أ. د. اخليف الطراونة : استقلال المملكة الأردنية الهاشمية: ذاكرة المجد ومسيرة البناء

في الخامس والعشرين من أيار من كل عام، نستعيد ذكرى الاستقلال، لا لنُحيي مناسبة وطنية فحسب، بل لنستحضر قصة وطن بُني بإرادة، وحُكم بحكمة، ودُافع عنه بتضحيات لا تُنسى.
حين أعلن الملك المؤسس عبد الله الأول ابن الحسين استقلال المملكة الأردنية الهاشمية عام 1946، لم يكن ذلك تتويجًا لنهاية طريق، بل انطلاقًا لمسيرة طويلة من البناء والتحدي. وما لبث أن واصلها الملك طلال بن عبد الله، طيّب الله ثراه، الذي وضع دستور الدولة الأردنية عام 1952، فأرسى بذلك أسس الحياة الدستورية والبرلمانية، وفتح الباب أمام دولة القانون والمؤسسات.
ثم جاء الملك الحسين بن طلال، الباني والمعزز، ليحمل راية الوطن في واحدة من أصعب مراحل التاريخ، فحفظ الأردن من العواصف، وبنى الإنسان قبل البنيان، وكرّس في الأردنيين قيم الاعتماد على الذات والاعتزاز بالهوية.
واليوم، يتابع جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المسيرة، بثقة القائد، وحكمة الأب، وعزيمة المخلص. يقود الوطن في محيط متغير، ويصنع من الأردن نموذجًا في الاستقرار، والاعتدال، والبناء المتدرج على أسس راسخة.
ولا يمكن أن تمر ذكرى الاستقلال دون أن نرفع القبعة لقواتنا المسلحة – الجيش العربي المصطفوي – ولأجهزتنا الأمنية، الساهرين على حدود الوطن وداخله، الذين يجسدون أسمى معاني الانتماء والتضحية.
وفي قلب هذه القصة الوطنية، تبقى المدرسة والجامعة والمعلّم والمربية ركنًا أصيلًا. فهم الذين يُعلّمون أبناءنا أن الاستقلال ليس مجرد تاريخ نحتفل به، بل مسؤولية نعيشها، وأن الوطنية ليست شعارًا، بل سلوكًا وموقفًا وانحيازًا دائمًا لقيم الخير والحق والعدل.
فلنُحيي الاستقلال هذا العام بروح جديدة، نستذكر فيها الماضي، ونبني بها على الحاضر، ونعلّم أبناءنا أن هذا الوطن، الذي بُني بالدم والعزم، يستحق أن نحميه بالعلم والعمل والصدق والوعي.
الرحمة لرجال الاستقلال، والخلود لشهدائنا، والحفظ لوطننا وقيادتنا وجيشنا وشعبنا
التفاعلات: