بشار جرار : «قرطاسية» الاستقلال والعمل

جاملتني زميلة -أخت صديقة- على «الفيس» تعليقا على عودتي من وطني الأم إلى وطني الثاني، باللغة الإنجليزية. لغتها الأم هي الأرمنية، وتحرص على الكتابة بغير العربية، تفاديا لوقوعها في أخطاء قواعدية أو إملائية يتصيدها من لا دور لهم في الحياة سوى تصيّد أخطاء وعثرات وزلات الآخرين!
كتبت ما نصه بالعربية: نحمد الله على عودتك بالسلامة من «وطنك الأم إلى بلدك الوطن» في إشارة إلى الأردن وأمريكا. كانت قد سألتني ومجموعة من الأهل والأصدقاء عن تاريخي الذهاب والإياب فقلت على سبيل تذكير الأمريكيين منهم أو العارفين بالثقافة الأمريكية إنها بين عيدي الاستقلال والعمل وهي بالنسبة للعارفين أكثر بالشؤون الأمريكية، تلك الفترة التي تفتح فيها المسابح غير المسقوفة أبوابها في القطاعين العام والخاص، تفتح أبوابها ومساربها المائية لعشاق رياضة السباحة بأنواعها، وأجملها وأقواها الفراشة تليها السلحفاة!
شهران بالتمام والكمال، أكرمني الله بهما في ديرتي، بين عشيرتي وأحبابي، أتممتها بروح وذهنية الحاج، لا السائح ولا الزائر، فهذه الأراضي مقدّسة غالية تستحق الأفضل، وبخاصة من قبل المنتمين إليها سنبلة، والمزروعين فيها كرمة..
من يمن الطالع، اشتراك الأردن وأمريكا إلى حد كبير - بفارق بضع أيام في بعض الولايات والمقاطعات- اشتراكهما بتاريخ العودة إلى المدارس. في البلدين، يصادف يوم العودة إلى المدارس في القطاعين العام والخاص، قبيل أو بعيد عيد العمل أمريكيا، الذي صادفت عطلته الرسمية -الإثنين- يوم عودتي من وطني (الأول) الأم إلى بلدي (الثاني) الوطن..
في حياة الناس وأغلاها -وهي حياة فلذات الكبد من الأبناء والأحفاد- ما من يوم أحلى من يوم العودة إلى المدارس سوى يوم التخرّج. الفرحة واحدة ولا فرق في الأولويات سوى في بعض الماركات التجارية للقرطاسية والتي صارت عالمية إما صنعت في الصين! وإما في أمريكا أو الأردن. حرصت خلال حجي السنوي إلى الوطن المفدى على زيارة مكتبتين من أيقونات عمّان الحبيبة، «مكتبة فراس» في كنف مدرستي كلية تراسنطة الرابضة على قمة جبل الياسمين، جبل اللويبدة، و»مكتبة الاستقلال» درة أسواق الصويفية قرب إحدى الصروح الإعلامية التي تشرفت بالخدمة فيها كعمل إضافي قبل ربع قرن تحت جناح المنتج الإعلامي الأردني الفذ الراحل عدنان العواملة، رحمة الله عليه.
حصيلة ما تعلمته وعرفته كأردني وكأمريكي أن الاستقلال عمل حجر الزاوية فيه التربية أولا والتعليم ثانيا.. ولهذا حرصت على التزود بقرطاسية العام الجديد من مكتبتي «فراس» و»الاستقلال» كهدايا مدّخرة للأحفاد، فقد تخرج أبنائي جميعا ولا حاجة لهم بقرطاسية المدارس، لكنهم نالوا من الحظ جانبا، فمما حملته معي -ولم يخضع للجمارك- من الأردن الحبيب إلى الحبيبة أمريكا، قرطاسية أردنية خالصة ممهورة ب «صنع في الأردن» تضفي نعما وبركات على مكاتبهم..
ــ الدستور