قنبلة نووية في متناول اليد!
أمر الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بتعزيز ترسانة بلاده نووية هذا العام، فيما ذكر البيت الأبيض أن للرئيس دونالد ترامب خطط لنزعها بالكامل، فماذا عن برنامج كوريا الجنوبية؟
مع توتر العلاقات مع الشطر الكوري الشمالي في السنوات الأخيرة، أشار الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول في عام 2023 إلى أن بلاده قد تسعى إلى امتلاك ترسانة نووية خاصة إذا تزايد التهديد الشمالي، إلا أنه تراجع لاحقا مؤكدا التزامه بسياسة الردع الأمريكية المتمثلة في المظلة النووية التي تؤمنها واشنطن لكوريا الجنوبية.
رئيس كوري جنوبي آخر هو بارك تشونغ هي، سعى في حقبة سابقة للحصول على أسلحة نووية وصاروخية من خلال برنامج سري، وكان الدافع إلى ذلك، مبدأ الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في عام 1969 الذي دعا من خلاله خلفاء بلاده في آسيا إلى معالجة مشاكلهم الأمنية العسكرية بأنفسهم، باستثناء النووية منها. الخطوة الكورية الجنوبية تلك، كان وراءها ضعف الثقة في "المظلة النووية " الأمريكية بعد الهزيمة في فيتنام.
عمليا بدأت كوريا الجنوبية أبحاثها النووية في وقت مبكر منذ أواخر عام 1950، وشغلت بمساعدة أمريكية أول مفاعل نووي للأبحاث في نوفمبر 1962 بقوة 100 كيلوواط، وبحلول عام 1975 أضافت مفعلين مماثلين، ثم انتهت في عام 1978 من بناء أول محطة للطاقة النوويةمعتمدة في ذلك على مفاعل نووي أمريكي يعمل بالماء الخفيف بقدرة 587 ميغاوات.
شكلت الحكومة الكورية الجنوبية في عام 1970 لجنة خاصة لأبحاث التسلح النووي، أعدت في عام 1973 خطة طويلة الأجل لتصنيع الأسلحة النووية على مدى أقصاه 10 سنوات وبتكلفة قدرت بحوالي 2 مليار دولار. وهكذا بدأت سيئول تعمل سرا لتخصيب اليورانيوم وتطوير الصواريخ، وكان هدفها الأول صنع قنبلة نووية من البلوتونيوم.
من جانب آخر، وقعت كوريا الجنوبية على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في عام 1975، وفي نفس الوقت تقريبا اكتشفت الولايات المتحدة جهود سيئول السرية لصنع أسلحة نووية وضغطت بقوة لإيقافها. استجابت كوريا الجنوبية وتم إغلاق مفاعل أبحاث نووي كان قيد التطوير في عام 1978، كما تم تفكيك المعدات المستخدمة في تخصيب اليورانيوم.
كوريا الجنوبية كانت عملت سرا في ثلاثة منشآت على تحويل اليورانيوم الطبيعي إلى شكل معدني لاستخدامه في تجارب تخصيب اليورانيومبواسطةالليزر. هذا النوع من التجارب تواصل في كوريا الجنوبية حتى عام 2000، ولم يتم إبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية بهذه النشاطات.
الوكالة الدولية للطاقة الذرية أبلغت عن النشاطات السرية لتخصيب اليورانيوم وفصل البلوتونيوم في عام 2004، وتمت تسوية القضية من دون إحالتها إلى مجلس الأمن.
ركزت كوريا الجنوبية بعد ذلك على الطاقة النووية المدنية، وأصبحت من الدول الرائدة في مجال تشييد محطات الطاقة النووية لتوليد الكهرباء. مثل هذه المحطات تنتج حاليا حوالي 30 بالمئة من الكهرباء في كوريا الجنوبية.
هكذا تخلت كوريا الجنوبية عن برنامجها النووي العسكري السري، وواصلت الاعتماد على "المظلة النووية الأمريكية".
الولايات المتحدة كانت نشرت أسلحتها النووية منذ يناير 1958 في قواعدها العسكرية على أراضي هذا البلد. كان يوجد لها في عام 1967 حوالي 950 رأسا نوويا في وقت واحد، في حين أن واشنطن نشرت في عضون 33 عاما 11 نوعا من أسلحتها النووية هناك.
على الرغم من أن كوريا الجنوبية تخلت عن برنامجها النووي العسكري، إلا أنها تعد قوة نووية مدنية كبرى. ونظرا لتقدمها التكنولوجي الكبير وقدراتها الاقتصادية، فمن السهل عليها كما يؤكد الخبراء، صنع أسلحة نووية إذا أرادت في وقت قصير يتراوح بين ستة أشهر إلى عامين.
المصدر: