الأخبار

الصبيحي : نحو رؤية لمعالجة الاختلال في الرواتب التقاعدية في المملكة

الصبيحي : نحو رؤية لمعالجة الاختلال في الرواتب التقاعدية في المملكة
أخبارنا :  

3.6 مليار دينار فاتورة التقاعد الرسمي للعام 2024؛

يعاني ذوو الرواتب التقاعدية الضعيفة والمتدنيّة من ظروف معيشية ضاغطة، فالغالبية العظمى منهم ليس لديهم مصادر دخل سوى الراتب التقاعدي، الذي لا يكفي لتلبية ضرورات المعيشة الأساسية.

أنا هنا لا أتحدث عن متقاعدي الضمان الاجتماعي فقط، وإنما أيضاً عن فئات تقاعدت وفقاً لأحكام قانون التقاعد المدني أو وفقاً لأحكام قانون التقاعد العسكري، وحتى الفئات التي تقاعدت وفقاً لتشريعات نظم التقاعد الخاصة ببعض النقابات المهنية.

ينقسم المتقاعدون في الأردن إلى عدة أقسام؛ منهم مَنْ تقاعد براتب عالي جداً "باهظ" وهذه الرواتب محدودة لكنها تُشكّل تمييزاً في غير محله، وهي نتاج قانون الضمان الاجتماعي في بعض نُسخهِ غير العادلة، لا بل المنحازة لذوي الأجور المرتفعة للغاية.

وهناك متقاعدون قُدامى عسكريون ومدنيون، لا تزال تصلهم رواتب تقاعدية ضعيفة جداً، رغم ما طرأ عليها من تحسينات طفيفة، ومنهم مَن كان في رُتَب ودرجات عالية، وبعضهم وزراء في فترة السبعينيات والثمانينيات.

وهناك شريحة عريضة من المتقاعدين من ذوي الرواتب التقاعدية المتوسطة التي بالكاد تكفي لمعيشة الكفاف وما فوقها بقليل.

إضافة إلى هذه الفئات، هناك فئة تتقاضى راتبين تقاعديين، (تقاعد مدني وتقاعد ضمان) أو (تقاعد عسكري وتقاعد ضمان) أو (تقاعد مدني أو عسكري وتقاعد نقابي). والبعض يتقاضى ثلاثة رواتب تقاعدية؛ تقاعد مدني أو عسكري وتقاعد ضمان وتقاعد تقابي.

إضافة إلى فئة قليلة تتقاضى راتب تقاعد مدني أو عسكري أو ضمان أو نقابي مع أجر من وظيفة عامّة بعد التقاعد (تعيينات في مواقع معينة لها مخصصات على شكل مكافآت شهرية من خزينة الدولة كالأعيان والنواب).

بالمحصلة؛ هناك اختلال كبير في توزيعة الرواتب التقاعدية وتشريعاتها أدّى إلى فقدان العدالة الاجتماعية في هذا الجانب، وحالة من السُخط وعدم الرضى لدى شريحة واسعة من أبناء المجتمع.

الحل من وجهة نظري، هو ضرورة العمل على تقديم رؤية اجتماعية اقتصادية سياسية لمعالجة هذا الإرث المشوّه للرواتب التقاعدية وأنظمتها تأخذ بالاعتبار توحيد قنوات التقاعد، ومراعاة أعلى درجات العدالة الاجتماعية فيها من خلال تشريع مُحكَم مبني على الإنصاف والكفاية، ودعم تمويل واستدامة صندوق تقاعدي موحّد لكل الأجيال القادمة من المتقاعدين. وأكبر وأهم صندوق مُرشّح لهذا الدور هو صندوق تقاعد الضمان الاجتماعي.

ومن الجدير ذكره أن العدد التراكمي للمتقاعدين وفقاً لقوانين التقاعد المدني والعسكري والضمان وصل إلى حوالي (764) ألف متقاعد حتى نهاية العام 2024 بفاتورة تقاعد سنوية بلغت حوالي ( 3.6 ) مليار دينار للعام 2024.

(سلسلة توعوية تنويرية اجتهادية تعالج موضوعات الضمان والحماية الاجتماعية، وتبقى التشريعات هي الأساس والمرجع - يُسمَح بنقلها ومشاركتها أو الاقتباس منها لأغراض التوعية والبحث مع الإشارة للمصدر).

خبير التأمينات والحماية الاجتماعية

الإعلامي والحقوقي/ موسى الصبيحي

مواضيع قد تهمك