الأخبار

د. بسام الساكت : العسلُ الْمُرْ وتحدِّي الأضداد

د. بسام الساكت : العسلُ الْمُرْ وتحدِّي الأضداد
أخبارنا :  

الأردن قويٌ، ويزداد قوة بالتحرك والتواصل الدولي ومع إخوته العرب، فهُوَ، وَهُمْ، به اقوياء، كما انه قوي مع اي ترابط دولي قوي، يخدم مصالحه، يستند اليه ماديا وتقنيا وأمنيا. فلا منعة مستمرة في عالمنا المصلحيّ، لأية دولة وحدها، حتى أميركا، فالأردن وطن قوي بإدارات حكومية مُهابَة مؤسساتها مستقلة، لا تخرج عن دورها المهني، تحمي المواطن وتُعْلي الدستور والتشريع؛ ولديها رؤية اقتصادية واجتماعية واضحة. والبلاد ومنذ نشأتها، تدرك حجمها وعجوزات مواردها "المكتشفة" لا "الضمنية". هي محصَّنة بشعبها وولاة الأمر الأعْلَوْنْ، واتساع أُفُق "منهجها الداخلي" ، الحامي للإرث الإنساني والروحي، ومقدساته، وفق "رسالة محبة وتناغم سكاني اهلي"؛ إخوة عرب مسلمين ومسيحيين. إنّه وطن يحيكه التناغم والوقوف المهيب "للجميع " على الحدود. وشهادة القرآن الكريم تنص:، ولتجدنَّ أقربهم مودةً للذين آمنوا، الذين قالوا إنّا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً، وأنهم لا يستكبرون" سورة المائدة 82. وطننا مؤمن بالتعاون الدولي محافظ على مواقف ترابطية عربية ودولية. فلا قطيعة ولا حتى مع الخصوم. ذلك إعلاء لوتيرة نهضته الاقتصادية والسياسية وحفظاً لدوره الوطني والإقليمي. ذلك حصاد نافع".

ويجابه الوطن تحديات، أكبرها: احتلال الضفة الغربية، الذي أُسْقِطَتْ عنه الأقنعة، بعد حربه على غزة. فلم يعد يسوّقُ نفسه "كضحية" "امام العالم والأجيال الشابة" في شوارعه وجامعاته، بل انكشف انه "حامية" عابرة، فاجأت اتباعها، "ولربما" توقِظهم من غفلتهم- أولئك في المحتل من فلسطين وفي العالم!! وكان للأردن بتواصله ومصداقيته، وبإجماع عربي وأممي، الدور النافذ في تعرية إدارة المحتل ونهجه غير الإنساني. كما ما زال الأكبر في إسناده للاهل في غزة والضفة من فلسطين- تثبيتا لمكوِّنة الديمغرافي والإرث التاريخيّ والروحي، عرباً، مسلمين ومسيحيين، منسجما بذلك مع نهجه في الحكم في الأردن. هو حافظ، ليس لمبانٍ مقدسة، بل حافظ لتراثٍ أصيل وتجسيد لعيش مشترك هو عمق الرعاية الهاشمية ورسالة نبيلة يحملها، رغم تحدي الأضداد. ولا يضيرنا من يعيب علينا قلّةٌ من "قصيري الرؤية".

وأجد ان موسم أعياد الميلاد المجيد الان، أجده "فرصة خصبة" لاخوتنا الفلسطينيين المسلمين وبالأخص المسيحيين منهم، يجب استثمارها إعلاميا، "خدمة لاستقرار مُكَوِّنَهم الديمغرافي" العربي في الضفة وغزة وفي لبنان والعراق والشرق الأوسط. ذلك المُكَوِّن المتناقص، الذي وصل حدَّ الخطورة يشعر بها الملك ومسَّت عقيدته ونهجه ودوره التاريخي المقدس. لقد انخفض المكوِّن المسيحي في فلسطين في 2015 من 2.5% الى 1%_ وفي غزة الى 0.1%; وكذلك في بلدان الإقليم بفعل سياسة المحتل الطارده للناس والمستثمرين! بل ان عبء الاحتلال من توسّع ومصادرة الارض والمعيشة غير الآمنه وتسهيله الذاتي المُبرمج مع آخرين، لمن يغادر، من قِبَلِ جهات ضالة او مضللة، تسهم كلها في تسرُّبٍ ديمغرافي خطر. قد يبدو للمغادر ومانح سمات الدخول تسهيلا وتخفيفا للناس، بل يصب ذلك في سياسة المحتل - إنه "إحلال وعسل مسموم!".

وأجد مناسبا لو رُفِعَتْ في غزة وفلسطين اليوم "لافتات" موجهة لمقدمي المساعدات، تنص على "شكر للعون الغذائي، ونداء لوقف تصدير القنابل والسلاح الذي يلقى عليها من معونات قدمها المانحون لإسرائيل! لافتات بالتأكيد، إن رفعها الفلسطينيون و الغزِّيون بمختلف ملَلِهِم امام بيوتهم المهدمة، احتفالاً بميلاد سيدنا المسيح رسول المحبة والسلام، ستثمر حصادا طيبا، في ضوء تركيز الإعلام الغربي والعالم على عيد الميلاد. ومني تهانٍ ب"عيد مجيد لاخوتنا أهلنا، وجزء أصيل من هويتنا وتاريخنا المشترك.

مواضيع قد تهمك