الأخبار

د. مصطفى العدوان : التعليم العالي والاستراتيجية الوطنية للتشغيل

د. مصطفى العدوان : التعليم العالي والاستراتيجية الوطنية للتشغيل
أخبارنا :  

لا يختلف اثنان على أهمية التشغيل في الحد من مشكلتي البطالة والفقر ودور القطاع الخاص في ذلك، ولا على دور التعليم العالي في توفير الموارد البشرية المناسبة ومدى انسجامهم مع متطلبات التشغيل محليا وخارجيا. لكن ضعف الترابط بين الجهات التي تدير قطاع التعليم العالي والتعليم التقني والتدريب وقطاعات التشغيل على مستوى السياسات والإستراتيجات انعكس بدوره على كفاءة الموارد البشرية التي يحتاجها سوق العمل وتوفرها. وكما أكد سمو الامير الحسن في لقائة الصناعيين ورؤساء الجامعات في مدينة الحسن وجامعة اليرموك أصبح من الضروري ربط الشركات الصناعية بالجامعات وبما يسهم في تطوير المهارات التقنية ورفع كفاءة مخرجات التعليم العالي لخدمة الاقتصاد الوطني ودعم التنمية المستدامة. فتجسير العلاقة بين الجانب الاكاديمي وقطاع الصناعة كفيل بتحقيق التكامل بين احتياجات سوق العمل وبين التعليم والبحث العلمي.

إن ضعف مشاركة ممثلي القطاعات الانتاجية المختلفة وخاصة الصناعية، ومحدودية الموارد المالية المتاحة لقطاع التعليم العالي خاصة في الجامعات الحكومية التي تعاني من عجز مالي مزمن انعكست بدورها على مستوى الأداء. فمنظومة التعليم والتدريب المهني والتقني في الجامعات العامة والخاصة على حد سواء بحاجة ماسة للعديد من الإجراءات لتوسيع هذه الشريحة وتجويد مخرجاتها وربطها بكفاءة مع برامج التشغيل والتدريب. كذلك تطوير وإستحداث البرامج والتخصصات وفق إحتياجات أصحاب العمل، وحث الجامعات على بناء البرامج التدريبية والتعليمية خاصة في المجالات التقنية والمهنية بما يتلاءم واحتياجات سوق العمل المتغيرة.

ونظرا لكون القطاع الخاص هو المحرك الاساس للتشغيل، وبالنتيجة تخفيض نسب البطالة والفقر، فقد يكون من المناسب وضع تشريعات محفزة للقطاع الخاص تدفعه للاستثمار في التدريب والتعليم المهني والتقني والتشغيل. ومن المناسب أيضا إشراكه في وضع سياسات التعليم والتدريب والمساهمة في تطوير التدريب والتعليم المهني والتقني والإستثمار فيه. إذ يتضح للمطلعين أن مستوى الرضا العام عن أداء القطاع العام والقطاع الخاص منفردين أقل من المستوى المطلوب، الأمر الذي يتطلب التنسيق المستمر بين المرجعيات الناظمة لعمل تلك القطاعات على مستوى السياسات والإستراتيجيات العامة، ومعالجة محدودية الموارد المالية المستثمرة في التدريب والتعليم مما يتطلب زيادة المخصصات المالية المحلية، أو التوجه للجهات المانحة والداعمة الدولية المهتمة بالتشغيل والتدريب المهني والتقني في مجال التسهيلات والمعدات التدريبية والتعليمية والتكنولوجية.

كما أن الحاجة ماسة لتحسين قدرات وزارة العمل وهيئة الخدمة المدنية على توفير المعلومات للباحثين عن العمل وايجاد مصدر معلومات متكامل يغطي جانبي العرض والطلب في التخصصات والمهارات المطلوبة،ويتيح لكافة الأطراف الإطلاع عليه بهدف تطوير الخطط والبرامج التي تتناسب مع احتياجات السوق المحلي والخارجي،ورفع كفاءة الباحثين عن عمل بما يتواءم مع متطلبات سوق العمل المتجددة، مقابل التخفيض التدريجي والانتقائي من العمالة الوافدة. إذ أن تطوير استراتيجيات التعليم والتدريب يتطلب التركيز على تطوير المهارات ونقل المعرفة بين المؤسسات الأكاديمية والشركات، وتبني أنظمة تعليمية وتدريبية منسجمة مع متطلبات الاختصاصات التقنية والمهنية الجديدة. وقبل ذلك وضع سياسات تشجيعية للطلبة لالحاقهم بشكل أوسع بالتخصصات المطلوبة لقطاعات التشغيل المختلفة.

كذلك التركيز على تطوير ودعم القطاعات الاقتصادية الواعدة من خلال التركيز على الاقتصاد المعرفي (Knowledge-based Economy)، وتلك التي تشهد تطوراً في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتوطينها في المناطق الاقل دخلا وتنمية، وبناء إستراتيجية لتطوير وتحسين مهارات أبنائها الباحثين عن عمل. فمن الافضل تضييق الفجوة بين المجتمعات المحلية في مناطق الريف والمدن، وربط برامج التعليم والتدريب باحتياجات التنمية المحلية في المناطق الأقل دخلاً وتنميةً. الأمر الذي يتطلب التوسع في تنمية فرص العمل فيها. فتحفيز النشاط الاقتصادي خارج المدن الكبرى يتطلب شروطا تفضيلية في جوانب التخطيط والتمويل وإزالة العوائق التي تحول دون تنقل العاملين من مناطق سكناهم إلى مكان العمل (Regional Mobility) من خلال المساهمة في دعم تكاليف السكن وتوفير وسائل نقل مدعومة لتمكين أفراد المجتمعات البعيدة جغرافياً من الالتحاق بعملهم في المناطق التي تتركز فيها فرص العمل المستحدثة.

مواضيع قد تهمك