الأخبار

فارس الحباشة : غزة من مقبرة إلى منتجع «ريفيرا»

فارس الحباشة : غزة من مقبرة إلى منتجع «ريفيرا»
أخبارنا :  

منذ عودة الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض، وهو يتحدث عن «ريفيرا غزة»، ويتحدث عن سواحل وشواطئ غزة، والاستثمار العقاري.
وثبّت ترامب في المعجم السياسي والدبلوماسي عبارة «الريفيرا والتطوير العقاري»، ولربما يعتقد البعض أن ترامب غير جاد فيما يطرح من سيناريو حول مصير ومستقبل غزة، أو أنها مجرد شطحات ونزوات ترامبية.
بل هي الحقيقة، ويبدو أنها الثابت والمركزي في السياسة الأمريكية إزاء حرب غزة، وسيناريو اليوم التالي.
وقد يسخر البعض من فكرة التطوير العقاري، ومن فكرة اجتثاث جغرافية من بلد محتل بالأصل.
ويسخر من سيناريو لحالة عقارية جديدة في الشرق الأوسط. فغزة، في المنظور الترامبي، هل ستتبع إلى إسرائيل أم السلطة الوطنية أم إدارة دولية أم إدارة خاصة لمنتجع، أم سوف تكون تابعة لأمريكا؟
وهو مشروع «لأمركة» غزة، وليس «عبرنة»، ولا تهويد غزة. فلم يُطلق ترامب على غزة واحدًا من الأسماء التوراتية أو اليهودية القديمة.
وفي فلسطين المحتلة، ما من شبر في تلك الجغرافيا الرسولية إلا وله قداسته. ونزعها الإسرائيليون، وغيّروا أسماء المدن والقرى، والجبال والهضاب.
حلّ ترامب، وتحويل غزة إلى ريفيرا. صاحب الفكرة هو كوشنير، صهر ترامب، والذي نصح نتنياهو وحاخامات أورشليم في بداية حرب غزة، وقال في محاضرة في جامعة هارفارد: إنه يستطيع تنظيم الأوضاع في فلسطين لو كان مكان إسرائيل. واقترح نقل الناس إلى صحراء النقب وتطهير المنطقة، ولفت إلى أن عقارات غزة ذات الواجهة البحرية قد تكون ذات قيمة عالية.
كوشنير، مسكون في شخصية الحاخام مئير كاهانا، ويفترض تحويل فلسطين المحتلة والمنطقة إلى مقبرة كبيرة، وحطام وركام. حطام سياسي، وحطام اقتصادي، وركام استراتيجي، وإعادة بناء الهيكل الثالث بجماجم الفلسطينيين والعرب. نظرية غزة والحمولة الديمغرافية الزائدة طرحها شارون قبل عقدين من الزمن، وقال: أتمنى أن أصحو صباحًا ويكون البحر قد ابتلع غزة.
ومن لحظة انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة عام 2002 قسرًا وهزيمة، وجنرالات الحرب في أورشليم يخططون إلى عودة الاحتلال لغزة، وسيناريو الإبادة والتهجير القسري.
وما يستجد اليوم في المفاوضات وما بعد حرب غزة، هو التفكير في سيناريوهات وأساليب وطرق للتخلص من الحمولة الديمغرافية الزائدة في غزة.
وتسرّبت سيناريوهات عن تهجير فلسطينيي غزة إلى الصومال وشمال العراق وسوريا، وآخر سيناريو يتحدث عن «الخيار الليبي». ونشرت صحيفة بريطانية سيناريو التهجير، واتصالات مع الحكومة الليبية، وترتيبات لوجستية وأمنية لتهجير الغزيين.
صورة سريالية، غزة من المقبرة إلى المنتجع. وجثث عشرات الآلاف من النساء والأطفال والشيوخ في العراء تنهشها الغربان والكلاب في غزة.
الحالة العقارية ليست جديدة أو طارئة على العقل الأمريكي. وهناك ولايات أمريكية تم شراؤها من فرنسا وإنجلترا وإسبانيا وروسيا. وعندما تفكك الاتحاد السوفييتي، اقترح الملياردير الأمريكي جورج سوروس على الحكومة الروسية بيع الكرملين وتحويله إلى كازينو.
ولربما هي اللحظة التاريخية التي بدأ بعدها خيال بوتين القومي «الأوراسي» يتجه نحو إعادة بناء «روسيا المقدسة». الشرق الأوسط يتغير. فهل سيبدأ التغيير من «ريفيرا غزة»؟ وكل ما تتلقاه غزة من عقاب وجريمة، لمجرد أنها صابرة وصامدة، وتقاوم.
الدم في غزة استُنزف، وصعد من التراب وجذور الأشجار ومياه البحر.
غزة، لمن لا يعرفون ويجهلون التاريخ، ومهما كبرت جريمة الإبادة، لا يمكن أن تستبدل اسمها وهويتها!

ــ الدستور

مواضيع قد تهمك