الأخبار

د محمد العزة يكتب : الهويات الفرعية في الأردن (الأردنيون من أصول فلسطينية) أداة الهواة داخل المعارضة و الموالاة وعي الدولة و مخاطر التسييس

د محمد العزة يكتب : الهويات الفرعية في الأردن (الأردنيون من أصول فلسطينية) أداة الهواة داخل المعارضة و الموالاة وعي الدولة و مخاطر التسييس
أخبارنا :  

د محمد العزة

قراءة العلاقة الهويات من الزاوية القانونية :

منذ تأسيس الدولة الأردنية وضعت و أقرت كافة التشريعات الدستورية والقوانين التي أسهمت في ضبط اركان العلاقة بين تلك الهويات و أفرادها على أسس المواطنة الفاعلة و سيادة القانون ، لتصبح إحدى الثوابت الوطنية لا يسمح بتجاوزه و المساهمة في ترسيخ قواعد الاستقرار المجتمعي .

قراءة العلاقة من الزاوية الاجتماعية:
البنية الاجتماعية عكست علاقة متناغمة بين عناصر المجتمع الأردني التي كانت الأصول الفلسطينية إحداها الرئيسية بحكم دخولها في التركيبة جراء تداعيات و تبعيات النكبة و النكسة العربية في 48 و 67 و ما تلاها من تشريعات و تعديلات دستورية فرضتها الحالة،مكنت الدولة الأردنية من استيعاب طاريء الزيادة الديمغرافي بما يصب في المصلحة العامة ليضمن اهداف الاستقرار الاجتماعي السياسي الأردني ، نتج عنه انصهار أبناء المجتمع الأردني داخل روابط حقيقة و ليش شكلية من النسب ، ثم التشارك و التفاهم داخل التجمعات السكانية ، رسمت فسيفساء متكافلة متضامنة تجاه بعضها البعض ، صنعت حالة ثقافية فريدة من التعايش و الوحدة .

قراءة العلاقة من الزاوية السياسية:
بعد استباب الأمن الاجتماعي السياسي و استيعاب تداعيات الأحداث الكبرى التي مرت بها الأمة العربية و ساحة الوطن الاردني بشكل خاص.
الموقع الجيوسياسي الهام و المهم من مركز الحدث وقضيته جعل الاردن لتبني القضية المركزية ( القضية الفلسطينية) لابعاد عدة منها الأمني القومي الاردني و ما تمثله فلسطين من عمق استراتيجي ، عليه بحكم الواقع كانت تشكيلة الفكر و الهيكل السياسي التنظيمي المؤسسي للحكومات و مفاصل الدولة الأردنية جامعة و مظلة لجميع أبناء الاردن بمقتضى القانون و تشريعاته ، و هو ما كشف عن عبقرية القيادة و حكمة الرشاد و الاتزان في إدارة شؤون المجتمع والموازنة في متطلبات فسيفساء تركيبته و أغلبها متشابه توزعت بين الخدمات داخل القرى و المدن و البادية و المخيمات ، ثم تكريس الديمقراطية و العدالة الاجتماعية و احترام التعددية السياسية وهي ما أجمع و يجمع عليها كافة القوى السياسية و الشعبية و يريدها عقل الدولة الأردنية كجامع وقاسم مشترك على أساس المواطنة الأردنية و الوحدة الوطنية و المشاركة في بناء جبهة داخلية صلبة ، كل هذا صنع المعجزة الأردنية وقدم تفسيرا جليا لعقيدة السياسة الأردنية و فهما ،أن الاردن مشروع وطني مقاوم ضد أي مشروع صهيوني استيطاني احلالي توسعي يستهدفه ، بالمقابل يحتاج إلى مشروع نهضوي و متقدم يجعله وطنا قويا بل اقوى من اي مرحلة أخرى في الحاضر و الماضي .

المكاشفة و المصارحة في العناوين الوطنية هي عناصر قوة و ليس ضعف أو مجاملة و منة ، بل وجب تشريح اي حالة وحدث وفق الموضوعية الظرفية الواقعية ، التي تحكمها عقلانية القرارات و مرونتها و حسمها بعيدا عن أهواء العاطفة و تبادل الاتهام و لغو الكلام من تجنى وافتراء و ادعاء .
اليوم مع ظهور الحدث الأمني الجديد الذي وجب تناوله داخل سياقه السياسي بعيدا عن محاولة توظيفه داخل مساق النسيج الاجتماعي و مخاطر اللعب في إعداداته و تسييسه، وهو ليس الأول و امنياتنا أن يكون الأخير و إن لم يكن فليكن هنا الاردن الذي ولد ليعيش و لن يحترق.
وجب الحديث عنه و استحضار نماذج تحاكيه في صورة النماذج و طريقة علاجه و التعامل معه سابقا على مستوى عقل الدولة صانع القرار و على مستوى الشارع و تفاعله معه وسرعة تخطي مظاهره و أثاره و تجاوز السلبية منها .

