د. نوال محمد نصير : عيد الأضحى المبارك: فضائل عيد الأضحى وأبعاده الروحية

يُعد عيد الأضحى المبارك من أعظم المناسبات الدينية التي يعيشها المسلمون حول العالم، فهو ليس مجرّد احتفالٍ بالذبح وتوزيع اللحوم، بل هو تجديدٌ لمعاني الإيمان والطاعة والتضحية، واستحضار لقصة خالدة تتجلى فيها أسمى صور التسليم والامتثال لأمر الله عز وجل.
يرتبط هذا العيد بقصة نبي الله إبراهيم عليه السلام، الذي ابتُلي في أعزّ ما يملك، فرأى في المنام أنه يذبح ابنه إسماعيل عليه السلام، ورغم قسوة الموقف، كان ردّ إسماعيل: «يا أبتِ افعل ما تؤمر»، مما يجسّد قمّة الإيمان والطاعة المطلقة لله تعالى. وهنا تتجلى أولى فضائل العيد، وهي الإخلاص والتسليم لله، مهما كانت التضحيات.
أما الأبعاد الروحية لعيد الأضحى، فتتمثل في تعزيز صلة العبد بخالقه من خلال الصلاة، والدعاء، والتكبير، والذبح تقرّبًا إلى الله. ويؤكد العيد على أهمية الشعور بالآخر، حيث يُشرع للمسلمين توزيع لحوم الأضاحي على الفقراء والمحتاجين، فيتحقق التكافل الاجتماعي بصورة عملية ومؤثرة.
عيد الأضحى ليس فقط عبادة بدنية ومالية تُقرّب المسلم إلى ربه، بل هو مناسبة اجتماعية عظيمة تُرسخ قيم التآخي والتكافل بين الناس. ففيه يتقاسم المسلمون فرحتهم مع الفقراء والمحتاجين، فتُوزّع لحوم الأضاحي، ويعمّ الخير، وتُرسم الابتسامة على وجوه المحتاجين.
وتبرز في هذا العيد شعائر عظيمة كصلاة العيد، وتكبيرات الأيام العشر، والوقوف بعرفة الذي يُعد ذروة مناسك الحج، في مشهدٍ إيماني مهيب يعكس وحدة الأمة الإسلامية على اختلاف أجناسها ولغاتها.
وفي ظل الأحداث التي يشهدها العالم من أزمات وصراعات، يأتي عيد الأضحى ليذكّر المسلمين بقيمة السلام، وأهمية العطاء، وضرورة مدّ جسور المودة والتراحم. فالعيد ليس فرحة فردية، بل هو موسم للتسامح، وصلة الأرحام، وزيارة الأحباب، ومداواة جراح القلوب.
ختامًا، نسأل الله أن يعيده على الأمة الإسلامية بالخير واليُمن والبركات، وأن يجعل أيامه نفحات رحمة، وفرصًا للتوبة، ومواسم للخير والبذل والإحسان.
كل عام وأنتم بخير، أعاده الله علينا وعليكم باليُمن والبركات، وتقبّل الله طاعاتكم وأضحياتكم.