عوني الداوود : لبيك اللهم لبيك

«لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك».
اليوم يوم عرفة، وعرفة أفضل الأيام عند الله: (ما من يومٍ أفضل عند الله من يوم عرفة)، وهو الركن الرئيس في الحج (الحج عرفة)، وهو يوم إكمال الدين وإتمام النعمة: (اليوم أكملتُ لكم دينكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الإسلام دينًا)، وهو يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار، ويوم يُستجاب فيه الدعاء: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة).
وغدًا يوم عيد الأضحى المبارك، ثم أيام التشريق، وكلّها أيام خيرٍ ويُمنٍ وبركةٍ.
تمرّ بنا الأيام، وحال الأمتين العربية والإسلامية لا يسرّ صديقًا ولا حبيبًا، والشواهد كثيرة حولنا، وها هي حرب الإبادة على غزة مستمرة في يومها الـ(608)، وآخر الإحصائيات -بحسب وزارة الصحة في غزة- تفيد بمقتل أكثر من 54 ألفًا و84 فلسطينيًّا، وإصابة أكثر من 123 ألفًا آخرين منذ السابع من أكتوبر 2023، ولا يزال آلاف الضحايا في عداد المفقودين، وتشير بيانات الوزارة إلى أن إسرائيل ارتكبت (14 ألف مجزرة في غزة، وتسببت بمسح 2483 عائلة من السجل المدني بالكامل)، فيما بقيت 5620 عائلة ليس بها إلا ناجٍ واحد.
ووفقًا للإحصائية ذاتها، يسقط طفلٌ قتيلٌ كل 40 دقيقة، وسيدةٌ كل 60 دقيقة، كما تشير إلى مقتل 16854 طفلًا منذ بداية الحرب، بواقع 31.5? من أعداد الضحايا، ومن بين هؤلاء 931 طفلًا كانت أعمارهم أقل من عامٍ واحد.
إبادة غزة مستمرة، بلا رحمةٍ ولا شفقةٍ ولا إنسانيةٍ، والعالم عاجزٌ ويقف متفرجًا على مجزرة العصر وكل العصور، وإسرائيل ماضية في غطرستها، غير آبهةٍ بقوانين ولا بأعراف، ومخططاتها أكبر مما تُصرّح به وتُظهره عبر وسائل الإعلام.
الحج، وهو الركن الخامس من أركان الإسلام، يُعدّ بمثابة أكبر مؤتمر إسلامي -بل أكبر تجمع عالمي لأمة جعلها الله «خير أمة أخرجت للناس»-، لكنها اليوم أمة تعاني الويلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أمة بحاجة إلى رصّ الصفوف والعودة إلى الله ونهج نبيه الكريم.. أمة بحاجة إلى الاعتصام بحبل الله لتعود إلى ما كانت عليه: (كنتم خير أمةٍ أُخرجت للناس).. أمة تقود العالم بالحق والسلام، وتنشر رسالة الإسلام الحقّة.
ولأن يوم عرفة يوم دعاء وتضرّع إلى الله، فإننا ندعو الله في هذا اليوم الفضيل المبارك، أن يحفظ الأردن ملكًا وشعبًا وجيشًا، وأن يُفرّج كرب غزة وأهلها، وفلسطين وشعبها، وسائر بلاد المسلمين.. اللهم آمين. ــ الدستور