السبعين ( احداث الأمن الداخلي) كما وصفها المستوى الحكومي الرسمي ، ( ايلول الاسود) ( ايلول الابيض ) هي من وصفها بعض أطراف القوى السياسية و القيادات الشعبية الأردنية الداخلة في معادلة الحدث آنذاك .
حسمتها الدولة الأردنية لأسباب أمنية سياسية سيادية وطنية ، بعدها كان لرأس هرمها وقتها الملك الراحل الحسين بن طلال رحمه الله و اكرم مثواه كلمته و رأيه في شرح الأسباب و ما وراءها و القى خطاب الوحدة في ال 71 الذي جعل منها ذاكرة الأموات في الاجداث ، ليكرس فيه أنه حرام و محرم الدم الاردني على الاردني أو الاردني الفلسطيني في نطاق عرف الحكم الاردني الهاشمي أو داخل نطاق ثقافة المجتمع الأردني و تركيبة فكره السياسي المعتدل المتسامح التي قدمت قوافل من الشهداء و المفكرين و زعماء السياسة التي ألغت كل الفروع و الحواجز و تشبثت أكثر بالنواصي و الحرص على وحدة الحواضن التي أسقطت من قاموسها مفردات الفتنة الشعبية.
و استطاع الاردن بذات العقلية تجاوز احداث داخلية خطيرة عدة بفضل حكمة قيادته و وعي شعبه و عدم انجرار الأغلبية .

