د. زيد القلاب : القصة ليست كرة… بل حكاية وطن
مرآة الانتماء وتلاحم القيادة والشعب
لم يكن الإنجاز الذي حققه المنتخب الوطني الأردني مجرد انتصار رياضي عابر، بل شكّل حالة وطنية جامعة جسّدت فرحة الأردنيين ووقفتهم الموحّدة، شعبًا وقيادة، شيبًا وشبابًا، نساءً وأطفالًا، خلف منتخبهم بهتاف واحد ونبض واحد. صورة وطنية ناطقة بعمق الانتماء لهذا البلد، الصغير بمساحته، الكبير بشعبه، الراسخ بإرادته وإنجازاته.
لقد تجاوزت كرة القدم في هذا المشهد حدود اللعبة، لتغدو رمزًا ورسالة تعبّر عن تطلعات الشعوب، وتعكس وعيها وثقافتها ومستوى تماسكها. فالقصة ليست كرة تتدحرج على المستطيل الأخضر، بل هي آمال شعب، وهوية وطن، وطموح شباب، وإرادة إنجاز. إنها حكاية تختزل تاريخًا وانتماءً، وتعكس أخلاقًا وقيمًا وثقافةً وطنيةً أصيلة، حملها اللاعبون بأدائهم وسلوكهم قبل نتائجهم.
وتحدثت قلوب الأردنيين قبل ألسنتهم عقب إنجاز "النشامى” في لقاء الأشقاء ضمن بطولة كروية جمعت الشعوب العربية على المحبة والوئام. وفي ظل ما تمرّ به منطقتنا من تحديات ومحن، بدت هذه اللحظة الرياضية مساحة أمل وفرح، وفرصة للتقارب بين الشعوب العربية، التي ما زالت تتطلع إلى السلام والاستقرار والخروج من دوائر الإحباط نحو آفاق أرحب من الحياة والعمل والإنجاز.
وقد عكس الحضور والدعم الهاشمي المتواصل هذا التلاحم الوطني الأصيل، من خلال وجود سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، إلى جانب سمو الأمير علي بن الحسين وسمو الأمير هاشم بن عبدالله، بين أفراد المنتخب الوطني، تشجيعًا ومساندةً وثقةً بقدرة أبناء الوطن على تحقيق الإنجاز. وهو حضور يؤكد عمق العلاقة بين القيادة والشعب، ويجسّد صورة الأردن كعائلة واحدة متماسكة، تفرح بقلب واحد، وتلتف حول أهدافها الوطنية بروح مسؤولة وإيجابية.
إن ما تحقق يتجاوز حدود المنافسة الرياضية، ليقدّم نموذجًا وطنيًا في الانتماء والعطاء، ويؤكد أن الرياضة، حين تتكئ على القيم والهوية، تصبح رسالة وطنية جامعة، تعزز الثقة بالمستقبل، وتكرّس الفخر بالأردن وبأبنائه.
حفظ الله الأردن وطنًا وقيادةً وشعبًا، وكتب له دوام التقدم والازدهار، ومزيدًا من الفرح والإنجاز.