الأخبار

البصمة الوراثية تكشف أسرار العرب

البصمة الوراثية تكشف أسرار العرب
أخبارنا :   فتحت التطورات المذهلة في تقنيات تحليل الحمض النووي البشري في العقود الأخيرة أفاقا كبيرة في مجالات عديدة بما في ذلك معالجة الأمراض الخطيرة.

الحمض النووي هو الجزيء الرئيس المسؤول عن تخزين المعلومات الوراثية ونقلها في جميع الكائنات الحية. اكتشف بُنيته العالمان فرانسيس كريك وجيمس واتسون في عام 1953، وطورت لاحقا تقنيات الحصول عليه، ما سمح بتحديد هوية الشخص بناء على مادته البيولوجية المستخلصة من الشعر والأسنان والدم واللعاب، وما إلى ذلك. في الوقت الحالي، تستخدم اختبارات الحمض النووي بنشاط في علم الجريمة، وأيضا في حل قضايا الأبوة ونزاعات الهجرة.

من خلال تحليل حمض نووي مجهول مثلا، بعد الحصول على البصة الوراثية بالتقنيات الحديثة، أصبح المختصون حاليا قادرين على تحديد جنس الشخص، ولون عينيه وبشرته وشعره، والكثير من الخصائص العرقية الخاصة، بل ومعرفة الأمراض الخطيرة التي تهدده.

في عام 2021، أجرى عالم إماراتي شاب متخصص في علم الوراثة يدعى محمد المري مع مجموعة من العلماء من بريطانيا وإستونيا والسعودية دراسة على 137 تسلسلا جينوميا عالي التغطية تم الحصول عليها من ثماني مجموعات سكانية من بلاد الشام والعراق والجزيرة العربية، وكانت لأشخاص يتحدثون العربية والكردية.

تقنيات تسلسل الجينوم في ذلك الوقت سمحت بالحصول على تسلسل للحمض النووي عالي الدقة. وتعد هذه الدراسة الأكثر دقة للتنوع الجيني البشري حتى الآن، حيث تمكن القائمون عليها من الحصول على خرائط مفصلة لـ 64 نمطا فرديا تنتمي إلى 25 مجموعة في أوروبا وشرق وجنوب آسيا وأفريقيا وأمريكا الشمالية والجنوبية.

بمقارنة هذه الخرائط الجينية بالبيانات التي تم الحصول عليها في إطار مشروع 1000 جينوم، تمكن العلماء من وصف أكثر من 107 آلاف شكل هيكلي للجينوم.

منطقة الشرق الأوسط بالغة الأهمية لفهم التطور البشري، فيها تم اكتشاف أقدم دليل على أن الإنسان العاقل خارج إفريقيا عاش هناك في تاريخ يعود إلى ما لا يقل عن 177000 عام.

أسلاف الإنسان الحديث استقروا أخيرا في هذه المنطقة منذ حوالي 50-60 ألف عام، ما أدى إلى إزاحة إنسان نياندرتال تدريجيا من هناك ووراثة قدرا من بصمته الوراثية. علاوة على ذلك، حدثت في هذه المنطقة واحدة من أهم مراحل التنمية البشرية ألا وهي ثورة العصر الحجري الحديث، التي غيرت بشكل كبير نمط حياة الصيادين وجامعي الثمار وكان لها تأثير كبير على تكوين الشعوب الحديثة.

الدراسات المقارنة كشفت وجود مكون جيني "نطوفي" مشترك لسكان الجزيرة العربية مع سكان بلاد الشام القدماء. هذا المكون الجيني "النطوفي" عبارة عن مجموعة وراثية مميزة للصيادين وجامعي الثمار القدماء في بلاد الشام الذين تكيفوا مع المناخ الجاف.

بمقارنة سكان المنطقة مع جميع السكان الأوراسيين الحديثين، وجد العلماء حدا أدنى من الحمض النووي للمجموعتين البشريتين المنقرضتين النياندرتال ودينيسوفا، أقله لدى سكان الجزيرة العربية، ما يعني أن الاجتماع بالنياندرتال جرى في أوروبا في وقت لاحق.

هذه الدراسة الجينية كشفت وجود 4.8 مليون متغير جيني جديد خاص بسكان الشرق الأوسط، كما أظهرت أن العرب ينتمون إلى تنوع جيني واسع في المنطقة، مع اختلافات ملحوظة بين سكان منطقة الخليج العربي وشمال إفريقيا وبلاد الشام.

من النتائج أيضا وجود تأثيرات جينية من هجرات قديمة إفريقية وآسيوية وأوربية بسبب موقع المنطقة بين القارات، كما تبين وجود تداخل جيني مع الفرس والأتراك والبربر والأكراد، نتيجة التبادلات التجارية والفتوحات الإسلامية والهجرات.

من الأمور الأخرى، أن الدراسة أظهرت ارتفاع نسبة الأمراض المتنحية مثل الثلاسيميا وأنيميا الخلايا المنجلية وبعض اضطرابات التمثيل الغذائي في المجتمعات العربي، وذلك نتيجة ارتفاع معدلات الزواج بين الأقارب.

المصدر: RT

مواضيع قد تهمك