تتكرر الحالة اليوم بالكشف عن مخطط تنظيم سري عسكري يهدد أمنيا سلامة وأمن الوطن الاردني ، تعاملت معه الدولة بكل مؤسسية و حرفية و اجراءات استبقائية وقائية لمنع تكرار احداث الامس الماضي ، اعتمدت على خبرتها المهنية و ذخائر شعبها و تلاحمه.
لكن كمبرادورات الهويات الفرعية العاطلة عن العمل ، سنحت لها الأحداث الماضية بإيجاد فرص عمل لزبانيتها المدربة المعروف دورها و وزنها و مستوى لغتها و مفرداتها المستخدمة لاستهداف زبائن هم قلة على دكة الاحتياط ، قابلة للتنشيط ، لكن المطمئن أن لدينا دولة مؤسسات و اجهزة قادرة على ضبطه ، و على الجانب المدني المجتمعي هناك كتاب و أقلام و نشطاء شكلوا كوابح خففت من حدة اندفاع موجة الهجمة لتلك الكاراتيلات المتكسبة من النشاط السياسي ، المتخفية خلف ستائر واجهة الوصاية و التمثيل و التفويض في إصدار صكوك الوطنية ذات صبغة و صيغة الشرعي الديني أو المناطقي ، في السياق الذي ينسجم و سيناريو روايتها .
المواطن الأردني عايش جميع مراحل الحياة السياسية الأردنية داخل وطنه و دولته و ازمنتها و أزماتها و رجالها ، و تعقب كل حالة كانت تطفو على السطح وقتها فردية أو تنظيمية ، حتى صار هذا المجتمع خبيرا و اهداف العديد منها و أساليبها ، و الفضل بذلك لقدرة هذا المواطن الأردني على نسخ الشيفرة الوراثية السياسية و بصمة الارتجال و الانفعال داخل طبقات الصوت لهذه الشخصيات و التنظيمات عند مواسم الخطابات و الانتخابات ، لينشيء ارشيفا داخل ذاكرته ، ساعدت لاحقا في صناعة اجسام مضادة للوقاية منها .
رسالة المقال موجهة لجميع أبناء شعبنا الاردني العظيم نلخصها بما هو آت:
ملف الأشخاص و التنظيمات في واجهة التمثيل السياسي للهويات الاردنية الفرعية من كافة الأصول عامة والفلسطينية خاصة وجب على نموذجها وفكرها وأدواتها أن يتحلى بالتالي :
١. التخلص من محاولات العودة إلى فترة و أزمنة خطابات الحقوق المنقوصة ، ليعلموا أن عهد و رجال تلك الفترة ولى و انقضى وأن كان وقتها المطلوب من إبراز اللون الفلسطيني في الهوية الأردنية لأسباب سياسية تتعلق في فترة التسعينات و مابعد مؤتمر مدريد لإثبات شرعية و قانونية القرار 194 حق العودة و القرار 242 وقف إطلاق النار على خط الهدنة في الرابع من حزيران ، و ذلك لإبراز ورقة اللاجئين في وجه مشروع الوطن البديل و اجهاضه.
تم حسمها حاضرا بلالأات الملكية الثلاث و اختصرها في تصريح الاردن هو الاردن وفلسطين هي فلسطين من أعلى قمة الدولة الأردنية الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه في رسالة للأردنيين التأكيد على الثوابت و حصر اهتمامهم في ثلاث ، الهوية الأردنية ، الوحدة الوطنية ، تمكين الجبهة الداخلية.
الشخصيات و التنظيمات ، التي حققت النجاح و اتقنت أدوارها في بداية تلك الفترة ، ثم فشلت لاحقا لأسباب عدة أنها لم تكن تمتلك مهارات التواصل الاجتماعية الذكية الكافية التي تؤهلها و التفاعل بشكل مستمر مع حاضنتها الشعبية ، و اعتمادها على نفس نسق الخطاب السياسي الثوري و المناطقي و الديني وعكسه في الداخل ، حيث تكشفت مع مرور الوقت أهدافها لدى الشارع و خاصة الذي نسف صورتها في وعيه و انطباعه عنها بعد حصولها على مناصب و امتيازات لم توظف و لو جزءا منه داخل مجتمعها الأمر الذي ولد قناعة أن هذا الخطاب و هذه اللغة هي لغايات جلب مصالح شخصية ، الذي أدى إلى خفض رصيد الثقة بهذه الفئة لدى جمهورها ، ولم يعد هناك تجاوب و استجابة كافية معها و التجارب العملية ماثلة ، لعل الأحداث الحالية تعكس ذلك و يمكن استشعاره و لمسه دون سماع مايتم همسه داخل الغرف ، من مراد أهداف تواجد هذه التنظيمات ليعقبها الكشف عن نهاية بقائها و نهاية نوايا تلك الحقبة سيئة الذكر ، حقبة الشحن و الاصطفافات و دعواتها و أصحابها .
2. اليوم في ظل الأوضاع السياسية و الاقتصادية الراهنة ، و لانجاح مسارات التحديث الثلاث لا خيار الا بتفعيل المواطنة ، المساحة الأكبر تمثيلا لكل الشرائح في التعبير عن نفسها .
3. عناوين المواطنة و الهوية الاردنية و الوحدة الوطنية أصبحت مطالبا لجيل الشباب الجديد الحالي ، المعني بمصالح وطنه الاردني و مصالحه ، التي تكمن و تتجسد في مشاركة هويات الوطن الفرعية كلها نحو بناء حالة سياسية صلبها العناوين الثلاث أعلاه ، الحقوق و الواجبات لا فضل لمواطن على / عن مواطن الا بالانتماء و الولاء ، قد يدفع من لا يطربه هذا اللحن على الانتقال و العزف على لحن اخر واستخدام طبقة و نغمة صوت مختلفة وهنا يكمن دور الدولة وكلمة أجهزتها .
٤.
4.المرحلة السياسية الحالية لا تقبل و لا تتحمل زعزعزات و خلافات السطح أو الاختباء في القاع بل وجب إخراجها من الاعماق و التخلص منها ، كما الحال في طبخ اللحم داخل المنسف الذي ينقى من شوائب زفر الفكر ، لإنضاج وجبة سياسية سليمة و طازجة صالحة للتقديم و هذا ينطبق على ما نحتاجه للتخلص من العوالق السلبية داخل الذاكرة الزمنية .
ختاما من يريد الوطن الاردني قويا ويراه كبيرا و عظيما وجب أن يعكس أداء يرتقي الى مستوى مواقف قيادته و تضحيات شعبه ، يعمل لأجله ، لا عبئا أو مزايدا عليه محافظا على ثوابته تجاه قضاياه الوطنية المحلية ذات الأولوية وقضايا أمته العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية القضية المركزية.
حمى الله الاردن قويا منيعا عزيزا كريما آمنا مطمئنا مستقرا ، موحدا بشعبه و قيادته الهاشمية و هويته الأردنية الواحدة .

مواضيع قد تهمك