الأخبار

قصي حمدان الجمال : غرفة عمليات وطنية لمكافحة الاحتيال المالي: هل آن الأوان في الأردن؟

قصي حمدان الجمال : غرفة عمليات وطنية لمكافحة الاحتيال المالي: هل آن الأوان في الأردن؟
أخبارنا :  

في ظل تصاعد الجرائم المالية في العالم، باتت الدول أمام تحدٍ حقيقي في حماية اقتصاداتها ومواطنيها من موجة الاحتيال التي لا تميز بين غني وفقير، أو بين فرد ومؤسسة. والأردن، كغيره من دول المنطقة، لم يعد بمنأى عن هذه الظاهرة المتسارعة، خصوصاً مع توسّع الخدمات المالية الإلكترونية، وانتشار التطبيقات الذكية، وتزايد استخدام أدوات الدفع غير النقدي.

لقد شهدنا في الأشهر الأخيرة عدداً متنامياً من حالات الاحتيال المالي عبر الاتصالات، والرسائل النصية، والمواقع الوهمية التي تنتحل صفات مؤسسات رسمية أو بنكية. وفي كثير من هذه الحالات، يواجه الضحية صعوبة بالغة في معرفة الجهة التي ينبغي عليه التواصل معها فوراً. هذه الثغرة في منظومة الإبلاغ والاستجابة تؤدي إلى ضياع الوقت، وهو العامل الحاسم في أي عملية احتيال إلكتروني.

هنا تبرز الحاجة إلى إنشاء "غرفة عمليات وطنية لتلقي بلاغات الاحتيال المالي"، تعمل على مدار الساعة، وتضم ممثلين عن الجهات المعنية كافة: وحدة الجرائم الإلكترونية، وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، البنك المركزي، البنوك المحلية، وشركات الاتصالات.

هذه الغرفة ستكون بمثابة مركز طوارئ مالي، تتلقى البلاغات فور وقوع الاحتيال، وتفعّل آليات الاستجابة السريعة لحماية الأموال، وتحفظ الأدلة الرقمية، وتنسق مباشرة مع الجهات الأمنية والقضائية.

كما يمكن لغرفة العمليات أن تؤدي دوراً توعوياً استباقياً، من خلال إطلاق حملات توعية عامة عبر الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وتنبيه المواطنين إلى أنماط الاحتيال الجديدة، وتقديم النصائح والإرشادات للوقاية.

إن إنشاء مثل هذه الغرفة لم يعد ترفاً، بل ضرورة وطنية في ظل البيئة الرقمية المتغيرة. فالأمن المالي جزء لا يتجزأ من الأمن الوطني، ولا بد من وجود بنية مؤسسية مرنة وسريعة الاستجابة تواكب التحديات الحديثة.

لعلّ الخطوة التالية تتمثل في أن تتبنى الحكومة هذا المقترح، وأن تبادر الجهات الرقابية والمالية إلى التعاون في وضع آلية تنفيذية تضمن نجاح هذه المبادرة. فحماية المواطن تبدأ من استجابة مؤسسية واعية ومترابطة.

مدرب ومستشار في الحوكمة والامتثال ومكافحة الاحتيال المالي ـــ الراي

Qosai90j@Gmail.Com

مواضيع قد تهمك