلامية المصورة للعدو الصهيوني عبر مواقع التواصل الاجتماعي مدعاة للسخرية والاستهزاء من قبل تلك الشعوب التي كانت تؤمن بحقهم الوجودي على ارضهم المزعومة.
وللأسف كان هناك بعض المؤثرين العرب الذين كانوا مع بث الوجع الفلسطيني وتحولوا كذباب الكتروني يطعن في مقاومة هذا الشعب الحزين الجريح الا ان تحركاتهم المدفوعة بمال نجس ومحتوى رديء خال من الاخلاق الى تسخيفهم والاستهزاء بهم بل ومجابهتهم بالحقيقة والواقع.
والان كانت التحركات الشعبية على المستوى العالمي الاداة الانجع في الضغط على القرارات السياسية في دولهم ولو بشكل متواضع، لنشاهد بداية لرفض اسلوب التجويع الذي اتخذته حكومة دولة الاحتلال الفاشية لقتل اكبر عدد ممكن من الغزيين، وبدء النقد تتاليا على هذه الحكومة النازية والاستجابة للمؤسسات الدولية التي باتت هي الاخرى عدوة للكيان الصهيوني كونها تدافع عن حقوق الفلسطينيين في ادخال المساعدات عبر المعابر البرية بأي طريقة حتى لا تفقد الدول والمؤسسات انسانيتها وضميرها.
والاكثر من ذلك باتت جملة «حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها» وراء ظهور العديد من الساسة مقابل ضياع بوصلتها وعدم وضوح رؤيتها الا من شغفها باراقة الدم الفلسطيني، لتتحول القضية الفلسطينية الى مخرز يشك في وجدان العالم ويحدث به الآلم غير المحتمل. ــ الدستور