منيب المصري لم تمنعه التسعون!

كتب سلطان الحطاب –
رغم كل أشكال الاحباط، ورغم ما تعنيه السنوات التسعون من عناء وثقل تجعل المرء يقول ما قاله زهير بن ابي سلمى، بعد تجاوزه الثمانين، سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولاً، لا أبا لك يسأم
رغم ذلك كله ما زال منيب المصري، أبو ربيح، مشتبكاً في معارك عديدة تصب في القضية الوطنية وتدافع عنها سواء في القضية التي رفعها في لندن وكسبها في نابلس ضد سيء السمعة بلفور صاحب الوعد المشؤوم والتي كلفته مئات الآف من الدنانير ويقال انها تجاوزت المليون دولار او في اشتباكه من أجل المصالحة الوطنية بين فصائل العمل الوطني وسعيه بينهما كما سعى الهرم بن سنان والحارث بن عوف، لايقاف حرب داحس والغبراء الذين تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم … فاستحقوا المديح تعظيم صنعهم
لم يتوقف منيب منذ عرفته عن العمل من أجل فلسطين وقد حدد علاقاته وصداقاته في السنوات الأخيرة بناء على قرب من يتعامل معهم من أجل فلسطين.
آخر مشاهداتي كانت في بيت الصديق معالي الدكتور حازم قشوع، وهو يهديه كتابه الجديد ويحتفي به.
أعمال منيب الخيرية متعددة ومتفرعة اكثرها صبّ في التعليم ومراكز البحوث في مدينة الخليل كلية البوليتكنك وفي نابلس، متحف عرفات، وفي نابلس جامعة النجاح، وفي مدن فلسطينية وعربية.
وقد عمل من أجل قضية القدس التي شاركه في دعمها واحيائها أمراء سعوديون وشخصيات عديدة من العالم العربي.
كان يعمل اخيراً من أجل اصلاح العمل الفلسطيني وظل يرفض مبدأ الانقلاب أو الخروج الذي يؤذي أو يحطم، وظل يعتقد انه بالتواصل والحوار والحرص يمكن الوصول الى تفاهمات والبناء عليها.
أحسست أنه بدأ يطرح ثماره في السنوات الأخيرة الطاعنة في السن، كما لو انه في الثلاثينات، وكنت اتمنى ان يكتب مذكراته للأجيال، فالدنيا ليست مالاً فقط، وإن كان المال مهما وهو لا يبدده بل يحافظ عليه ولا يفاخر به أبداً، فقد ظل متواضعاً يرى ضرورة أن ينفق المال على الوجوه الإنسانية والخيرية اما فكر منيب فانه فكر وسطي مبداي يومن بالبعد العربي للقضية الفلسطينية ويؤمن ضرورةتحريض المؤمنين بها على العمل لها ولاحظت انه على استعداد.
كان آخر لقاء قد دعم فيه كتابي عن القدس باللغة الإنجليزية والكتاب عن القدس العربية المسحية وقد اعجبته الفكرة بعد صدور نسخة الكتاب بالعربية ومن قبل الكتاب عن القدس العربية الاسلامية وعن المسجد الاقصى، وقد زودته بالعديد من النسخ التي أهداها لشخصيات هامة، وقد قمت بتقديم هذا الكتاب لجلالة الملك والملكة وولي العهد، والشخصيات الأردنية الهامة، ولنحو 45 من السفراء الأجانب في المملكة الأردنية الهاشمية.
فكره وسطي ولكنه ميداني يؤمن بالبعد العربي للقضية الفلسطينية ويؤمن بضرورة تحريض المؤمنين بها على العمل، ولاحظت أنه على استعداد أن يذهب الى آخر الأرض وان يتحمل المشقة مقابل اقناع ولو شخص واحد هام بقضية شعبه.
رافقته في زيارة سفارة جنوب افريقيا بمناسبة المساهمة الكبيرة لجنوب افريقيا في الانتصار للقضية الفلسطينية برفع قضية ضد اسرائيل المجرمة في المحكمة الجنائية الدولية، ويومها بكى وأبكى السفيرة والحاضرين، حين تحدثت السفيرة عن تجربة اسرتها في النضال ضد التمييز العنصري في جنوب افريقيا قبل الاستقلال) وما زال منيب يزرع لتحصد الأجيال، وهو يعتقد أننا تاخرنا في الزرع، ويجد ان ما صنعه الشعب الفلسطيني في كفاحه الأخير كان معجزة لا بد من ان تحمى، وهو يحمل التفاؤل وبيشر به ويرفض التشاؤم ويعتبره العدو الحقيقي.
يرى منيب أننا أقوى من اسرائيل حين تصح ارادتنا ونحسن نوايانا
أحب منيب الأردن وعمل فيه ومعه، وكان وزيراً في حكومة وصفي التل، الذي كان صديقه وارتبط معه في علاقة قوية
كما أن منيب المصري الذي يمضي وقته في بيت فلسطين في نابلس، لا يغادر الاّ لعمل ينتصر لقضيته ما زال يعمل بجد، وكنت اعتز حين يطلب مني المساهمة في الكتابة أو العمل وكنت أجده انشطنا وأكثرنا شباباً.
ما زال يتمتع ابو ربيح بإرادة قوية وببرنامج يومي يبدأ مبكراً.
حفظك الله يا أبا ربيح، ومكنك من تحقيق الأهداف التي وضعت كثير من اقدام محبيك على طريقها
ــ عروبة الاخباري