الأخبار

فارس الحباشة : التافهون

فارس الحباشة : التافهون
أخبارنا :  

شاب وناشط اردني على سويشل ميديا، ويظهر كثيرا على انستغرام. و ينشر صورا وفيديوهات لرحلاته وجولاته وزيارته لعواصم اوروبية وغربية، واقامته في ارقى وافخم الفنادق، وارتياد مطاعم خمس نجوم في لندن وباريس وروما.
و لا احد يعرف شيئا عن اصله وفصله، وماذا يعمل، وما هو نشاطه التجاري والانساني؟ فجأة ظهر على السويشل ميديا، ويجر وراءه مئات الاف من المتابعين والمشاهدين.
و نشاطه على السويشل ميديا يقتصر على التصوير في فنادق ومطارات ومطاعم. و الادهى بالموضوع أن جمهور الناشط الاردني الثري هم فقراء وناس عاديون.
قلبت في صفحات ناشط السويشل ميديا، المتابعون ناس بسطاء وعاديون، وناس لا يعرفون أين تقع لندن، ولا حتى يعرفون مطاعم وفنادق باريس ولندن الفارهة.
و الفقراء والبسطاء يبدو أنهم اكثر حلما واوسع خيالا، وينقصهم فائض من التخيل والوهم. و المتابعة نشاطات الناشط الثري هي مجرد تعبير عن فجوة بين المعسور والميسور « الثري». و يقول الناشط في فيديو منشور على صفحته ان وجبة غداء في مطعم في لندن كلفته الف دولار.
و سيتحدث عن نوع طعام بحري، وانا اول مرة اسمع به، وقد جلت اصقاع الكرة الارضية من جنوبها الى شمالها.
و تحدث في فيديو اخر عن شريحة لحم ثمنها 5 الاف دولار. شريحة صغيرة، ولا تشبع طفلا في الصف الاول الابتدائي. و المضحك أن متابعي الناشط لم يأكلوا لحم دجاج منذ شهور، واما «لحم الغنم « فالاقدار الطبقية والاجتماعية والاقتصادية التعيسة قد حرمتهم منه للابد.
وليس لانهم يعانون من عسر بالهضم او امراض القلب وارتفاع بالكوليسترول وضغط الدم، ولان الاطباء حذروهم ومنعوهم من تناول اللحوم ! تجلي مشبوهة ومشوهة على السويشل ميديا لانماط استهلاك غريبة.. والناس يصابون في هوس وجنون بمتابعتها والاهتمام في مواضيعها.
و لو أن المتابعين يملكون وافرا من الوعي، فعوضا عن التجلي في المتابعة، فانهم يتحولون الى منتقمين، وان هكذا مضمون يغذي نزعة الانتقام الطبقي.
و كيف ان شابا يجلس في مطعم ويدفع فاتورة غداء الف دولار. وفيما تجد عائلة اردنية صعوبة في تناول وجبة عشاء او غداء. وجبة الناشط الثري يصل ثمنها الى حاصل جمع فاتورة طعام عائلة اردنية الى شهرين واكثر.
هذا هو توحش الرأسمالية.. وهذه ثقافة الاستهلاك، سخافة السويشل ميديا، وما وصلت الى حد الجنون والتفاهة.
وما يجب الاعتراف به هو ان السويشل ميديا في بلادنا انتجت سخافة وتفاهة بلا حدود. و في معرفة وتشخيص امراض المجتمع، السؤال الاكبر والاخطر يكمن في الثقافة والسياسة.. ولذا، لا نجد تفسيرا وجوابا لكيف نجح فلان وعلان في الانتخابات، ولمجرد انه ينشر فيديوهات وصورا على الفيبسوك.. واي كوميديا سوداء، وتشخيص مؤلم أقرب الى المفارقات في توصيف مجتمع ورأي عام، ينتج من التفاهة نجومية وقادة رأي. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك