الأخبار

د. محمد ناجي العمايرة : الأردن : الدور والرسالة (١)

د. محمد ناجي العمايرة : الأردن : الدور والرسالة (١)
أخبارنا :  

عندما تأسست الدولة الأردنية الحديثة في عشرينات القرن الماضي حملت اسم " إمارة الشرق العربي " انطلاقا من فهم عميق للرسالة القومية التي قامت لتحقيقها . ولم يكن الأردنيون الاوائل إلا دعاة وحدة وحرية وعدالة اجتماعية

وهم ممن قادوا فيالق الثورة العربية الكبرى ضد الظلم والاضطهاد العثماني ومن اجل توحيد الامة العربية ونهضتها وتحررها.

وليست بعيدة تلك الايام التي كان الأردنيون الأحرار جميعا يحملون سلاحهم ويشاركون في الدفاع عن حياض الوطن والامة في فلسطين وثوراتها الشعبية منذ عام ١٩٢٩ و١٩٣٦ و١٩٤٨ وكان الدستور الأردني الاول الأكثر وضوحا في تحديد هوية الأردن : المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية إسلامية وشعبها جزء لا يتجزأ من الامة العربية ،و هي جزء لا يتجزأ من الوطن العربي الكبير ، وان الإسلام هو دين الدولة و المصدر الأساسي للتشريع .

ومنذ البدايات كانت الهوية القومية هي الأعلى والأوضح التي اجتمع الأردنيون حول رايتها بقيادة الهاشميين التاريخية ، ليكون هذا الحمى العزيز راس رمح الامة في الدفاع عن ارضها وشعبها وتكوينها السياسي ووحدتها .

والذي يستحضر اسماء رؤساء الوزارات والوزراء منذ الرعيل الاول يجد ان هذه الهوية القومية كانت حاضرة بقوة في كل التشكيلات الوزارية ، ومعظمهم من قيادات حزب الاستقلال العربي الذي تأسس في دمشق عام ١٩١٩ ليكون خلفا لجمعية العربية الفتاة التي أسهمت في نضالات الشعب العربي وكانت من طلائع النضال ضد الحكم الطوراني التركي .

هذه الاستعادة التاريخية أسوقها للتذكير بان الاستعمار الأوروبي وخاصة البريطاني والفرنسي كان يسعى إلى تقسيم الامة العربية تنفيذا لاتفاقية سايكس بيكو وغيرها من المشاريع السياسية الاستعمارية .. ولذلك حالت حكومة الانتداب البريطاني دون استمرار مسمى إمارة الشرق العربي و استبدلت به اسم إمارة شرق الأردن في محاولة لصرف الأنظار عن معطيات الثورة العربية و اهدافها ، مثلما أسقطت سلطة الانتداب الفرنسي الحكم الهاشمي والمملكة العربية السورية بقيادة الأمير فيصل بن الحسين بن علي عام ١٩٢٠ ، اثر معركة ميسلون .

هذا التاريخ هو التاكيد الدائم على الهدف القومي لتأسيس الكيان السياسي الأردني والدولة الأردنية الحديثة وهو ما كان واضحا في علم الثورة العربية والعلم الأردني وألوانهما التي تشير إلى ألوان الرايات والأعلام التي عبرت عن الدول التي أسسها العرب والمسلمون منذ عهد النبي العربي صلى الله عليه وسلم وحتى القرن العشرين .

وانطلاقا من ذلك كله كان تاسيس الأردن الحديث الذي يرتكز إلى هذا التاريخ المجيد .

وعليه فان التذكير به موجه إلى الاجيال الجديدة من ابناء الشعب الأردني والامة العربية ليعرفوا جيدا كفاح الاباء والأجداد الكرام من اجل وحدة الامة ونهضتها وحريتها .

وليس الحديث المزعوم عن "دور وظيفي " للكبانات السياسية التي نشأت في فترة الانتداب الاوروبي في مختلف أنحاء الوطن العربي إلا محاولة مكشوفة للتشكيك بعروبة هذه الدول ودورها ورسالتها وفي اطار ضرب وحدة الامة ووجودها القومي .

ان السياق التاريخيّ لنشاة الدولة الأردنية الحديثة يعكس بوضوح اهمية دورها في الدفاع عن كيان الامة العربية ودورها الحضاري والإنساني بمنأى عن المخططات الاستعمارية الاوروبية ضد هذا الدور وتلك الاهداف .

ومن هنا يحضر الدور الأردني المتكامل في الدفاع عن القدس وفلسطين والوطن العربي في كل المراحل التاريخية منذ العشرينات وحتى اليوم ، بفروسية مشهودة ووعي عميق وإيمان صادق وبكل الإمكانيات المتاحة .

وهو دور مشرف وكفاح نبيل والتزام قومي وديني وأخلاقي لم يتزعزع اياً كانت المخاطر والتحديات والتضحيات.

وللحديث بقية..


مواضيع قد تهمك