هل ينجح قرار تأنيث التعليم الأساسي في تحسين التحصيل..؟؟

عمان - سرى الضمور
أكدت وزارة التربية والتعليم أن قرارها بتأنيث الكوادر التعليمية في مدارس الذكور التي تنتهي بالصف السادس، جاء بهدف تحسين التحصيل الدراسي للأطفال.
وأشارت إلى أن المعلمات يوفرن بيئة تعليمية أكثر أمانًا ودعمًا نفسيًا، مع تقديم رعاية وعطف يوسّعان من شعور الطلبة بالأمان والانتماء وحب التعلم، لا سيما في المرحلة الأساسية الأولى.
وذكرت الوزارة في بيان، أن القرار سيشمل 123 مدرسة في مختلف أنحاء المملكة، وسيتم تنفيذ التأنيث عبر الكوادر التعليمية المتوفرة حاليًا مع إمكانية تعيين معلمات جدد عند الحاجة. وسيبدأ العمل بالقرار مع انطلاق العام الدراسي 2025–2026، مع الإشارة إلى أنه سيتم الاستفادة من المعلمين الذكور في وظائف إدارية مساندة في المدارس والمديريات.
وفي هذا السياق، يبدو أن الوزارة تراهن على الخصائص المرتبطة عادة بالمرأة، مثل الحنان والرعاية والصبر، لتشكيل بيئة صفية أكثر احتواءً للطلبة في سن مبكرة، وهي مرحلة تعد حاسمة في بناء شخصية الطالب الدراسية والاجتماعية. كما أن الأرقام التي أوردتها الوزارة (تحسن بنسبة 73.5% في اتجاهات الطلبة) تعزز من وجاهة هذا التوجه، وتدعم فرضيته علميًا.
رغم أن قرار وزارة التربية بتأنيث الكوادر التدريسية في مدارس الذكور حتى الصف السادس يستند إلى مبررات تربوية ونفسية مدعومة بدراسات حديثة، إلا أن التنفيذ العملي للقرار يفتح الباب أمام عدد من التساؤلات الجوهرية حول جاهزية النظام التعليمي وكفاءة التخطيط المسبق.
ولم توضح الوزارة ماهية الدراسات التي استندت إليها ولا ظروف تطبيقها المحلية، ما يطرح سؤالًا مشروعًا حول مدى ملاءمة نتائج هذه الدراسات للسياق الاجتماعي والثقافي للمملكة، خصوصًا في المناطق التي ما تزال تتحفظ على وجود المعلمات في مدارس الذكور لأسباب اجتماعية.
كما أن الإعلان عن تنفيذ القرار بالاعتماد على «الرصيد الموجود» من المعلمات يثير التساؤلات حول مدى قدرة الكادر الحالي على تغطية جميع المدارس المستهدفة دون التأثير على المدارس الأخرى التي قد تعاني أصلًا من نقص في الكوادر النسائية، هذا قد يؤدي إلى حلول ارتجالية أو ترقيعية، تضعف جودة التعليم بدلًا من تحسينه.
من جهة أخرى، تجاهل القرار التطرق إلى معلمي الصفوف الأولى الحاليين، الذين سيتم نقلهم إلى وظائف إدارية، دون الإشارة إلى أي خطط لإعادة تأهيلهم أو الاستفادة من خبراتهم التدريسية. هذا التحول قد يحرم النظام التعليمي من طاقات وخبرات تربوية مهمة، ويعزز شعور التهميش لدى المعلمين المتأثرين بالقرار.
أما الأثر الاجتماعي، فمن المرجح أن يثير القرار جدلًا بين الأهالي، خاصة في المحافظات والأرياف، حيث ترتبط صورة التعليم التقليدي للذكور بالمعلمين الذكور، مما يتطلب حملات توعوية مرافقة تشرح أبعاد القرار وتكسر الحواجز النفسية والثقافية المرتبطة به.
بالمجمل، قد يكون الهدف المعلن للقرار هادفا، ولكن نجاحه يعتمد بشكل كبير على التخطيط التفصيلي، والقدرة على إدارة التغيير ميدانيًا، وتوفير الدعم اللازم للكوادر والطلبة والأهالي على حد سواء. ــ الراي