الأخبار

أ. د. ابراهيم الكردي : الملك عبدالله الثاني وفتح آفاق آسيا السياحية أمام الأردن

أ. د. ابراهيم الكردي : الملك عبدالله الثاني وفتح آفاق آسيا السياحية أمام الأردن
أخبارنا :  

تمثل الزيارات الملكية التي يقوم بها جلالة الملك عبدالله الثاني إلى دول قارة آسيا أحد أبرز ملامح الدبلوماسية الأردنية الحديثة، إذ شكلت جسراً متيناً فتح للأردن آفاقاً جديدة في واحدة من أهم القارات نمواً وتأثيراً في السياحة العالمية، ومن خلال حضوره الفاعل ولقاءاته المكثفة مع قادة وصناع القرار في اليابان، إندونيسيا، فيتنام، سنغافورة، باكستان، وغيرها من الدول الآسيوية، استطاع جلالته أن يعزز مكانة الأردن كوجهة سياحية آمنة وغنية بالتراث والتنوع الطبيعي والديني.

لقد أتاحت هذه الزيارات مساحة واسعة لعرض ما يمتلكه الأردن من كنوز سياحية فريدة، بدءاً من البتراء المصنفة كأحد عجائب الدنيا السبع، ووادي رم بسمائه النقية وكثبانه الرائعة، وصولاً إلى البحر الميت وموقع معمودية السيد المسيح والمواقع الإسلامية التي تمنح الأردن هوية روحية عالمية،وفي كل محطة آسيوية كان جلالة الملك يشدد على الرسالة الحضارية التي يحملها الأردن، وعلى قدرته على استقبال الزوار من مختلف الثقافات وتقديم تجارب أصيلة تجمع بين الحداثة والأصالة.

كما أسهمت الزيارات الملكية في تعزيز التعاون مع الدول الآسيوية في مجالات السياحة الدينية، ولا سيما مع الدول ذات الأكثرية المسلمة مثل إندونيسيا وماليزيا وباكستان، حيث يشكل الأردن امتداداً روحياً مهماً للأمة الإسلامية، وقد فتحت هذه اللقاءات الباب لتطوير برامج حج وعمرة برية وجوية تشمل زيارة المواقع الدينية في الأردن، الأمر الذي يسهم في زيادة أعداد السياح وتنويع الأسواق السياحية.

من جانب آخر، وفرت الزيارات الملكية منصة مهمة لجذب الاستثمارات الآسيوية إلى القطاع السياحي الأردني، وذلك من خلال لقاءات جلالته مع كبريات الشركات والمستثمرين في مجالات التكنولوجيا الفندقية، والنقل والسياحة العلاجية، والبنية التحتية، وتعد دول شرق آسيا من أبرز مصادر الاستثمارات العالمية، وقد شكلت جولات الملك فرصة لعرض جدوى الاستثمار في الأردن وتأكيد بيئة الأعمال المستقرة فيه، إلى جانب تسليط الضوء على فرص تطوير المنتجعات، والفنادق، والمشاريع السياحية الكبرى.

ولأن آسيا تعد من أكثر المناطق نمواً في حركة السفر العالمية، فقد شكّلت الزيارات الملكية أداة فعالة لفتح أسواق سياحية جديدة أمام الأردن، فقد ارتفعت أعداد السياح من شرق آسيا خلال السنوات الماضية، مدفوعة بالوعي المتزايد بهذه الوجهة الفريدة، وكذلك بالرحلات الجوية المباشرة التي تم إطلاقها بفضل التعاون الدبلوماسي والتفاوضي الذي قاده جلالة الملك، وأسهم هذا التوسع في تنويع مصادر الدخل السياحي وتقليل الاعتماد على الأسواق التقليدية.

كما أكدت الزيارات الملكية على أهمية تعزيز التعاون في المجالات الترويجية بين الأردن ودول آسيا، الأمر الذي انعكس في حملات مشتركة أطلقتها هيئة تنشيط السياحة الأردنية بالتنسيق مع شركاء آسيويين، وقد ساعد ذلك على بناء صورة إيجابية متنامية للأردن في الإعلام الآسيوي، بوصفه دولة آمنة ومستقرة تجمع بين الجمال الطبيعي، والعمق التاريخي، والضيافة العربية.

وتأتي الزيارات الملكية إلى آسيا أيضاً في سياق رؤية شمولية لتعزيز مكانة الأردن على الساحة الدولية، حيث يحرص جلالة الملك على توظيف الدبلوماسية الاقتصادية والسياحية لفتح قنوات جديدة مع دول تمتلك كثافة سكانية ضخمة وطبقات وسطى نشطة في السفر والسياحة، وقد أثمرت هذه السياسة عن بناء جسور ثقة مع حكومات وشعوب تلك الدول، الأمر الذي أسهم في تعزيز صورة الأردن كدولة مستقرة تحترم العيش المشترك وتحتضن أقدم الحضارات الإنسانية، مما يجعله وجهة جذابة للسياح الباحثين عن الأصالة والطمأنينة.

ولا يمكن إغفال الدور الإعلامي الواسع الذي تحققه هذه الزيارات، إذ تحظى تغطيتها بحضور كبير في وسائل الإعلام الآسيوية، ما يوسع من انتشار الأردن في منصات وقنوات لم يكن يصل إليها سابقاً، وتسهم هذه التغطيات في إبراز المواقع الأردنية المدرجة على لائحة التراث العالمي لليونسكو، وتعريف الجمهور الآسيوي بأجواء السياحة الأردنية وأنماطها المتعددة من سياحة المغامرة إلى السياحة البيئية، وهو ما يعزز من حضور الأردن في المنافسة السياحية الإقليمية والعالمية.

وفي المحصلة، يمكن القول إن جلالة الملك عبدالله الثاني استطاع عبر دبلوماسيته الهادئة والفاعلة أن يفتح للأردن أبواب آسيا السياحية على مصراعيها، فالزيارات الملكية لم تكن مجرد بروتوكول سياسي، بل مشروع استراتيجي متكامل عزز من مكانة الأردن على الخارطة السياحية الدولية، وأطلق مرحلة جديدة من التعاون والاستثمار والتنمية، ومع استمرار هذا النهج، يبقى الأردن ماضياً بثقة نحو المستقبل، فاتحاً آفاقاً أوسع لتعزيز حضوره السياحي في الشرق، وراسخاً دوره كوجهة عالمية تجمع بين الأصالة والحداثة.

مواضيع قد تهمك