محمد رسول الطراونة : الصحة والخدمات الطبية الملكية: خطوة تنظيم ... إلى الأمام سر
في خطوة تعكس التزاماً قوياً بتنظيم القطاع الصحي وتسريع وتيرة الإصلاحات، قام معالي وزير الصحة بزيارة الى مدير عام الخدمات الطبية الملكية خارج الإطار البروتوكولي المعتاد تماماً. عادةً، يجري المدير الزيارة ، لكن هذه المرة كانت الزيارة مبادرة من الوزير نفسه، وهي تسجل لمعالي ابو عمر ، مما يبرز الاهتمام الاستثنائي بكافة مكونات القطاع الصحي ويفتح آفاقاً جديدة وإبداعية للتعاون المباشر بين القطاعين. هذه الزيارة غير التقليدية تمثل خطوة هامة نحو ترتيب القطاع الصحي المشتت، وخطوة نحو تعزيز تكامل الخدمات الصحية المقدمة للمرضى، وسعي نحو تعميق الشراكة بين القطاعات الصحية المختلفة لتحقيق كفاءة أعلى وجودة أفضل، زيارة تؤكد بان الوزير هو حقا وزير للصحة في المملكة ومسؤول عن الصحة فيها وليس فقط لوزارة الصحة .
أبرزت الزيارة أولوية الصحة في أجندة الحكومة، من خلال المتابعة الميدانية المباشرة لأوضاع المؤسسات الصحية والاستماع إلى التحديات التي يواجهها العاملون والمستفيدون،كما ستساهم الزيارة في توحيد الرؤى بين القيادات الصحية في مختلف القطاعات الصحية، مما يذلل العقبات الإدارية ويسرع مسيرة التطوير الشامل. الزيارة قد تفتح آفاقاً للتعاون المشترك لتقليل التكرار في الخدمات المقدمة، خطوة نحو ترشيد الإنفاق، والحفاظ على خدمات ذات جودة عالية، مع التركيز على الاستجابة السريعة لرؤية جلالة الملك بعد زيارته التاريخية لمستشفى البشير،فالزيارة ليست مجرد لقاء، بل بداية لتحول حقيقي يعيد ترتيب أولويات القطاع.
ستكون الزيارة خطوة هامة نحو التنظيم الشامل للقطاع الصحي في المملكة وفقا لاطار خطة التحديث الاقتصادي ، التنظيم الذي يهدف إلى تحسين كفاءة الإنفاق عبر تحسين آليات الشراء الموحد والتوريد الممنهج، والتفاوض الجماعي على أسعار الأدوية والمستلزمات الطبية، مما يوفر موارد هائلة لتطوير الخدمات، التنظيم الذي يركز على تطبيق معايير جودة موحدة في جميع المؤسسات العامة والخاصة، التنظيم الذي يسعى الى تعزيز الطب الوقائي لخفض معدلات الإصابة بالأمراض غير السارية ( المزمنة ) من خلال برامج توعوية وتحصينية فعالة،التنظيم بهدف تطوير البنية التحتية، خاصة في المناطق النائية ، حيث يُعد القطاع الصحي ركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية، إذ تساهم الصحة الجيدة في زيادة الإنتاجية،وتخفيف الأعباء المالية الناتجة عن الأمراض المرتبطة بنمط الحياة.
بعد الزيارة ، همس في أذني ( وشوشني)أحد الزملاء وأعلمني بأن من أبرز محاور الزيارة، التأكيد على تعزيز التعاون في تدريب الكوادر الطبية، خاصة على الإجراءات الطبية الدقيقة والمتقدمة غير المتوفرة حالياً ليس فقط في وزارة الصحة بل في العديد من المؤسسات الصحية من خلال إنشاء برامج تدريبية مشتركة تركز على التقنيات الجراحية الدقيقة، التشخيص المتقدم باستخدام الذكاء الاصطناعي، والعلاجات الدقيقة للأمراض النادرة، بالإضافة إلى تدريبات في غرف العمليات المتخصصة ووحدات العناية المركزة.
آمل أن يهدف هذا التعاون إلى سد الفجوات في الكفاءات، من خلال:تبادل الخبرات عبر منصات رقمية لمشاركة الحالات السريرية المعقدة والحلول الناجحة، تنظيم برامج زمالة وتدريب ميداني مشترك، وقد يكون من خلال استقدام خبراء دوليين لاجراء تدريب محلي مكثف، مع خطط لتوطين هذه المهارات تدريجياً.هذه الجهود ستضمن توافر كوادر طبية ماهرة قادرة على التعامل مع التحديات الطبية الحديثة، مما يعزز الثقة في النظام الصحي.
انا واثق بان الرجلين ( معالي البدور و الباشا الحموري ) قد ناقشا سبل النهوض الشامل بقطاع الصحة ، نحو مستقبل صحي مستدام، مستقبل أفضل، يعتمد النهوض بالخدمات الصحية من خلال رؤية استراتيجية متكاملة تشمل التحول الرقمي للسجلات الصحية وتطبيق الصحة الإلكترونية لتحسين تدفق المعلومات، واللامركزية في إدارة الخدمات مع الحفاظ على معايير جودة موحدة ،النهوض الذي يتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتوسيع نطاق الخدمات مع ضمان العدالة في الوصول، النهوض الذي يركز على الاستثمار في الكوادر البشرية من خلال تحسين ظروف العمل وبرامج التدريب المستمر.
خلاصة الكلام ، هذه الزيارة تبشر بقفزة نوعية، مدعومة بروح التعاون الوطني والاستجابة السريعة للرؤية الملكية، لتحقيق نظام صحي فعال يواجه التحديات الحالية والمستقبلية، ويساهم في رفاه المواطن وازدهار الوطن.
- أمين عام المجلس الصحي العالي السابق