الأخبار

د. سند ابو راس : تطوير البحث العلمي في الأردن اتساقًا مع رؤية ولي العهد

د. سند ابو راس : تطوير البحث العلمي في الأردن اتساقًا مع رؤية ولي العهد
أخبارنا :  

يُعدّ البحث العلمي حجر الأساس في نهضة الأمم، فهو السبيل لتحليل المشكلات والوصول إلى جذورها، ومن ثمّ اقتراح حلول واقعية وعلمية تمنع تفاقمها أو ظهورها بأشكال أخرى. البحث العلمي ليس مجرد كلمات تُكتب على الورق أو تُنشر في المجلات العلمية أو تُعرض في المؤتمرات، بل هو أسلوب حياة تنتهجه الأمم المتقدمة، لفهم الواقع ورسم ملامح مستقبل مشرق، يهدف إلى تخفيف معاناة الإنسان.
قد يظن البعض أن البحث العلمي يقتصر على التخصصات العلمية كالكيمياء والفيزياء والرياضيات وغيرها، ولكنّه يشمل أيضًا العلوم الإنسانية. فدراسة سيكولوجية الإنسان، وفهم أنماط تفكيره، ومحاولة معالجة المشكلات الاجتماعية، كل ذلك يخضع لمنهج علمي مدروس. وربما يكون هذا هو المنطلق الحقيقي لتحقيق رؤية سمو ولي العهد، إذ إن الاستثمار في المواطن الأردني هو أعظم استثمار، لا يخسر مع مرور الوقت، بل يثمر جيلاً بعد جيل.
ينبغي أن نستثمر في البحث العلمي لفهم سيكولوجية المواطن الأردني بهدف الوقاية من المشكلات قبل وقوعها. فما فائدة التكنولوجيا المسخرة لراحة الإنسان إذا كان يعاني من اضطرابات نفسية؟ وهنا يجب الاستفادة من خصوصية مجتمعنا، الذي يميل إلى التدين ويحترم العادات والتقاليد، وهي عوامل تمنح الإنسان شعورًا بالسكينة الروحية، ما يجعل علاج المشكلات النفسية فيه أسهل من علاجها في مجتمعات أخرى قد تفتقر إلى هذا البُعد الروحي.
فعلى سبيل المثال، مبدأ «الحمد لله» المتأصل في المجتمع الأردني، كفيل بمعالجة كثير من الأزمات النفسية، شريطة أن نفهم كيف نعزز هذا المبدأ في نفوس الناس، لا سيما فئة الشباب، قبل أن تتغير الأجيال وتتبدل أولوياتها الروحية. فنحن لا نعلم ما الذي ينتظر الأجيال القادمة من تحديات على هذا الصعيد.
وبعد أن نُرسّخ البحث العلمي في معالجة القضايا المجتمعية والفردية، يمكننا التوجه إلى تطوير البحث العلمي في المجالات العلمية والتكنولوجية. حينها، سيبدأ العمل بالتوازي بين المسارين، مما يؤدي إلى تحقيق أفضل النتائج الممكنة.
أما الاستثمار في البحث العلمي في التخصصات العلمية، فيجب أن يكون مرتبطًا بحلول واقعية لمشكلات حقيقية تواجهها الشركات والمصانع والمؤسسات، لا أن يقتصر على الجانب النظري فقط. فمثلًا، إذا كان هناك مصنع يعاني من استهلاك إحدى الآلات لطاقة زائدة، فقد يتمكن مهندس من تقديم إصلاح مؤقت، لكن الباحث العلمي يمكنه تحليل المشكلة بعمق وبطريقة منهجية، فيصل إلى جذورها، ويقترح حلًا دائمًا. بعد ذلك، يأتي دور المهندس لتطبيق هذا الحل. مثل هذا النوع من الحلول يستحق الأجر، وقد يقود إلى تطويرات إضافية في مجالات أخرى.
حتى لو تأخر الاستثمار في البحث العلمي التقني، فلن يكون ذلك مشكلة كبيرة، ما دام الاستثمار قد بدأ بمعالجة المشكلات الاجتماعية والفردية. فالتكنولوجيا يمكن شراؤها بالمال، لكن الصحة النفسية للمواطن، ووجود أفراد أسوياء نفسيًا، لا يمكن شراؤها، ولا تُقدَّر بثمن. ـ الدستور

مواضيع قد تهمك