الأخبار

رمزي الغزوي : الموت عملاً

رمزي الغزوي : الموت عملاً
أخبارنا :  

قبل أيام أثارت رئيسة وزراء اليابان، ساناي تاكايتشي، الجدل بعد إعلانها أنها تكتفي بساعتين إلى أربع ساعات من النوم ليلًا؛ ما أثار مخاوف بشأن تأثير ذلك في صحتها وقدرتها على تحقيق توازن بين العمل والحياة.
فمن المعروف أن اليابانيين ربما يكونون أكثر شعوب العالم اجتهادا في العمل، فهم ينامون ساعات أقل ويعملون ساعات أكثر من أي شعب آخر، كما أن ثقافة العمل لديهم صارمة ومتزمتة إلى حد أنها انتجت مصطلحا باللغة اليابانية يصف تلك الحالة وهو «كاروشي» ويعني حرفيا «أعمل حتى الموت».
فاليابان، التي تحقق معدلات عمل تكاد تصل إلى 2000 ساعة لكل عامل في السنة، ما زالت تشهد حالات موت عديدة بسبب الإفراط في العمل الجاد المضني المرضي الشغفي، ولربما هذا هو السبب الذي جعل اليابانيين يستهجنون قلة نوم رئيسة وزرائهم المجدة الجديدة التي تتخذ من رئيسة وزراء المملكة المتحدة مارغريت تاتشر قدوة لها، رغم أن الأخيرة كانت تأخذ حقها في النوم.
لا أريد أن أعرج على أن اليابان خرجت مكسورة مذلولة من الحرب العالمية الثانية، ثم نهضت ووصلت إلى ما هي عليه الآن من تقدم بفعل ذلك الكاروشي، لكني أريد الإشارة إلى مهزلة حساب عدد الساعات الفعلية المنتجة «المؤثرة» في الدول النامية، فثمة تقارير تفيد أنَّ المعدل العام لتلك الساعات عند موظفهم العام يتراوح بين ساعة واحدة إلى ثلاث ساعات ونصف، من أصل سبع ساعات مطلوبة منه فعليا.
إذا كان اليابانيون يموتون بالكاروشي؛ فمن باب أولى أن تصحو تلك الدول المخدرة بكسلها، الغارقة في فقرها، والمتدثرة بقلة زفرها، أن تنهض وتشرع في حياة كاروشي عكسي يتمثل في حب العمل قبل أي شيء، كي لا نقول الموت بسببه. هي تحتاج أن تموت عشقاً وتفانيا وإخلاصاً في عملها؛ علها تسحب نفسها من وحل بليغ يبتلعها. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك