كمال زكارنة يكتب : قرار مجلس الامن الدولي 2803 بشأن غزة.
كمال زكارنة.
تبنى مجلس الامن الدولي فجر اليوم، مشروع القرار الامريكي بالاغلبية وامتناع روسيا والصين عن التصويت،وحمل القرار الرقم 2803،وجاء التصويت على القرار الذي تم اعداده بتنسيق عربي اسلامي امريكي ،بعد تعديله ثلاث مرات .
هذا القرار لا يشكل حلا للصراع الفلسطيني الاسرائيلي ،ولا ينهي الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية ،وانما يمكن النظر اليه على انه وسيلة للخروج من الازمة في قطاع غزة، والوقوف على اطرافها او حوافها ،والبناء عليه عبر المفاوضات والجهد السياسي والدبلوماسي لاحقا.
القرار تضمن ايجابيات وسلبيات ،وهذا امر طبيعي ،اذ لا يمكن ان تقفز السياسة الامريكية في الشرق الاوسط ،مرة واحدة الى اعلى السلم ولا يمكن لاحد ان يتوقع ذلك،لكن ربما تكون المرة الاولى التي يتزحزح فيها الموقف الامريكي ،عن التأييد المطلق والمغلق لاسرائيل في مجلس الامن الدولي ،ويتبنى قرارا فيه بعض الايجابيات لصالح القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ،اهمها تضمين القرار الانفتاح على مسار سياسي يفضي الى حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني والى اقامة الدولة الفلسطينية ،ويربط ذلك باتخاذ السلطة الوطنية الفلسطينية الاصلاحات اللازمة والمطلوبة .
الايجابيات الاخرى في القرار ،وقف دائم للحرب واعادة الاعمار في قطاع غزة وادخال المساعدات الانسانية وانسحاب جيش الاحتلال ،ورفض التهجير والضم واستمرار الاحتلال ،وفتح المعابر بمعنى انهاء الحصار على قطاع غزة .
النقاط الخطيرة والملغمة التي تضمنها القرار ،مجلس السلام الذي سيقود المرحلة القادمة في قطاع غزة لمدة سنتين ،واعضاء هذا المجلس وصلاحياتهم ودورهم وجنسياتهم ،وكذلك القوة الدولية ودورها وواجباتها ووظائفها في القطاع وجنسياتها وعدد افرادها ومرجعيتها .
القرار لا يشير الى اي دور فلسطيني في قطاع غزة خلال العامين المقبلين ،مدة مجلس السلام المقترح،والقابلة للتمديد.
السؤال المطروح دائما،مقابل كل هذا السلخ للضحية الفلسطينية ،ماذا سيقدم الجلاد المجرم المحتل الاسرائيلي للشعب الفلسطيني.
على الجانب الفلسطيني ان ينتزع دورا رئيسيا ومركزيا في ادارة القطاع خلال المرحلة القادمة ،وان لا يسمح باستبعاده واقصاءه عن المشهد في قطاع غزة ،اداريا وسياسيا وامنيا .
تطبيق االقرار يجب ان يبدأ بالزام اسرائيل بوقف عدوانها الذي ما يزال مستمرا على قطاع غزة ،والسماح بعودة الحياة الى طبيعتها ،بادخال المساعدات المختلفة وبكميات كافية ،وفتح جميع المعابر بحرية، وانسحاب جيش الاحتلال بالكامل من القطاع ،ومباشرة اعادة الاعمار .
مجلس السلام المقترح والقوة الدولية ،تعتبران المحطتان الاكثر خطورة في القرار 2803،وتغييب الجانب الفلسطيني عن المشهد في قطاع غزة ،يزيد من خطورتهما ،لانه يجعل من مجلس السلام مجلسا وحكما عسكريا ،ومن القوة الدولية قوة احتلال جديد لقطاع غزة .
آليات وسيناريوهات تنفيذ القرار، تعتمد على المواقف الفلسطينية والعربية والاسلامية والدولية ،فهو يفتح الابواب على عدة مآلات ،اما الانطلاق نحو مسار الدولة الفلسطينية وترسيخها وتجسيدها على الارض ،او تجريد قطاع غزة من المقاومة والهوية الوطنية الفلسطينية ،ووضغه تحت وصاية دولية دائمة.